
الحوارنيوز – ثقافة
في مقابلة تلفزيونية على قناة “الوثائقية ،كشف الروائي المصري يوسف القعيد عن الرواية التي كانت سببا في تعرض الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ صاحب جائزة نوبل في الأدب ،لمحاولة اغتيال.
وقال القعيد إن النص الوحيد الذي تخوف منه نجيب محفوظ هو نص رواية “أولاد حارتنا” وتحدث عنه قبل النشر، حتى أنه بعد النشر أحدث جدلا كبيرا وكانت هناك محاولة لاغتياله بسببه.
وأضاف أن الشاب الذي حاول اغتيال نجيب محفوظ كان نتيحة فهم خاطئ لنص رواية “أولاد حارتنا”، بل يعتقد البعض انه لم يقرأها أصلا وأنه أقدم على فعلته متأثرا بخطبة جمعة حمّلت الرواية أمورا ليست فيها.

صدرت رواية “أولاد حارتنا” عام 1959 في بيروت بعد نشرها مسلسلة في جريدة “الأهرام” المصرية عام 1959، لكنها أُوقفت بعد أسابيع بسبب ضغوط دينية، حيث تنتقد السلطة الدينية والعلمانية، وتقرأ كنقد للفساد الاجتماعي والتطرف، لا كإساءة دينية.
وأثارت الرواية غضبا إسلاميا حيث صودرت في مصر (حتى 2006)، ووصفها بعض المتشددين بـ”الكفر والإلحاد”، ورفض محفوظ الدفاع عنها علناً، قائلاً إن “العمل غير المنشور سر خاص”،وهي أدت إلى محاولات اغتيال معنوية (دعاوى قضائية، حملات إعلامية) وأصبحت أكثر أعماله جدلا ومساهمة في فوزه بنوبل لجرأتها الفكرية.
وحدثت محاولة اغتيال نجيب محفوظ في 14 تشرين الأول/ أكتوبر 1994 أمام منزله في العجوزة بالقاهرة، أثناء توجهه إلى ندوته الأسبوعية في قصر النيل، حيث هاجمه شاب من تنظيم “الجماعة الإسلامية”.
وأوضح القعيد أن نجيب محفوظ لم يكن يتحدث عن نص يكتبه على الإطلاق، وكان يعتبر أي عمل يكتبه لم ينشر بأنه “سر خاص” لا يمكن لأحد الاطلاع عليه أو قراءته إلا بعد أن ينشر هذا العمل.
ويعتبر نجيب محفوظ (1911-2006) الأديب المصري العالمي الحائز جائزة نوبل للأدب عام 1988 أبو الرواية العربية الحديثة، والذي ولد في حي الجمالية بالقاهرة، وأنتج أكثر من 30 رواية و18 مجموعة قصصية، معظمها يدور في أحياء القاهرة الشعبية، مستلهماً الواقعية الاجتماعية والرمزية الفلسفية.
ومن أبرز أعماله: “الثلاثية” (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، “الشحات”، و”الحرافيش”، وترجمت رواياته إلى عشرات اللغات، وتركز على قضايا الهوية المصرية والفقر والسياسة والدين، مع نقد خفي للاستبداد والتخلف والتطرف.

ملخص للرواية
تدور أحداث رواية “أولاد حارتنا” في حارة خيالية، ترمز إلى العالم الإنساني، ويقطنها بشر من مختلف الطبائع.
على رأس الحارة يقيم الجد الغامض “الجبلاوي” الذي يمثل في الرمز الذات الإلهية أو القوة العليا الخالقة، وله أبناء وأحفاد يتنازعون على إرثه وسلطانه.
الرواية مقسّمة إلى خمسة فصول رئيسية، كل فصل يرمز إلى مرحلة من تاريخ البشرية أو إلى دين سماوي، من خلال شخصيات رمزية تحاكي الأنبياء:
- أدهم– يرمز إلى آدم:
يُغضب الجبلاوي فيُطرد من البيت الكبير، لتبدأ معاناة البشر خارج النعيم الأول. - جبل– يرمز إلى موسى:
يثور على الظلم ويطالب بحق الناس، ويتلقى “وصايا” من الجبلاوي، فيعيد شيئاً من العدل إلى الحارة. - رفاعة– يرمز إلى عيسى (يسوع):
يدعو إلى الرحمة والمحبة والتسامح، لكن أهل القوة يقتلونه، فيزداد الظلم بعد موته. - قاسم– يرمز إلى محمد:
يقود ثورة روحية واجتماعية تعيد النظام والعدالة مؤقتاً، لكن بعد موته تعود النزاعات. - عرفة– يرمز إلى العلم الحديث:
يمثل الباحث عن الحقيقة بالعلم لا بالدين، يدخل بيت الجبلاوي ليكتشف سر القوة، لكنه يتسبب دون قصد في موت الجبلاوي، كرمز إلى نهاية عصر الإيمان التقليدي وبداية عصر العلم.
أما الرموز في الرواية فهي:
- الحارة = العالم الإنساني.
- الجبلاوي = الله أو القوة الغيبية الخالقة.
- أولاده = الأنبياء أو رموز الرسالات.
- العلماء والأتباع = الإنسانية في صراعها بين الخير والشر، الإيمان والعلم.
حاول نجيب محفوظ من خلال الرواية أن يصوّر تاريخ البشرية في صراعها مع الظلم والجهل، وكيف حاول الإنسان عبر الأديان ثم عبر العلم أن يبحث عن العدالة والمعرفة.
وفي النهاية يترك محفوظ الباب مفتوحاً أمام القارئ ليتساءل:
هل يستطيع العلم أن يُنقذ الإنسان كما حاول الدين؟ أم أن الصراع بين الخير والشر أبدي؟
وقد أثارت الرواية اتهامات بالإساءة إلى المقدسات الدينية بسبب رموزها الواضحة للأنبياء، فمُنعت طباعتها في مصر لعقود، لكنها تُعدّ اليوم من أهم الروايات العربية وأحد أسباب حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل للآداب عام 1988.



