محمد صادق الحسيني
ليس قراراً عادياً ابداً ، وليس مجرد خطوة نوعية في المشهد السياسي اللبناني لانقاذ ما تبقى من لبنان ، بل هو ابعد من ذلك بكثير ويتجاوز حتى منطقة غرب آسيا..!
انه فعلا مسار، وليس باخرة واحدة ،ولا حتى بواخر كما قال سماحة السيد…
انه قرار خطير للغاية سيعطل عملياً مفاعيل العقوبات الأميركية ليس على لبنان فحسب ، بل وعلى سورية وايضاً على ايران…!
هذا هو حقيقة قرار الحزب الاستراتيجي من استيراد المحروقات من ايران مروراً بالدواء والغذاء وصولاً الى التنقيب عن النفط والغاز بايدي ايرانية.
انه القرار الاجرأ والاشجع الذي يتخذه زعيم عربي في هذه اللحظة التاريخية…من المحيط الاطلسي الى الخليج الفارسي.
ويخطئ من يفكر ان مثل هذا القرار الخطير يمكن ان يفجر الوضع الداخلي اللبناني، او ان من شأنه تفجير حرب على لبنان يقودها الجانب الاميركي …!
العكس تماماً ، فهذه الخطوة المدروسة بدقة في ذهن السيد وزملائه في القيادة قد يكون من شأنها ان تدفع بصاحب القرار الاميركي الى التعجيل، ليس فقط في تشكيل حكومة في لبنان ، بل والبدء بالتفكير الجدي في اعادة النظر في منظومة العقوبات الاميركية على كل محور المقاومة..!
اذ ليس صحيحاً ان الاميركي لا يريد التعامل مع دول المحور الا بالعقوبات..!بل هو يستخدم العقوبات وسيلة للسيطرة والهيمنة على مقدراتنا الاقتصادية ومن ثم الوصول الى قرارنا السياسي…!
فان قمت انت بقطع الطريق عليه وتجرأت عليه بخطوات عقلانية تستخدم مناطق الفراغ في منظومات العقوبات الاميركية ، تكون انت قد عطلت مفاعيلها الواحدة بعد الاخرى…
ومع الزمن تهدده عملياً باخراجه من اسواق هذه المنطقة مجتمعة..!
ولما كان الاميركي الطامع بهذه الاسواق لا يريد التخلي عنها مطلقاً ، فانه سرعان ما سيتراجع عن قراراته ويعيد النظر فيها الواحدة بعد الاخرى..!
وقد رأينا اولى ردود فعله على قرار العاشر من محرم عندما اطلق على الفور سراح الغاز المصري والكهرباء الاردنية وكاد يطلق قيصر سورية …!
باطلاق السيد العنان لمسار التوجه شرقاً يكون الزعيم اللبناني العربي الاشجع قد حول ليس فقط التهديد الى فرصة بل وحول وجهة التهديد باتجاه صاحب التهديد نفسه اي العدو ..!
وهذه فلسفة تاريخية ورثها السيد من جده امير المؤمنين علي بن ابي طالب الذي قال يوماً انه انما كان ينتصر في حروبه لانه يهدد العدو في نفسيته فيكون هو ونفسه عليه..!
فماذا يكون الاميركي فاعلا غداً اذا استيقظ صباح احد الايام وصار الايرانيون في لبنان مثل الصينيين في افريقيا..!؟
مازوت وبنزين ومن ثم دواء وغذاء وشركات تنقيب ومن ثم بناء السدود والطرق السريعة التي توصل اقطار الوطن العربي ببعضه البعض، وهم الاقدر عليها ويبارزون الامم فيها، وهاهي حكومة رئيسي التي تعلن في اول تغريدة لوزير خارجيتها بان الجيران وآسيا اولى اولوياتها ، وانها لن تربط اقتصادها بمستقبل المفاوضات على النووي..!
واذا اضفنا الى ذلك تحولها بعد اسبوعين فقط الى عضو كامل الصلاحية في منظمة او منتدى شانغهاي للامن والتعاون الدولي..
الا يعني هذا ان الطريق السريع -الحديدي منه والجوي- من شانغهاي الى المياه الدافئة جنوباً وصولاً الى اعالي البحار صار معبّداً بمنظومة ما بعد عصر الدولار..!؟
التفكير بهذا المستقبل لوحده يقلق الاميركان ويجعلهم لا ينامون مستقري البال..!
لذلك ولغيره الكثير من المعطيات ، من جملتها ان العراق هو المحطة القادمة للجلاء الاميركي، وسورية على الطريق..
واذا ما دققنا وتاملنا في افغانستان التي ستخلي اميركا نحو ١٠ قواعد لها كانت تتجسس وتشاغب منها على ايران ومحور المقاومة، عندها سندرك ماذا فعل السيد بروح وعقل الاميركيين …!
انه اصابهم بالصداع الذي لا تشفيه قرارات احساسية مستعجلة لسفرائه ، بل وحتى اعادة ترتيب اوراق مراكز دراساته التي باتت اصلا هي حائرة ، بين مقولة فوكوياما و”نهاية التاريخ” التي يتراجع عنها صاحبها مع كل يوم يمر، وبين صراخ الانجيليين امثال بومبيو الذي صرح مؤخراً معلقاً عما يحدث لموقع بلاده قبل ايام بالقول : “ان اميركا تغادر المسرح العالمي”…!
حتى الان يمكننا القول: هدف نظيف لصالح نصر الله والمباراة لا تزال في أولها .
زر الذهاب إلى الأعلى