“الصديق هوكستاين” المثقل بالوعود (فرح موسى)
بقلم أ.د فرح موسى – الحوارنيوز
يبدو أن المبعوث الأمريكي”هوكستاين”، قد استهوته الصداقة اللبنانية لدرجة أن يكون عاشقًا ووالهًا لرؤية الأصدقاء والمحبين على وقع ضجيج السفن والحاملات الأمريكية في البحار!!
ف”الصديق” حط رحاله في فلسطين المحتلة،وكله أمل أن تكون له إطلالته اللبنانية،بحيث تكون له حفاوة الاستقبال، وسلامة الفهم والاستيعاب أن طعم أمريكا مرّ المذاق، وحر نارها قريب المنال! فهو قادم من خلف غبار غزة،ليدلي بدلو وعيده على أسماع اللبنانيين ،علّهم يتّعظون بما جرى،ويعتبرون بما مضى من السطوة الأمريكية القادمة من حفر البحر الأحمر وباب المندب!!
لقد اعتادت القوى العظمى على أن تستقبل بحفاوة الهزائم،وقذارة الولائم، فإذا بهذه القوى تترّهل أمام هول المصاب،أن إسرائيل في مخاض،ترتد على عقبها،وتسبل على عينها،فيأتي الموفدون برصيد ما ألفوا من قوة السلاح ،ليثقلوا كاهل الشعوب بمفاخر القوة، وعجائب القدرة!
وكان لبنان ملاذاً لهذا الطغيان،ومكانًا لائقاً لهذا الخواء!أما وقد تغيّر الحال، فلم تعد تنفع صداقة المذلة، ولا وعيد ُ السلة،فكل شيء تغيّر عن حاله وفي مآله؛فإذا كانت زيارة المبعوث تشي بالخوف لمن صادقوه،وتثير رعبًا في قلوب مَن بايعوه،فليقدم هذا الرجل مستويًا على طغيانه،ليرى بأم عينه كيف خابت الظنون،وتاهت العقول عن أن تعي ما يقول، إذ لم يبق من الصداقة إلا معنى الزيارة، ومن وهم الخوف والقوة إلا ترجرج العبارة!
نعم،ليأتِ المبعوث بجلباب قوته،ويرمي بوعيده على صخرة مذلته،طالما هو موهوم بقوة الحاملات،ومأخوذ بصداقة الضعفاء،فلا عبرة بأن يستقبل استقبال الفاتحين،وينكفيءُ مترهلًا إلى باب المندب!هناك حيث وجد عقم الخطاب،وعظم المصاب،وخيبة الجواب!!
إن ما يسمونه بالسياسة،واستقبال اللياقة، وحفاوة الصداقة،يراد به الإيحاء بأن لبنان الدولة والحكومة لا يزال متميزًا بحرارة الدبلوماسية!ولكن ذلك ينتفي تمامًا حينما يقابل ذلك بوعيد الرهاب والموت،وهذا ما صرّح به زعماء السياسة اللبنانية،أن هوكستاين خرج عن كونه وسيطًا ومحايدًا،ليكون طرفًا مقاتلًا صهيونيًا!فما يكون معنى استقباله في السياسة،غير أن تسمع لخطاب وعيده،ونبرة تهديده؟..وذلك كله إنما يكون على عهد الصداقة،وترياق اللياقة! فيا حبذا،لو أن الأصدقاء يعون حقيقة أنهم يفتخرون بالانتساب إليه،وهو يتنكر تمامًا لصداقتهم، ويعي حقيقة تزلفهم ومذلتهم!
ولهذا،نرى أن وعيد المبعوث لا يزال قائمًا تتقدّمه أهاويل وأقاويل،فكم يكون مجديًا أن لا يستقبل هذا المبعوث،أو أن يستقبل بما يستحقه من الكلام والرجال والوعود؟،أليس العدو الذي تُحمل رسائله عبر المبعوث إلى اللبنانيين،هو القائل بمغامرة الحرب مع لبنان؟؟ فلماذا يُخشى من وعيده، أو يستقبل بصداقة مَن يخاف لهيبه؟؟ لقد شبعنا تفاهةً في السياسة،ورعونةً في إعلان الصداقة!فالمبعوث عاجزٌ عن أن يحبك خطوات النصرة لأسياده، وقد سبق له أن أعطاهم أمجاد النفط والغاز دون أن تكون له أدنى الخطوات لإشباع بطون الحلفاء والأصدقاء.
وإن أحدًا في العالمين لم يعد يصدّق أن لهذا المبعوث نزاهة الموقف، أو حيادية التفاوض،فليعقل اللبنانيون حقيقة ما لهذا المبعوث من خرافة وعمالة،وليطرد بعيدًا عن أن تكون له منزلة الضيافة،أو حفاوة الاستقبال والعناية،إذ لا أمل لكل من اصطحبه سرًا وعلانيةً أن تكون له مفخرة التاريخ،أو هيبة المجد التليد.والسلام.