سياسةصحفمحليات لبنانية

السياديون» اللبنانيون من واشنطن: «تحرير» لبنان بإلحاق حزب الله ومناطقه بسوريا!

 

الحوار نيوز – الأخبار

تحت هذا العنوان كتب علي مراد في صحيفة “الأخبار”:

 

منذ 17 تشرين الأول 2019 يحاول أيتام اليمين الانعزالي اللبناني استغلال ظروف ووقائع الأزمة في لبنان لتذكير اللبنانيين أولاً بأنّهم لا يزالون موجودين، وثانياً بأنّ أحلام التقسيم التي راودتهم في عصر غابر، لا تزال تعشش في عقولهم الرجعية. في السنتين الماضيتين، عبر ندوات وإطلالات تلفزيونية يوفّرها الإعلام الخليجي والمموّل خليجياً، يحاول دعاة الفدرلة والتقسيم تجديد فكرتهم وإعادة طرحها، أملاً بأن يتلقّفها الغرب ويتبنّاها في زمن التحوّلات والمتغيّرات الإقليمية والدولية

لا يملّ اليمين الانعزالي اللبناني من التذلّل للغرب، رغم فشله، مراراً وتكراراً، في تحقيق أهدافه بإضعاف المقاومة في لبنان. من واشنطن، اختار هؤلاء أن يدشّنوا مؤتمراً سيُعقَد سنوياً – على ما يبدو – سمّوه «المؤتمر اللبناني العالمي». النسخة الأولى من المؤتمر الذي عقد في مبنى جيفرسون في مكتبة الكونغرس، في 26 نيسان الفائت، حملت عنوان «حول لبنان الحر: استراتيجيات السياسة لتحرير لبنان من الاحتلال الإيراني ونزع سلاح ميليشيات حزب الله». وبحسب وسائل إعلام محسوبة على فلول قوى 14 آذار، يقف وراء تنظيم المؤتمر كل من «المجلس العالمي لثورة الأرز» و«الاتحاد الماروني العالمي» و«التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديموقراطية» وحركةLebanese DNA. وبحسب الموقع الإلكتروني الذي خُصِّص للمؤتمر، رعى التجمّع النائبان الجمهوريان من أصل لبناني دارين لحود وداريل عيسى، ووُجِّهَت الدعوة للمشاركة فيه إلى شخصيات أميركية ولبنانية، بينها مرشحون للانتخابات النيابية مثل فارس سعيد وسامي الجميل ونديم الجميل ومجد بطرس حرب، وأشرف ريفي، إضافة إلى بيتر جرمانوس وكميل شمعون إيلي محفوض وابنة العميل عامر فاخوري. ومن الشخصيات التي دُعيَت للحديث في المؤتمر الصهيوني إيمانويل أوتولينغي، الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات»، رأس حربة اللوبي الصهيوني الليكودي في واشنطن، المتخصّص في التحريض على حزب الله في أميركا اللاتينية («الأخبار»، 20 أيلول 2021، لمزيد من التفاصيل عن خلفيته)، وجوزيف هوميري، المدير التنفيذي لـ «مركز المجتمع الآمن الحر» الذي يعمل لصالح أجندة الليكود الإسرائيلي.

 

 

حتى الساعة، لم ينشر منظّمو المؤتمر أي بيان ختامي أو أيّ تفاصيل حول ما خلُصوا إليه، ولم تتسرّب أي فيديوهات للمداخلات، سوى صور ثابتة لبعض المشاركين في جلسات المؤتمر. حتى أنّ اللبنانيين «السياديين» الذين شاركوا عبر تطبيق Zoom، لم يتحدّث أغلبهم عن مشاركاتهم، واعترف بعضهم بالمشاركة بعد تداول الخبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي. سُجّلَت مشاركة حضورية للبنانيين سافروا إلى واشنطن لحضور المؤتمر مثل المرشّحَين على لائحة ميشال معوض في دائرة الشمال الثالثة بريجيت خير ورشيد رحمة، والشيخ محمد الحاج حسن، والناشط في مجموعة «لبنان الحلم» أنطوان سعد. مع أنّ عنوان المؤتمر (الاحتلال الإيراني وسلاح حزب الله) يتوافق مع عناوين الحملات الانتخابية لجوقة «السياديين»، إلا أنّ التكتّم حول المشاركة ومضمون ما تحدّثوا به في المؤتمر بدا مثيراً للاستغراب. ربما وجد بعض المشاركين من لبنان حرجاً بالإعلان عن المشاركة نظراً للمضمون العالي السقف الذي طُرِح في المؤتمر. فنديم الجميّل، مثلاً، غرد يوم 4 أيار الجاري على «تويتر» بجملة قال إنّه ذكرها في مداخلته للمؤتمر بأنّ «اللبنانيين رهائن في وطنهم، وهم يدفعون ثمن سيطرة ميليشيات مسلّحة ومموَّلة من قبل إيران على مؤسّسات الدولة».

 

بالتقصّي عن ما نوقش في المؤتمر، ورد في موقع إلكتروني مغمور يديره عضو سابق في تنظيم «حرّاس الأرز» أنّ رئيس حزب السلام روجيه إدّه قدّم للمؤتمر ورقة مكتوبة عرض فيها كيفية «تحرير لبنان من الاحتلال الإيراني خطوة بخطوة». ورقة إدّه عجّت بالطروحات اليوتوبية كطرحه بأن يصدر مجلس الأمن (بناءً على طلب السياديين) قراراً دولياً جديداً «يعلن لبنان دولة فاشلة بموجب الفصل السابع»، مع تضمين القرار الجديد القرارات السابقة 1559/1680/1701، وإعطاء الدولة حق احتكار حيازة السلاح. بحسب إدّه يتطلّب الوصول إلى هذا الأمر الواقع «نزع سلاح حزب الله والفلسطينيين في مخيمات اللاجئين التابعة لهم»، تطبيقاً لقوانين لبنان وقرارات مجلس الأمن. وشدّد على أنّه «لا ينبغي نزع سلاح حزب الله الشيعي المسلَّح من دون نزع سلاح الفلسطينيين السنّة المسلّحين في الوقت نفسه».
ادّعى إدّه في طرحه أنّ الانهيار الاقتصادي الحالي في لبنان من شأنه أن يحفّز معظم العائلات الفلسطينية على تقديم طلبات الهجرة إلى دول الكومنولث وبعض الدول العربية، مقابل الحصول على تعويضات مالية. وهذا الأمر «سيزيل عقبة أمام السلام الإقليمي، لأنه يسهّل على الجيش اللبناني وقوى الأمن نزع السلاح والسيطرة على المخيمات الفلسطينية، واحداً تلو الآخر». وحدّد إدّه للأميركيين من أين يجب أن يبدأوا، فبرأيه «يجب أن نبدأ بتحرير بيروت وجبل لبنان (بشكله الذي كان عليه في القرن التاسع عشر) وكذلك شمال لبنان والشق الغربي من سهل البقاع، وهو ما يمثّل مساحة ثُلثَي لبنان الذي يمكن أن يصبح تحت السيادة الحصرية للدولة من دون وجود حزب الله والتنظيمات الفلسطينية». أما الجزء الصعب من خطّته فيكمن في عملية «تحرير مطار بيروت ومرفأ حزب الله العسكري غير الشرعي المجاور في منطقة الأوزاعي، وكذلك الضاحية الجنوبية لبيروت». وهو يقدّم الحل البديل في حال فشل خطة تحرير مطار بيروت، عبر «تطوير مطار حامات العسكري في منطقة البترون، شمال لبنان، الذي يمكن تحويله إلى مطار دولي يُموَّل ويُطوَّر ويُشغَّل بشكل خاص بصيغة BOO أو BOT».
وتحدّث إدّه في ورقته عما سمّاه «التغيّر الديمغرافي» الذي نتج من الحرب السورية، ونبش من التاريخ قضية اعتراض السوريين إبّان إعلان تأسيس لبنان الكبير عام 1920، على ضم ما سُمّيَت بـ «الأقضية الأربعة» (حاصبيا وراشيا وبعلبك والبقاع) إليه. وألمح في ورقته، من دون أن يقول ذلك بصراحة، إلى تصالح الانعزاليين مع الطرح الذي يعبّر عنه بإعادة هذه الأقضية إلى سوريا، طالما أنّ لحزب الله السيطرة العسكرية على هذه المناطق. الطرح الأخير الذي قُدّم في ختام المؤتمر كان لتوفيق الهندي، القيادي السابق في القوات اللبنانية، الذي اعتبر أنّ «لبنان واقع تحت الاحتلال الإيراني عبر حزب الله، بغضّ النظر عن نجاح محادثات فيينا»، وأنّ «التعايش مع المحتل والطبقة السياسية المارقة الخاضعة لسيطرته في البرلمان والحكومة وهيئات الحوار، لن يفيد سوى حزب الله»، وأنّ «إجراء انتخابات في ظل الاحتلال يخدم الاحتلال فقط»، وأنّ «حزب الله سيحافظ على غالبيته النيابية، سواء أجريت الانتخابات أم لا، مع مكافأة في الحالة الأولى تمنحه شرعية متجدّدة».

 

إقفال مطار بيروت وتحويل مطار حامات العسكري في البترون إلى مطار دولي

وعرض الهندي ما سمّاه «خارطة طريق» من ثلاث نقاط للمرحلة المقبلة وهي: 1- إصدار قرار من مجلس الأمن بوضع القرارات 1559 و1680 و1701 تحت الفصل السابع وتوسيع مهام اليونيفيل، 2- قرار من مجلس الأمن بوضع لبنان تحت تفويض دولي وفقاً للفصلين 12 و13 من ميثاق الأمم المتحدة أو من خلال التذرّع بحقوق الإنسان لمواجهة الطبقة السياسية، 3- إجراء الانتخابات التشريعية وفق قانون انتخابي جديد فقط بعد تطهير جميع مؤسسات الدولة من المحسوبية السياسية والفساد واستقرار الوضع في لبنان في إطار الإشراف الدولي السالف الذكر. ثم تلي ذلك انتخابات رئاسية وتشكيل حكومة تمهّد الطريق لرفع الوصاية الدولية واستعادة لبنان على كل المستويات، مع تشكيل السلطات المنتدِبة سلطة لبنانية عسكرية – مدنية مؤقتة للقيام، تحت إشرافها، بـ «التنظيف الكبير» لجهاز الدولة.
الطرح الذي قدّمه كلّ من الهندي وإدّه ليسا نابعين من بنات أفكارهما حصراً، فمنذ مدّة يجوب المدعو وليد فارس شاشات التلفزة، ويكتب في صحف ومواقع سعودية ومموّلة سعودياً عما يسمّيه «مشروع المنطقة الحرّة»، الذي ينصّ على «إقامة منطقة خالية من الميليشيات، بما فيها حزب الله، بين بيروت الإدارية والحدود الشمالية، وتشمل جبل لبنان وطرابلس وعكار، ويمكن إلحاق مناطق محاذية أخرى بهذه المساحة الأساسية، بحيث يبقى حزب الله متواجداً في مربعاته الأمنية». ولمن لا يعرف وليد فارس، فهو القيادي السابق في «الجبهة اللبنانية» ورفيق إتيان صقر، مؤسس تنظيم «حرّاس الأرز»، الذي هرب إلى كيان العدو بداية التسعينيات. عمل فارس سابقاً في واشنطن كمستشار حول ما يسمّى «الإرهاب» في دوائر المحافظين الجدد، وفي مؤسسات تتبع للوبي الصهيوني الليكودي.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى