إستثمار و أسواقإقتصاد

الصناديق الاستثمارية وإمكان تطبيقها في لبنان (عماد عكوش)

 

بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز

الصناديق الاستثمارية هي أوعية مالية تُدار بواسطة شركات متخصصة تهدف إلى جمع الأموال من عدد كبير من المستثمرين لاستثمارها في مجموعة متنوعة من الأدوات الاستثمارية مثل الأسهم، السندات، العقارات، أو غيرها. يُعد الهدف الرئيسي منها تحقيق عوائد مالية على المدى القصير أو الطويل مع توزيع المخاطر.

كيف يتم إنشاء الصناديق الاستثمارية؟

لا بد لعملية تأسيس هذا النوع من الصناديق ان يتم من خلال خطوات وركائز أساسية منها :

-     التخطيط المبدئي حيث يتم تحديد الهدف الاستثماري للصندوق (مثل معدلات النمو الممطلوبة ،  او حجم الدخل الثابت ، أو مزيج من الاثنين) ،  وتحديد نوع الأصول التي سيتم الاستثمار بها.

-     التأسيس القانوني حيث يتم من خلاله إعداد النظام الأساسي للصندوق وتسجيله لدى الجهات التنظيمية والرقابية في مكان أنشائه ، ثم الحصول على التراخيص اللازمة وفق قوانين الدولة والمقصود دولة الاقامة والمركز الرئيسي .

-     تعيين مدير الصندوق أو اختيار شركة إدارة مؤهلة ذات خبرة وهذا الامر أساسي لعملية التطوير ، الشفافية ، الحوكمة ، والتأكيد على ضمانة ان تكون الادارة مستقلة تحكمها سياسة الحدود والحوافز .

-      جمع الأموال من خلال تسويق الصندوق بشكل مدروس للمستثمرين وجمع رأس المال الأولي للبدء بعملية اطلاق الصندوق ، على ان تكون عملية الاطلاق علنا” وواضحة وشفافة ، والبدء بالاستثمار من خلال تنفيذ خطة الاستثمار بناءً على السياسات والمعايير الموضوعة من قبل الادارة .

أهم المعايير لإنشاء الصناديق الاستثمارية :

لا بد لأنشاء الصناديق الاستثمارية من التقيد بمعايير محددة مسبقا ومنها :

-     الأهداف الاستثمارية الواضحة حيث انه من المهم جدا” تحديد أهداف الصندوق بشكل واضح وجلي .

-     التوافق مع القوانين واللوائح التنظيمية المحلية الملزمة أضافة الى الاخذ بعين الاعتبار القوانين والمعايير الدولية والتي تعتبر ضرورية للانطلاق بهذا الصندوق الى العالمية .

-     إدارة المخاطر بشكل تمكن من تجنب الكثير من المخاطر أو بالحد الادنى تخفيض حجم الخسائر الى الحد الادنى وذلك من خلال وضع استراتيجيات قصيرة ، متوسطة ، وطويلة الاجل .

-     تنويع الاستثمارات بشكل يؤدي الى تجنب تركيز الأصول في قطاع أو سوق معين وذا الامر يساعد على تجنب الوقوع في سقوط سوق محدد او انهياره الامر الذي ينعكس بشكل كبير على قيمة اصول الصندوق .

-     والامر الاخير هو الشفافية من خلال توفير تقارير دورية للمستثمرين للاطلع على ما يحصل في الاسواق وما يؤثر ذلك على الصندوق وبالتالي تمكنهم من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .  

إدارة الصناديق بعيداً عن المخاطر

للتمكين من ادارة الصندوق بعيدا” عن المخاطر لا بد من الالتزام ببعض المبادئ الاساسية منها :

-     توزيع الاستثمارات على عدة قطاعات جغرافية أو صناعية بحيث اذا حصلت خسائر في قطاع او جغرافية محددة لا تكون الخسائر كبيرة ويمكن تعويضها بقطاعات وجغرافيات أخرى .

-     مراقبة الأسواق المالية وتحليلها باستمرار لاتخاذ قرارات مناسبة لما يمكن ان يحصل ويتناسب مع التوقعات التي يقدمها التحليل المستمر مما يقلل من الخسائر ويزيد من الارباح .

-     استخدام أدوات مالية لتقليل المخاطر وبالتالي تطبيق سياسات التحوط ، مثل العقود الآجلة والتي تضمن شراء او بيع منتجات محددة بتواريخ لاحقة .

-     الاحتفاظ بنسبة من الأصول سائلة لتلبية الاحتياجات الطارئة والتدخل عند الضرورة في السوق خاصة في الحالات التي تشهد تدهور كبير في الاسواق وبالتالي امكانية تعزيز المحافظ ، كما أمكانية اعادة شراء اسهم الصندوق ودعمه في حالة المضاربات الكبيرة .

-     التأكد من الالتزام بالقوانين واللوائح المحلية والدولية للابتعاد عن مواضع الشبهة المحلية والدولية والتي يمكن ان تؤدي الى عقوبات وغرامات ترهق أصول الصندوق وأدارته .

أما بالنسبة لانواع المخاطر التي يمكن ان تواجه الصناديق الاستثمارية فمتعددة لكن أهم هذه المخاطر ما يلي :

-     مخاطر السوق والتي تتضمن التقلبات في أسعار الأصول المالية .

-     مخاطر السيولة والتي يمكن ان تؤدي الى صعوبة في بيع الأصول عند الحاجة.

-     المخاطر الاقتصادية والتي تتناول تأثر الأسواق بالتغيرات الاقتصادية العالمية أو المحلية.

-     مخاطر التشغيل والتي يمكن ان تنتج عن مشاكل في إدارة الصندوق أو البنية التحتية.

-     مخاطر الائتمان والتي يمكن ان تنتج عن عدم قدرة الأطراف المقابلة على الوفاء بالتزاماتها.

التحديات التي تواجه الصناديق الاستثمارية

خلال عمل هذه الصناديق الاستثمارية يمكن ان تواجه الكثير من التحديات ومن أهم هذه التحديات :

-     التغيرات التشريعية او التعديلات القانونية التي يمكن ان تطال عمل هذه الصناديق كعملية تحديث القوانين وبشكل مستمر مما قد يؤثر على سير العمليات .

-     المنافسة في عمل هذه الصناديق وازدياد عدد الصناديق المماثلة في السوق.

-     التقلبات الجيوسياسية التي يمكن ان تحدث في جغرافية معينة مثل الأحداث السياسية او الامنية غير المتوقعة والتي يمكن ان تؤثر على الأسواق وأصول الصناديق .  

-     التكنولوجيا والتي تتسارع عملية التطوير فيها بشكل يمكن ان تصبح بعض المنتجات من السلع المستة او الغير مطلوبة مما يفرض مواكبة التطورات التكنولوجية في الأسواق المالية.

من أهم العوائق التي يمكن ان تواجه القيمين على انشاء هذه الصناديق خاصة في الدول النامية ما يلي :

-     عدم وجود تشريعات مالية شفافة مما يؤدي الى صعوبة تأسيس بيئة قانونية مناسبة.

-     انخفاض الثقة بين الشركاء او بين الادارة والمستثمرين هذا الغياب للثقة بين المستثمرين والمؤسسات سيؤدي حتما” الى الانسحاب من عملية الاستثمار .

-     نقص البنية التحتية المالية بسبب محدودية التكنولوجيا والأنظمة المالية المعتمدة من قبل الصندوق او الدولة الراعية لهذا الصندوق  

-     القيود السياسية والتدخلات الحكومية والتي يمكن ان تعرقل العمليات او عمل هذه الصناديق .

-     ضعف الثقافة الاستثمارية وبالتالي عدم وجود الخلفية الثقافية المطلوبة لعملية التطوير مما يؤدي الى انخفاض وعي المستثمرين بمزايا الصناديق .

ولتجاوز هذه العوائق لا بد من القياكم بحركة اصلاحية كبيرة تتناول ما يلي :

-     إصلاح الأنظمة القانونية من خلال وضع قوانين واضحة تسهل عملية الإنشاء والإدارة.

-     التثقيف المالي عبر زيادة الوعي حول الاستثمار ومزاياه وانشاء معاهد متخصصة لذلك .    

-     تعزيز الشفافية من خلال تقديم تقارير دورية ونظام رقابي قوي ووضع قواعد ومعايير تلزم بهذه الشفافية .

-     تحسين البنية التحتية من خلال تحديث الأنظمة المصرفية والتقنيات المرتبطة.

-     تشجيع الشراكات الدولية من خلال جذب خبرات من الدول المتقدمة لتعزيز الإدارة والتخطيط.

اليوم هناك ثلاث شركات كبرى في العالم تدير أصول تبلغ مجموعها حوالي 24.5 تريليون دولار اميريكي موزعة على الشكل التالي :

-     إجمالي أصول شركة بلاك روك حوالي 11.5 تريليون دولار.

-     إجمالي أصول شركة فانغارد حوالي 8.6 تريليونات دولار.

-     إجمالي أصول شركة ستيت ستريت حوالي 4.2 تريليونات دولار.

شركة بلاك روك

بلاك روك هي واحدة من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم . تأسست بلاك روك عام 1988 ومقرها في مدينة نيويورك ويدريها لاري فينك، وتقدم خدمات الاستثمار وإدارة المخاطر لمجموعة واسعة من العملاء، بما في ذلك الحكومات، والشركات، والمؤسسات، والأفراد. تشتهر الشركة باستخدامها المكثف للتكنولوجيا في إدارة الأصول، لا سيما من خلال منصتها الخاصة المسماة علاء الدين (شبكة استثمار الأصول والخصوم والديون والمشتقات المالية)، والتي تستخدم لإدارة محافظ الاستثمار وتحليل المخاطر.

شركة  فانغارد

 تعد واحدة من أكبر شركات إدارة الاستثمار وأكثرها نفوذا في العالم . تأسست عام 1975 على يد جون بوجل في مدينة مالفيرن بولاية بنسلفانيا وتشتهر بريادتها في مفهوم صناديق المؤشرات منخفضة التكلفة، وهذا أحدث ثورة في كيفية استثمار الأفراد والمؤسسات.

شركة ستيت ستريت

هي شركة أميركية بارزة للخدمات المالية وإدارة الاستثمار ، تأسست عام 1792 ومقرها في بوسطن، ماساتشوستس ، وتعد ستيت ستريت واحدة من أقدم المؤسسات المالية في الولايات المتحدة ، تلعب دورا رئيسا في الأسواق المالية العالمية وتعمل في أكثر من 30 دولة ، وتخدم المستثمرين المؤسسيين مثل صناديق التقاعد والأوقاف الحكومية والصناديق المشتركة وصناديق الثروة السيادية.

في النهاية لبنان يملك الخبرة الكبيرة سواء من خلال مؤسساته او من خلال ثقافة الافراد فيه والتي يمكن الاستفادة منها في عملية البدء بأقرار قوانين تنظيم هذه الصناديق وطرق عملها ، ويمكن ان تكون هذه الصناديق بابا اساسيا من مداخيل لبنان واللبنانيين، ويمكن ان تعزز من الناتج الوطني بحيث تحول بيروت الى مركز مهم من المراكز المالية في العالم وخاصة في المنطقة العربية . الامر يحتاج الى جدية في التعاطي مع هذا الموضوع من قبل الدولة وعلى رأسها الحكومة اللبنانية ،وخاصة في ظل الازمة الاقتصادية والمصرفية التي يعاني منها لبنان .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى