أحمد علي الزين – الحوارنيوز خاص
في ستينات القرن الماضي كنت ارافق والدي الى الغابة في عكار ، كي يجلب الحطب لموقد الشتاء ، واحيانا كنت اعجب كيف لا يضيع ابي في تلك الاحراش لشدة غموضها واتساعها وتشابكها وامتداداتها العجيبة ، فهي تمتد من سلسلة جبال القموعة وغابة الشوح ، الى القبيات الى اكروم الى وادي فيسان الى الهرمل، ولعلها اكبر غابة متصلة في لبنان واغناها في صنوف الشجر ، لم ياتوا على ذكرها في كتاب الجغرافيا في تلك الايام لأسباب غامضة كغموضها،ادهشتني منذ طفولتي ولم تزل تدهشني وتدهش كل مشاء يزورها ،سكنتني وكتبتها كثيرا .
لم يقطع والدي ولو مرة واحدة غصنا اخضر ، ليس خوفا من مأمور الاحراش الذي كان يغرِّم من يقطع غصنا اخضر ، بل لأنه كان يحب الشجر ويحب غابات البلاد، وكان يقول لي :”الشجر بيشبه الناس، اذا جرحتو بيوجع”.
كيف اذا احترقت الغابة يا ابي؟
اسمع صوت صراخها في ليل البلاد وهي تاكلها النيران.
منذ بدايات الحرب الاهلية ، بدأت النيران تلتهم غابة ابي والعصابات تقطع شجرها الدهري وتبيعه للمناشر والمفاحم.
البلاد كلها تحترق يا ابي.
زر الذهاب إلى الأعلى