رأي

الشيعة اللبنانيون.. بين التهجير الديموغرافي والفكري!(نسيب حطيط)

 

د. نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

يعيش الشيعة اللبنانيون حالة التهجير القسري الدائم على المستوى الديموغرافي منذ إحتلال فلسطين عام 1948 ، نتيجة موقعهم الجغرافي المجاور لفلسطين المحتلة  والأطماع الإسرائيلية، وبسبب موقفهم السياسي وعقائدهم الدينية والحزبية المعادية لإسرائيل والمؤيدة للنهج المقاوم، خلافاً للطوائف والأحزاب اللبنانية التي توزّعت،إما للتحالف مع اسرائيل او الحياد ،ما عدا الأحزاب اليسارية والناصرية والجماعة الإسلامية وبعض الشخصيات المسيحية والإسلامية ،بنسب متفاوتة وبأضرار أقل .

لم يعرف الشيعة اللبنانيون الإستقرار، لناحية  الإقامة في قراهم وبيوتهم، وكذلك اللاإستقرار الفكري والعقائدي ،فتنقل الشباب الشيعي من الأفكار القومية الى الشيوعية الى الناصرية والبعثية ثم الى الفكر الإسلامي الشيعي وفق التالي:

– التهجير الديموغرافي:عانى الشيعة اللبنانيون من التهجير الدائم في الجنوب اللبناني منذ إحتلال فلسطين، وعدم تحمل الدولة لمسؤولياتها لحماية الجنوب ، وتعرّّضهم للقصف والاجتياحات الإسرائيلية منذ إجتياح “حيرام”  عام 1948 واجتياح عام 1978 واجتياح عام 1982 والاحتلال حتى عام 2000 ، وما بينهما من “تصفية الحساب” 93 الى عناقيد الغضب 1996 وحرب تموز 2006 وحرب الستين يوماً عام  2024 والمجازر والمعتقلات والقصف الدائم، حيث لا يكاد الجنوبي يبني بيته حتى يدمره الإحتلال ،فيبنيه ثم يُدمّر ثانية، ويضاف الى التهجير الإسرائيلي التهجير الذي تعرّض له الشيعة من حلفاء اسرائيل من النبعة وبرج حمود والمناطق المسيحية في الحرب الأهلية اللبنانية عام 75.

– التهجير الفكري والعقائدي : تنقّل الشباب الشيعي من الفكر القومي الى الشيوعي الى الناصري والبعثي، ثم الى الفكر الإسلامي، فعاش حالة صراع فكري دائم مع بعضه ،والذي  يتطّور أحياناً الى الصراع العسكري، الى أن أستقر الشباب الشيعي في الحاضنة الحزبية الدينية (حركة أمل وحزب الله ) ،يجمعهما الفكر الديني-الشيعي والمصير المشترك، لكنهما يقعان ضحية إختلاف الولاءات السياسية والتمايز في الدور والمهام، بين حصرها بالواقع الوطني او الإقليمي .

تعرّض الشيعة في حرب الستين يوماً لأول تهديد وجودي منذ عهد المماليك، وكادوا ان يتعرّضوا للإقتلاع من الجنوب خصوصا ، لولا رعاية الله والمعركة الكربلائية التي خاضها الإستشهاديون المقاومون، وصبر أهل المقاومة والتي لم تنته بعد، وزاد الخطر بعد سقوط سوريا بيد الجماعات التكفيرية ،فزادت هموم الطائفة والأخطار ، جنوباً مع العدو الاسرائيلي وشرقا مع الجماعات التكفيرية ومرابطتها على حدود العقيدة، المقاومة للإحتلال والتكفير!

نتيجة لهذه الوقائع التاريخية والمستقبل غير الآمن على المستوى الديموغرافي والعقائدي، لابد للشيعة اللبنانيين من مراجعة إستراتيجيتهم وتحديد واجباتهم ومهامهم ودائرة تحركاتهم وفق الإمكانات وقوة الأعداء والخصوم والإجابة عن الأسئلة المطروحة، بناء على تجربة قادتهم تاريخياً منذ مؤتمر “وادي الحجير” والسيد عبد الحسين شرف الدين الى الإمام موسى الصدر والشيخ محمد مهدي شمس الدين وتجربة حركة أمل ووثيقة المجلس الاسلامي الشيعي والوثيقة السياسية لحزب الله التي فرضت الوقائع بعض التعديلات عليها ، وصولاً الى الواقع الخطير الذي تعيشه الطائفة على المستوى الوجودي والعقائدي ومناقشة الأسئلة التالية :

هل الأولوية ،لحفظ الطائفة ديموغرافياً وعقائدياً أم العمل العسكري لنصرة المظلومين في الأمة؟

 هل واجب الشيعة اللبنانيين، القتال نيابة عن الأمة او أن يكونوا جزء منها؟

هل أن تحرير فلسطين و نصرة مقاوميها ،محصور بالشيعة اللبنانيين ام عليهم تأسيس مقاومة وطنية وعربية شاملة؟

هل مصلحة الشيعة ،الإندماج في الدولة التي لم تعترف بهم وصناعة دولة يكونوا فيها شركاء ومواطنين ؟

هل واجب الشيعة تعديل خطابهم وسلوكياتهم، لعدم إخافة الطوائف الأخرى وإعادة جسور التواصل والتعايش وترميم العلاقة مع اللبنانيين ؟

هل على الشيعة قطع علاقاتهم الدينية والسياسية مع الشيعة في العراق وإيران حتى يرضى عنهم اللبنانيون والمجتمع الدولي؟

أسئلة كثيره تدور في العقل الشيعي ولم تجد الإجابات الموحّدة والعاقلة حتى الآن، بسبب صمت “الثنائية” وعدم اعترافها بالواقع الخطير او الحاجة لنقاشها مع الطائفة التي عليها واجب الطاعة، بالتلازم مع خوف الأكثرية الشيعية من الخوض فيها حتى لا يتم تخوينها او حصارها أو إتهامها..!!

ندعو لنقاش عام ومؤتمرعام للشيعة لمناقشة مستقبل الشيعة في لبنان، مع الالتزام بالثوابت ومنها عدم السلام او التطبيع مع العدو والإسرائيلي.

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى