الضربات النوويّة وراء التريّث الإيراني(نبيه البرجي)
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه البرجي في صحيفة الديار يقول:
…ومتى لم يكن التاريخ تاريخ البرابرة؟ ومتى لم يكن العالم عالم البرابرة بعدما ضرب الزلزال هايتي ليقضي آلاف الحفاة تحت الأنقاض، توجه أحد الكهنة الى السماء سائلاً «هل حقاً انك فقط اله البرابرة»؟
لن نسأل العرب، وقد يكون السؤال الساذج أو السؤال المنطقي، بل نسأل الايرانيين والأتراك، ما قصد بنيامين نتنياهو حين يعلن الحرب لتغيير الشرق الأوسط، ليعقبه وزير دفاعه يوءاف غالانت بالقول «ضرباتنا لا تفتح الباب على التغيير في لبنان فحسب، وانما في الشرق الأوسط»؟ أما وقد سقطت الأقنعة لنبقى وحدنا في الخنادق أو في القبور، هل يعني ذلك أن المنطقة ستتحول من قهرمانة أميركية الى قهرمانة «اسرائيلية»؟
منذ البداية كنا واثقين، وقلناها بالصوت العالي. لا تركيا بالطربوش العثماني تستطيع تغيير مسار ولو ذبابة في المنطقة، ولا ايران بالايديولوجيا الثورية يمكنها تغيير لحى «الحاخامات». «الاسرائيليون» قالوا «نحن بوسعنا ذلك، وهذا ما بدأناه». بالقنابل الأميركية داسوا جثة الرئيس الأميركي، وتركوا الأميركيين يلهثون وراءهم».
في هذه الحال، ماذا ينتظر لبنان؟ وماذا ينتظر سوريا وايضاً العراق واليمن؟ ونحن نترقب ما يمكن أن يحدث لغزة وللضفة، حين يكون نتنياهو اللاعب الوحيد في الحلبة، وتحت أنظار من كانوا يظنون في أنفسهم سلاطين المنطقة أو أباطرة المنطقة، الا اذا كان صحيحاً ما يتردد من أن هؤلاء وأولئك، يعتمدون «الصبر الاستراتيجي»، وفوق جثثنا، أكنا تحت الأنقاض أم كنا تحت الجسور، ريثما تدق تلك اللحظة التي يدقون بها رأس نتنياهو، هذا اذا بقيت رؤوس على الأكتاف.
نعرف ما هو حجم زعيم «الليكود». لولا الأميركيون لكان يحيى السنوار قد علّق جثته على باب الجحيم. ولطالما أخذنا الأمثلة حول نهاية القوة الهوجاء أو القوة العمياء عبر القرون. الآن، بدأ باحثون أميركيون يرون في الرجل نسخة عن أدولف هتلر، حتى بالمصير الذي آل اليه، وبعدما تبين للباحثين اياهم، أن المنطقة التي قال هيرودوت منذ 2500 عام أنها تقع على خط الزلازل، تشهد تحت السطح تفاعلات زلزالية لا يمكن التكهن بلحظة انفجارها.
لا نستبعد أن يكون الايرانيون على علم بما قاله نتنياهو لرضا بهلوي، نجل الشاه المخلوع محمد رضى بهلوي، لدى زيارته وزوجته ياسمين «اسرائيل» عام 2021: «لسوف تعود على عربة قوروش الى قصر الرخام في مازندران». في نظر القيادة «الاسرائيلية» أن تغيير الوضع الحالي في لبنان، يؤدي حتماً الى تخلخل النظام ومن ثم تقويضه في ايران، بعد سقوط رهاناته الجيوسياسية والجيوستراتيجية، وهو ما بدأ فعلاً باغتيال السيد الشهيد حسن نصرالله. لا ندري ما هو مصير اردوغان في هذه الحال بعد تصريحاته النارية، وان كان لا يزال يحتفظ بعلاقاته التجارية مع الدولة العبرية.
يفترض ألّا نبالغ في تقدير قدرات و “صلاحيات” نتنياهو، وان كان تقليصه للدور الايراني في المنطقة لمصلحة واشنطن، ومع ادراكنا مدى تأثير «اللوبي اليهودي» داخل «الدولة العميقة». ولكن ألا يسأل السناتور بيرني ساندرز اذا كان زعيم «الليكود» «يكتفي بالمشي فوق جثث الفلسطينيين واللبنانيين، أم هو يمشي فوق جثثنا أيضاً»؟ هذا ما كان يفعله أركان الجالية اليهودية في المانيا، قبل أن يرتكب الفوهرر ضد اليهود ما يرتكبه نتنياهو ضدنا.
كلام في الظل على أن آيات الله، ينتظرون ما تأتي به صناديق الاقتراع الأميركية في 5 تشرين الثاني، لكي يقرروا اذا كانوا يغيّرون عقيدتهم النووية، بتسريع عملية انتاج القنبلة (حينها يطلقون الصواريخ على الهيكل) أم يواصلون الصرخات التي تنتهي بالدخول الى ردهة المفاوضات، وان كان ريتشارد هالبروك، تلميذ هنري كيسنجر والمبعوث الأميركي الى البلقان، قد قال «ان دوي القنابل أفضل السبل لفتح البوابة الديبلوماسية».
لا ندري اذا كانت ديبلوماسية أو استراتيجية حائكي السجاد لمصلحة ايران، ولمصلحة المقاومة في لبنان، في ظل الظروف الدولية والاقليمية الراهنة. ولكن الا يسأل حتى أنصار طهران في المنطقة «ألم تكن الظروف اياها حين دعوا، غداة عملية طوفان الأقصى، الى تفجير الجبهات»؟
دونالد ترامب قال «للاسرائيليين» (ولا يعني النفي اللاحق شيئاً) «اضربوا بالنووي الآن، واهتموا بالباقي لاحقاً». هذا ما يتوجس منه آيات الله ويحملهم على التريث، وهذا جوابهم على من يسأل «أين أنتم»…؟ كلنا ننتظر اجابة أكثر دوياً بكثير، بعدما قال مسعود بزشكيان نفسه «ان حزب الله، وقد ترك وحيداً، لا يستطيع بمفرده مواجهة اسرائيل»…