الرد الإيراني رسائل في كل الاتجاهات.. فماذا في النتائج(جورج جاسر)
كتب العميد جورج جاسر – الحوار نيوز
بعد مرور أسبوعين على تلقيها الضربة الاسرائيلية في دمشق لم يكن من السهل ان تسوق ايران قصفها لإسرائيل بارسال عشرات المسيرات والصواريخ البالستية المتطورة كرد مباشر على قصف قنصليتها في سوريا، والذي لم يعد بامكان ايران ان تحتفظ بحق الرد او تتمنع عن الرد بالمباشر على الكيان الاسرائيلي، نظرا لتراكم عدد الضربات واعتماد الصبر الاستراتيجي لسياستها الذي لم يعد يقنع حلفاءها بعد ضرب قنصليتها في سوريا وما نتج عنه من خسائر مادية بشرية ومعنوية .
انتظر العالم والشرق الأوسط هذا الرد بعد ان اقروا جميعا بحتمية الرد ،وكثرت التحليلات عن امكانية الرد وردات الفعل فيما لوحصل وما سينتج عنها !!!
قطع الرئيس الاميركي في الأمس استجمامه في نهاية الاسبوع ليتابع عن كسب الضربة التي حصلت ليلة امس لعل الضربة تكون غير التي تم التسويق لها من ايران واتفق عليها معها قد تؤدي إلى حرب اقليمية غير محسوبة في حال لم يتم التقيد بضوابط وحدود هذه الضربة.
اتى استعراض القوة من قبل ايران على بعد ٢٠٠٠كلم من حدودها مع إسرائيل واتت الطائرات المسيرة مع عدد من الصواريخ البالستية لتحبس الأنفاس للبعض، وترخي بالطمأنينة للبعض الآخر ،إلا أنه وبعد ان أعلنت ايران عن ضربتها، ماذا في النتائج على إسرائيل وايران وحرب غزة ،وهل سترد إسرائيل مجددا ؟
١- صحيح ان الضربة وجّهت إلى الكيان الاسرائيلي كهدف مباشر، لكنها كانت موجهة ايضا ضد الدول الكبرى، اميركا وبريطانيا وفرنسا والدول العربية الحليفة والمطبعة للكيان الاسرائيلي ،واولى هذه النتائج، ان هذه الضربة قد رسخت التحالف بين الدول الداعمة للكيان مع اسرائيل بدون تردد ،لان اي خسارة لإسرائيل هي خسارة لهم .
٢-تعميق الشرخ بين ايران والدول العربية على قاعدة ان ايران تقدمت بالدفاع عن القضية الفلسطينية قولا وفعلا ،في وقت تخاذلت وانكفأت الدول العربية قاطبة عن اداء دورها تجاه القضية الفلسطينية باستثناء دول الممانعة وانضمام الجزائر اليها( اقله على صعيد الموقف ،غير المؤكد موقفها حتى الساعة )والتصاقها باسرائيل نكاية بايران ودول الممانعة.
٣-قدمت هذه الضربة لإيران ان وضعتها في واجهة الصراع الاقليمي واعتبارها دولة اقليمية لايمكن التغاضي عن دورها في حل قضايا وازمات المنطقة ،دون موافقتها او مشاركتها ،وتراجع دور الدول العربية الكبرى ذات الأكثرية السنية كمصر والسعودية كمدافعين عن القضية الفلسطينية ،وقضايا الخليج العربي بعد ان اثبتت ايران قدرتها على تمرير الضربة المباشرة على إسرائيل وهنا لا قيمة للأضرار التي يمكن ان تنتج عنها بل القدرة على مسك اوراقها الاقليمية والدفاع عن تواجدها في الشرق الاوسط عبر ذرائعها والتي تحاصر اسرائيل من اليمن في الخليج العربي إلى لبنان على المتوسط .
اما النتائج على مستوى حرب غزة فيمكن استنتاج ما يلي:
١-قدمت الضربة عاملا معنويا ولكن دون اعطاء نتائج فورية كوقف الحرب عليها او فك الحصار عنها واعادة المهجرين اليها ،وعزل حركة حماس ومحور المقاومة عربيا .
٢-اعطاء ذريعة لنتانياهو بالتشدد بحربه ضد حركة حماس المدعومة من ايران ،واظهار دور ايران مباشرة بدعمها للمحور واظهار خطرها على الكيان الاسرائيلي ،واعطائه سببا لتمديد وجوده على راس حكومة متشددة للداخل الاسرائيلي ولحلفائها.
٣-ان هذه الضربة قد ردعت إسرائيل من التطاول على ايران ،ومنعها من اعادة الكرة وضرب اي ارض ايرانية وخاصة المنشئات النووية في ايران ،توجيه رسالة إلى إسرائيل واميركا وان انهاء هذا الموضوع لا يمكن ان يكون بالقوة بل بالمفاوضات .
٤-من المستبعد ان تقوم إسرائيل بالرد على الضربة الإيرانية مجددا لعدم موافقة الولايات المتحدة الاميركية على توسيع الحرب وتغطيتها للضربة الايرانية من قبلها ،وان التقليل من حجم الاضرار من قبل اسرائيل وتسويقها للرأي العام الإسرائيلي بان ٩٩٪من الهجوم قد تم التعامل معه وتفجيره بواسطة الدفاعات الجوية الصديقة ،او التي تملكها هي ،وقد يفسر هذا التعامل الاعلامي والتعمية عن الحقيقة مع آثار الضربة ان لاحاجة مجددا للرد .
٥- بعد اكثر من ستة اشهر على معركة طوفان الأقصى والوضع الكارثي الذي وصل اليه قطاع غزة ،وتخلي الدول العربية عن القضية الفلسطينية وعزل حركة حماس عربيا ،فان هذه الضربة الإيرانية على الكيان الاسرائيلي لا تقدم ولا تؤخر على نتائج هذه المعركة لا بل سيبقى الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية يدفعان الثمن غاليا ،وستبقى إسرائيل الدولة الراعية لادارة التوحش في المنطقة بسبب دعمها من الدول الكبرى ،وان رسم حلول وخرائط جديدة لشعوب ودول المنطقة ،ستكون على حساب الدول والأنظمة الضعيفة في الشرق الأوسط .
٦-اما في لبنان الدولة الأكثر تضررا من هذه الحرب بسبب انخراط حزب الله ودعمه لحرب غزة ،علينا عدم ربط تأجيل ازمات لبنان السياسية والاقتصادية والاجتماعية بحرب طويلة ومعقدة ،بل المبادرة إلى انتخاب رئيس للجمهورية ،وتحصين الوضع الداخلي،والاسراع بمعالجة قضية النزوح السوري في طليعة الأزمات التي يعاني منها البلد ،ومعالجة الوضع الاقتصادي والشؤون الاجتماعية …
فلا نفع لاي مكون في لبنان إذا ربح قضية ولو كانت محقة على حساب قضية وطن مهدد بالزوال .
العميد الركن المتقاعد جورج جاسر