الضفادع والعقارب تجتاح لبنان والشرق الأوسط وربّما العالم
الدكتور نسيم الخوري-الحوارنيوز – خاص
نشر زميل أكاديمي على "الواتس أب" نصّاً منقولاً كما قال، عن دورين كايز الكاتبة الأميركيّة في كتابها بعنوان "ضفادع وعقارب". لم ولا تروقني هذه الظاهرة في الكتابة السريعة أو المحادثة "الشاتينغ" السريعة أساساً التي تجتاح العالم لكنّها لفتتني بحثاً عن الضفادع والعقارب عنواناً للسياسة الرائجة اليوم في لبنان بإقتصاده وماله وملفاته ومستقبله الذي يمحو وجود شعب لبناني وغير حزبي فيه أوّلاً وكذلك في الشرق الأوسط كما في علاقات زعماء العالم وسياساتهم حيث تسود حضارة اللسع عبر ضفادع السياسة وعقاربها إلى الحدّ الذي أرى فيه ميكيافلّلي أمير العصور كلّها في كتابه "الأمير" الذي نقله إلى العربيّة زميلي وقريبي المرحوم البروفسور العملاق فاروق عبد العزيز سعد .
صوّبت نصّ زميلي المسطّح الثقافة بالتعليق، من أنّ الكاتبة مولودة في كندا لبنانيّة الأصل وهي ثانياً وللمصادفة إبنة خالتي السيّدة أسماء الخوري المتزوّجة من سعيد الغزّ رحمهما الله المهاجرين من الكفير آخر قريةٍ في الجنوب اللبناني. إن تجاوزتها شرقاً قرب جبل حرمون، دخلت في أرض البقاع على الحدود السورية اللبنانيّة، وثالثاً هي مؤلّفة الكتاب اليتيم الشهير جدّاً بالإنكليزية:" FROGS AND SCORPIONS ، Egypt,Sadat, the Media " أي "ضفادع وعقارب، مصر،السادات، الإعلام" الصادر في أوّل كانون الثاني 1984، والذي ترجمه ونشره مصطفى كمال بتصرّف بعنوان :" ضفادع وعقارب، من الذي قتل السادات ؟ عن أحدى دور النشر في دبي، 1986 معتبراً بخلاصة بأنّ إستخدام أنورالسادات
للإسلاميين ثمَ محاولته التخلّص منهم هو الذي أدّى إلى إغتياله، ورابعاً وهو الأهم أنّ دورين العزيزة قد سلّمها الله وأتضرّع بأن يشفيها ، كانت في عداد المدعوين إلى المنصّة التي إغتيل فوقها وأمامها الرئيس المصري محمد أنور السادات (الساعة ال12 وعشرين دقيقة في 6 تشرين الأوّل /أكتوبر 8119) إذ وقف القناص (حسين عباس) مطلقاً رصاصاته في عنق السادات، بينما صرخ أحدهم ( خالد الإسلامبولي) بالسائق أن يتوقف، لينزل ويلقي قنبلة ليعود برشّاشه إلى المنصّة. كان السادات قد نهض واقفاً بعد إصابته في عنقه وهو يصرخ، بينما إنبطح الحضور وفيهم إبنة خالتي دورين في أسفل كراسيهم فوق أدراج المنصّة. كانت دورين الغز هناك بصفتها الإعلامية مديرة لمكتب ال A.B.C. الأميركي في باريس حيث جمعتنا الغربة الباريسية في الصراء والضرّاء ومجدّداً حول التاريخ الذي دمغ تاريخ العرب وفي وثائقه صدور "الضفادع والعقارب" لدورين التي لم تزر الشرق من ذلك الزمان ولأمسح بدوري جبين العرب بنص من مخطوطة بعنوان "مصر وشعرة معاوية (3)" نشرت في مجلّة المستقبل بباريس التي عملت فيها.
2- تقول القصّة التي لا تموت في توصيف الإنهيارات السياسية الحاصلة في العالم التي تجدها في كلّ مجتمع عربي كبيراً أو صغيراً وتنسب إلى كتاب "كليلة ودمنة" وهناك من ينسبها إلى الأدبيّات الإلمانية دون فهم السبب وهي قصّة شائعة سمعناها من أمّهاتنا وأجدادنا، ويمكن عصرنتها وإحياءها ومصادفتها اليوم على المستويات العلاقات البشرية الفردية والعائلية والإجتماعية والثقافية والإقتصادية والوطنية وخصوصاً السياسية والدولية، بأنّ العقرب الذي إجتاز اليابسة شاء عبور النهر متوسّلاً للضفدع ليحمله على ظهره نحو الضفة الأخرى. ولأنّ الضفدع مسكون بخيانة العقارب بالغريزة رفض طلب العقرب الذي أقسم له بأنّه لن يفعلها. حمله الضفدع لطيبته ونظافة رأسه، وما أن إقتربا من الضفة الأخرى حتّى عاد العقرب إلى طبيعته ولسع الضفدع الذي نظر إليه وهو يلفظ أنفاسه سائلاً: كيف فعلت بي هذا وأنت أعطيتني عهدك والميثاق. ضحك العقرب هامساً بصوتٍ خافت وقد صار فوق اليابسة:
لا تنسى يا صديقي نحن في الشرق الأوسط كما جاء في كتاب دورين.
3- صحيح أنّ العقارب المتزاحمة حالياً في الشرق الأوسط ومثلها طوابير الضفادع تفلش البحر الأبيض المتوسط والشرق العربي والأوسط أمامنا يابسة مفتوحة للمال والسلاح والإرهاب والإجرام والطعن بالظهر على نسق أجيال العقارب المتكاثرة الأحجام والمتنوّعة السموم والمختلفة الأحابيل والأفكار المقيمة والمستوردة والحاملة لمختلف الجنسيات، كما تفلشه أيضاً أنهاراً وبركاً وثقافةً حافلةً بالضفادع التي أدمنت وتدمن النقيق الفارغ طلباً للتغيير والتطوّر والإستقرار لكنّها تألف اللسع والموت فتقتل وترذل إلى قاع المحيطات فتشكّل طبقات ميتة رسوبية رخوة خضراء حلزونية لا جذور لها تعلك موت أجيالها وتراكمه خيباتٍ وهزائم وأخطاء لم تتلقّفها ذراريها فوق سطح الماء بعد، لكنّ الأصحّ أنّني متطلّع من هذا الواقع إلى إبراز الصورة التي حبكت الجذور بيني وبين دورين أنموذجاً نظيفاً ومتواضعاً لحبك الجذور بين العرب أفرداً ودولاً وأنظمةً ونخباً في زمنٍ تبدو فيه العين العالمية تستغرق في الشاشات في مشاهد إحتراق رئة الأرض في غابات الأمازون لتهاجر العقارب والأفاعي في كلّ الإتّجاهات كما تسترق الأسماع في التداعيات الخطيرة لإنفجار الطائرتين الإسرائيليتين من دون طيّار في ضاحية بيروت على سبيل الأمثلة، إذ ملأت العقارب الفضاء، لكن الأصحّ قطعاً الكتابة أنّ الأشجار غالباً ما تتعانق فوق الأرض وتتداخل وتتشابك لتؤلّف ما يعرف بالغابات البكر التي لم تمسّها قدم بشريّة على الإطلاق، لكنها تيبس وتحترق وتترمّد، لكنّ الجذور تبقى بفصائلها تحت التراب في أربطةٍ هائلة وقوية تحمل الأرض إلى الأبد خمائر حياة ما أن يهطل المطر.
*هذا النص أهديه إلى حفيدي فاروق عبد العزيز سعد