السيادة بعرائض الذل!(أكرم بزي)
كتب أكرم بزي – الحوار نيوز
ليست هي المرة الأولى التي يحرض فيها اللبنانيون بعضهم على بعض، وليست هي المرة الأولى التي يحرض فيها لبنانيون مقيمون في الولايات المتحدة وفي واشنطن تحديداً أعضاء من الكونغرس الأميركي بالضغط على بعض اللبنانيين من الساسة والأمنيين والعسكريين، وليس مستغرباً من كان على شاكلة النواب “المستجدين” الذين ما لحقوا أن يذوقوا طعم المناصب النيابية حتى بانت أنيابهم تنهش بأجساد زملائهم من أعضاء المجلس النيابي، الذين ذهبوا بعريضة “وشاية” على من شملتهم ادعاءات القاضي طارق البيطار من أعلى الهرم إلى أسفله ،مروراً بالأمنيين والعسكر ناهيك عن التحريض على المقاومة اللبنانية.
باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، قالت “إن لبنان مفتوح على كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة، وإن اللبنانيين سيضطرون على الأرجح إلى تحمل المزيد من الألم قبل تشكيل حكومة جديدة، ونحن أيضاً نضغط بشكل مباشر على القادة السياسيين هناك لإنجاز عملهم، لكن لا يوجد مثيل مثل “الضغط الشعبي” (ثلاث خطوط حمر تحتها)، وعاجلاً أم آجلاً سينفجر الوضع من جديد، وهذا النوع من الضغط هو الأسوأ، الذي قد يواجهه القادة السياسيون”.
حجم التدخل الأميركي بشكل مباشر وغير مباشر في تفاصيل الوضع اللبناني، إن كان عبر حجم الإنفاق المادي، أو العسكري،أو الإعلامي أو على مستوى منع اللبنانيين من نعمة الكهرباء أو حتى المواد الغذائية والدواء والمواد النفطية والغاز وغيرها من وسائل العيش على طريقة تعاطي الإدارة الأميركية في سياساتها الخارجية. فمنذ العام 1958 ولغاية هذه اللحظة لم تترك الإدارة الأميركية شاردة أو واردة إلا استغلتها، لإحكام السيطرة على لبنان ومنع انزلاقه باتجاهات أخرى. المستغرب أن هؤلاء النواب ذهبوا لتحريض الإدارة الأميركية على الشعب اللبناني، وليس على القادة من السياسيين وغيرهم، لأن “الذي يأكل العصا ليس كمن يعدها”، فالسياسيون أقل الناس تضرراً من الشعب اللبناني الذي ينسحق على أبواب المستشفيات والأفران والصيدليات والسوبركات.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية اليوم، “فإن معظم الدبلوماسيين العرب والغربيين أبلغوا القادة اللبنانيين بألا يتأملوا بأي انفراجات على اي صعيد كان قبل انتخاب رئيس للجمهورية، لأن ذلك يؤسس لإنتاج حكومة جديدة ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ خطة النهوض”.
ماذا يعني كلام باربرا ليف، وهل نحن ذاهبون الى المزيد من الضغوط الاميركية على اللبنانيين، أي المزيد من تدهور للأوضاع والانهيارات والفوضى، والنهب والسرقة وانفلات الشارع، والتعديات على الكرامات، و… إلخ؟.
الأزمة الاقتصادية والمالية والنقدية، وأزمة الكهرباء وانفلات الشارع وحجم السرقات والإحجام عن التوافق السياسي اللبناني وبتحريض واضح من قبل الجهات الخارجية بات مكشوفاُ وواضحاً ،لا يمكن تفسيره إلا بما صرحت عنه باربرا ليف التي “بشرتنا” بأن البلد ذاهب الى انهيار حتمي حتى قعر القعر، لفرض شروط الإدارة الأميركية وهي الإتيان برئيس يلبي رغباتها، وليس أقلها:
“دمج النازحيين السوريين، توطين اللاجئين الفلسطينيين، ممنوع عليكم المقاومة، وممنوع أصلا أن يكون لديكم مقاومة، “إسرائيل” جارتكم فعليكم التطبيع معها ومشاركتها أفراحها وأحزانها، ثرواتكم البحرية نحن نستخرجها ونبيعها وننفق عليكم، الـ “يو أس أيد” ستقوم بدعمكم ونحن سنقوم برعايتكم من خلالها”.
بالأمس وزير الخارجية الأسبق في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدد اللبنانيين بالمجاعة، وباربرا ليف اتحفتنا بالقول “إن لبنان مفتوح على كل السيناريوهات، بما فيها تفكك كامل للدولة وعاجلاً أم آجلاً سينفجر”، وبعد، هل هناك من يتساءل ماذا يُحضّر للبنان؟
عندما انتخب الرئيس الراحل سليمان فرنجية ، كان صناعة لبنانية، ويكاد يكون الرئيس الأوحد الذي صنع في لبنان، يومها تنازل له الزعماء الراحلون كميل شمعون والشيخ بيار الجميل والعميد ريمون إده ،وتم التصويت له من قبل الزعيم الراحل كمال جنبلاط، بالتساوي بينه وبين الرئيس الراحل إلياس سركيس، فلماذا لا يتم التوافق والتنازل من بعض السياسيين الذين ركبوا رؤوسهم والتنازل لمصلحة رئيس معتدل يستطيع على الأقل أن يوقف هذا التدهور وهذا الإنهيار الذي سيوصل اللبنانيين فعلاً إلى المجاعة ويدفعهم إلى هجرة أشبه ما تكون “بهجرة ومجاعة سفربلك”.
عندما تنازل رئيس القوات اللبنانية ورئيس مجلس الوزراء الأسبق سعد الحريري، وانتخب الرئيس السابق ميشال عون كان الوضع في لبنان أفضل بكثير عما نحن عليه الآن. الجوع والموت يحومان فوق رؤوس اللبنانيين، وعلى بعض الرؤوس الحامية أن تتنازل قليلاً ،فالوضع لم يعد يحتمل التأجيل، وليكن صناعة لبنانية 100% …” قليل من التوافق يريح الشعب”.