الشعب يمنح الحكومة الثقة..شعار مجازي في نظر الدستور والقانون
تتردد في هذه الأيام في التظاهرات الشعبية وعبر الشاشات ،لازمة تقول إن الشعب هو من يمنح الثقة للحكومة وليس مجلس النواب ،وأن لا ثقة شعبية لحكومة الرئيس حسان دياب.
مجازا هذا الكلام صحيح .فالشعب هو مصدر السلطات.لكن للأسف ليس لهذا الكلام مفعول دستوري أو قانوني ،لا في لبنان ولا في غيره من الدول الديموقراطية .فالمعني الأول والأخير بمنح الثقة للحكومات هو مجلس النواب المنتخب من الشعب.والشعب اللبناني هو الذي أوكل هذه المهمة للنواب من خلال صندوقة الاقتراع، ولم تمض سنتان على هذه الوكالة .
وبحسب النصوص الدستورية والقانونية يحق للشعب أن يسحب هذه الوكالة ،ولكن في صندوقة الاقتراع أيضا،وخلال المهلة المحددة بأربع سنوات ،وهي مدة ولاية المجلس الحالي،إلا اذا تم حل المجلس النيابي قبل انتهاء ولايته ،ولهذا التدبير إجراءات دستورية وقانونية غير قابلة للبحث.
وقد حدد الدستور اللبناني هذه الإجراءات في مادته الخامسة والخمسين التي تقول:
"يعود لرئيس الجمهورية، في الحالات المنصوص عنها في المادتين 65 و77 من هذا الدستور، الطلب إلى مجلس الوزراء حل مجلس النواب قبل انتهاء عهد النيابة. فإذا قرر مجلس الوزراء، بناء على ذلك، حل المجلس، يصدر رئيس الجمهورية مرسوم الحل، وفي هذه الحال تجتمع الهيئات الانتخابية وفقا لأحكام المادة الخامسة والعشرين من الدستور ويدعى المجلس الجديد للاجتماع في خلال الأيام الخمسة عشر التي تلي إعلان الانتخاب".
على أن المادة 65 التي تحدد صلاحيات الحكومة تقول في فقرتها الرابعة:
"حل مجلس النواب بطلب من رئيس الجمهورية إذا امتنع مجلس النواب، لغير أسباب قاهرة عن الاجتماع طوال عقد عادي أو طوال عقدين استثنائيين متواليين لا تقل مدة كل منها عن الشهر، أو في حال رد الموازنة برمتها بقصد شل يد الحكومة عن العمل. ولا تجوز ممارسة هذا الحق مرة ثانية للأسباب نفسها التي دعت إلى حل المجلس في المرة الأولى".
وبموجب المادة 77 من الدستور يجوز لرئيس الجمهورية أن يطلب الى الحكومة حل المجلس النيابي اذا أصر هذا الأخير على تعديل الدستور من دون موافقة الحكومة.
إضافة الى ذلك يحق لمجلس النواب تقصير ولايته بموجب قانون يصدر عنه ،وبذلك تكتمل المخارج القانونية والدستورية لانتخابات نيابية مبكرة يطالب بها البعض في هذه المرحلة .وبغير ذلك لا يمكن للشعب أن يحقق مطلبه بانتخابات مبكرة ،حتى لو استقال 127 نائبا من أصل 128 (على سبيل الافتراض)حيث تجري الدعوة عندها لانتخابات فرعية،في حين أنه لو تأمنت أكثرية نيابية لتقصير الولاية فيكون هذا الأمر مخرجا قانونيا لذلك.
أمام كل ما تقدم يبدو واضحا أن الشعب لا يمنح الثقة للحكومة بصورة مباشرة ،بحيث تصبح اللازمة السالفة الذكر نوعا من الفولكلور في نظر الدستور والقانون .
في الخلاصة وحدها الانتخابات النيابية المبكرة هي التي تمنح الشعب فرصة لاختيار النواب الذين يريدهم أن يختاروا الحكومة التي يريدها ويمنحوها الثقة.وعندها ليس بالضرورة أن يكون حسان دياب رئيسا للحكومة ،ولا أن تكون الحكومة الحالية هي الحكومة القائمة.