بقلم الدكتور عماد عكوش – الحوار نيوز
عانت شركة “الميدل إيست” قبل العام ١٩٩٨ من خسائر كبيرة مما رتب عليها ديونا كبيرة لصالح المصارف التجارية تجاوزت قيمتها أربعمائة مليون دولار .
ما بين العام ١٩٩٨ والعام ٢٠٠٢ قامت الشركة بإعادة هيكلة الشركة بشكل شامل ما أدى إلى انقلاب في الوضع المالي لها من خسائر سنوية بمقدار ٨٧ مليون دولار سنويا، إلى أرباح سنوية تعادل حوالي ٥٠ مليون دولار سنويا . كما تم منح مساعدة خاصة للشركة لدفع كلفة الهيكلة، وبلغت هذه المنحة حوالي ١٥٦ مليار ليرة لبنانية دفعت تعويضات لموظفين تم التخلي عنهم، وهذه هي المرة الأولى التي تمنح فيها مؤسسة مملوكة من قبل الدولة منحة خاصة، علما أنه تم إعادة فتح التوظيف مجددا خلال الفترة اللاحقة وإدخال عدد مماثل للذين تم التخلي عنهم في مرحلة إعادة الهيكلة .
تقوم شركة “الميدل ايست” اليوم على دعم الدولة اللبنانية منذ استملاكها من قبل مصرف لبنان، والذي تحمل باموال المودعين اقفال دينها الكبير للمصارف التجارية، ولم يكتف بتسديد ديونها بل قدم لها دينا اضافيا لتقوم بتحديث اسطولها الجوي على حساب المودعين أيضا. هذه الشركة والتي بحسب ما يصدر عنها لا تتجاوز ارباحها السنوية الخمسين مليون دولا،ر فيما بلغت قيمة اصولها في نهاية العام 2020 مبلغ 1.75 مليار دولار أميركي، اي ان العائد على هذه الاصول لا يتجاوز 2.85 بالمئة، بالرغم من احتكارها لمسارات كان يمكن للدولة اللبنانية ان تقوم باعداد مناقصة لتأجيرها بحيث تحقق عائدا عليها يمكن ان يتجاوز 500 مليون دولار.
بخصوص هذه المسارات ، يتم التحكم في هذه المسارات عبر منظمات الطيران الدولية، مثل منظمة الطيران المدني الدولي (ICAO) ، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم وإدارة استخدام المجال الجوي الدولي، وتعمل على تسهيل التنسيق بين الدول المختلفة بشأن استخدام المجال الجوي ، ويمكن ان يحصل تفاهمات ثنائية بين الدول يمكن أن تؤدي إلى منح حقوق استخدام معينة لمسارات جوية لشركات طيران معينة من دولة أخرى، ولكن ذلك يكون دائمًا بناءً على اتفاق مسبق . بالتالي، رغم أن المجال الجوي الدولي مفتوح للطيران التجاري والمدني، إلا أن هناك مسارات معينة ومناطق محظورة تخضع لسيطرة دول أو جهات محددة وتكون مقيدة بالاستخدام من قبل الآخرين.
اما تسعير استخدام المسارات الجوية والمجال الجوي، فيعتمد على مجموعة متنوعة من العوامل ويختلف من دولة إلى أخرى. يتم تحديد *قيمة هذه المسارات* بناءً على عدة معايير تشمل التكاليف المرتبطة بالمراقبة الجوية، حقوق التحليق، والاعتبارات السياسية والاقتصادية. تشمل هذه الاعتبارات رسوم التحليق وهي المبلغ الذي تدفعه شركات الطيران لدولة ما مقابل استخدام مجالها الجوي أو التحليق عبر مسارات محددة. يتم حساب هذه الرسوم عادة بناءً على عدة عوامل منها مسافة التحليق ، وزن الطائرة.والطائرات الثقيلة تدفع رسومًا أعلى نظرًا لأنها تتطلب مزيدًا من المراقبة والخدمات الجوية ، وتكلفة المراقبة الجوية . هذه الرسوم يتم تحديدها غالبًا من قبل سلطة الطيران المدني في كل دولة.
هذا الامر وهذه التفاصيل تؤكد بأن شركة الميدل ايست تحمل الشعب اللبناني أرباحا فائتة على الخزينة اللبنانية تتجاوز قيمتها 500 مليون دولار، فيما لو قامت الحكومة اللبنانية بأعداد مناقصة لتأجير هذه الخطوط، وبالتالي فإن هذه الشركة حالها اليوم كحال مؤسسة كهرباء لبنان، وكل المؤسسات العامة الفاشلة في هذا النظام السياسي التحاصصي .