الصراع الأميركي ـ “الإسرائيلي”
الحوارنيوز – صحافة
تحت هذا العنوان كتب نبيه برجي في الديار يقول:
ربما كنا أمام المشهد الأكثر سريالية في الأزمنة الحديثة. “اسرائيل” أقوى من أميركا ليس فقط في الشرق الأوسط، وانما في أميركا أيضاً. ما يزيد في سريالية وغرابة المشهد، أن “اسرائيل” لم تكن لتمتلك هذه القوة لولا الدعم المالي والعسكري والسياسي والاعلامي الأميركي. اذاً، علينا أن ننتظر المفاجآت، أسوأ المفاجآت، ما دامت كرة النار في يد تلك الثلة من المجانين.
الموفدون الدوليون، وآخرهم كان المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، أتوا لتحذيرنا من العواقب الكارثية لتوسيع الحرب. مهما قيل في المنظومة السياسية، وقد فعلت بنا ما فعلت، ثمة رجل دولة استثنائي عندنا، ويدعى نبيه بري. بإصبعه أشار الى الموفدين: اذهبوا الى “تل أبيب” التي وحدها تبغي توسيع الحرب، دون الاكتراث لا بالمصالح الأميركية ولا بمصالح (وعروش) حلفائها العرب. مَن من العرب الآن ضد “اسرائيل”؟
لم يقل الموفدون ما قالوه، لو لم يكونوا واثقين من أن نتنياهو الذي يخوض شخصياً صراع البقاء أو اللابقاء، سيتوجه الى جبهة الشمال حالما يفرغ من جبهة الجنوب التي في نظره أوشكت على الانتهاء. هل لهذا الغبي أن يعرف كيف تكون النهاية؟ الأهم ما بعد النهاية …
ايهود باراك، رئيس الوزراء السابق، وأكثر الجنرالات حصولاً على الأوسمة، قال له “تذكّر لماذا خرجنا من لبنان عام 2000 بعدما راهنّا على أن نبقى هناك الى الأبد”. الخروج من لبنان حدث بفعل ضربات المقاومة، وبعدما كانت توابيت الجنود تعود يومياً الى “أرض الميعاد” التي أرادها تيودور هرتزل أن تكون ملاذا لا مقبرة!
باراك، كرئيس أركان سابق، قال الكلام نفسه لرئيس الأركان الحالي هرتسي ليفي “اياك ولبنان، منذ عام 2006 ونصرالله لم يدع لحظة واحدة تذهب هباء. جهود هائلة على مدار الساعة، لتفعيل الامكانات الميدانية والتقنية واللوجيستية لحزب الله الذي لا ندري ماذا يخبئ لنا إذا انزلقنا الى المواجهة”. لم يجد باراك من مصلحة “لإسرائيل” في حرب الشمال سوى … الانتحار!
بطبيعة الحال، لبنان سيكون كدولة في ذروة الهلهلة أمام كارثة كبرى، وقد يكون أمام مفترق وجودي اذا لاحظنا مدى التبعثر، بل والتفكك الداخلي، وبوجود تلك الأوليغارشيا التي تفتقد أي رؤية استراتيجية في عملية بناء دولة قابلة للحياة، لا الدولة القابلة للانكسار أمام أي هزة في الداخل أو في المحيط .
منذ الاستقلال وحتى الآن، باستثناء أوقات عابرة، ثلاثة عناوين استراتيجية لمن تسلقوا على أكتافنا، ودائماً بالانتقال من وصاية الى وصاية أخرى: الفوضى والفساد والزبائنية. فوق هذا كله، كم يعاني لبنان من أولئك الساسة الذين يتأرجحون بين ثقافة الغباء وثقافة التفاهة؟
ولكن مقابل الكارثة التي تهدد لبنان، أكثر من كارثة تهدد “اسرائيل” كدولة قامت على المنطق الاسبارطي، ان لم نقل على المنطق التلمودي. كل الأهداف الحساسة، سواء كانت عسكرية أم مدنية، تحت مرمى صواريخ المقاومة. في هذه الحال، هل يمكن “للاسرائيليين” الوافدين من أصقاع الأرض، العيش أو التعايش مع الحطام؟
“الاسرائيليون” بالعيون العرجاء، يراهنون على زوال لبنان. كتبوا عن المغارة لا عن الدولة في لبنان، دون أن يروا القبضة الحديدية التي ترفع في وجوههم. جنرالات تحدثوا عن العمى الكامل في الدولة العبرية. 69 % من “الاسرائيليين” يؤيدون الحرب ضد لبنان. هذا ما خرج به استطلاع أجرته صحيفة “اسرائيل اليوم” التي تمولها ميريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون، والصديق الصدوق لبنيامين نتنياهو.
هذا يعني أن الرجل يسند ظهره الى أكثرية مجنونة، ما أثار غضب جدعون ليفي الذي علّق بالقول: “اذاً … كل أبواب المقبرة مفتوحة أمامنا”، محذراً من “مراقصة الحرائق”، بعدما تحدث عن طوفان الدم في غزة، وقد تزامن مع طوفان الخراب.
إذا اندلعت حرب الشمال، أي مستقبل للشرق الأوسط أيها الرئيس جو بايدن، الذي بكلمة منك تستطيع أن تخلع نتنياهو عن عرش داود؟ حتى الآن، وكما رددنا دائماً البطة العرجاء، ما يحمل دافيد اغناثيوس على التساؤل ما رأي البنتاغون المنشغل حالياً في الحرب ضد المجهول، بل وضد المستحيل في اليمن.
الآن انتظار النار على … النار!