الراقصون بنعش الوطن..
د.أحمد عياش
في بلد يعاني من تخمة في عدد رجال الاعمال واصحاب المصارف واصحاب الرأسمال المهرّب وغير المهرّب، وفي عدد السياسيين المحنكين والاحزاب العظيمة، وفي عدد الفنانين والمطربين والراقصات، وفي عدد دور النشر والمدارس والجامعات والمثقفين والجهلة والمتفلسفين والادباء والمهضومين والمتهاضمين والمتدينين والطائفيين والعلمانيين والمنافقين..بلد كهذا لا يمكن السكن فيه وهو غير قابل للعيش وللحياة.
كيف يجمع البلد كل هذه النُخب المتفقة على قتل الدولة، وكيف يستطيع هذا الشعب ان يتحمّل هذا الكمّ العظيم في الفهم؟.
بلد لا فاسدين ولا لصوص ولا مجرمين فيه.
بلد خال من النهب ومن السرقات ،انما منهار اقتصاديا ومضطرب امنيا وماليا وصل الى حد الافلاس.
كمّ كبير من الفهم ومن العلم ومن الابطال ومن الاذكياء ،انما تندلع فيه حروب اهلية كل 30 سنة ميلادية .
الجميع يريد مصلحة البلد، الا ان البلد صار في مزبلة التاريخ…
هل فهم احد منكم لماذا آل مشيك وال حجولا وال جعفر وال المقداد وال زعيتر يتقاتلون بالرصاص؟
لن تفهموا لانكم تدّعون كل الفهم كعادة اللبنانيين …
سألتني زوجتي لماذا لا يتدخل الجيش، اخبرتها أن القوى الامنية عادة تتدخل عندما يتوقف اطلاق الرصاص.
لم تفهم الرد ولم اطلب منها توضيحا للسؤال.
لا داع للكتابة بالسياسة ،فانا اسمع اصوات الرصاص بوضوح، ومطلوب مني ان اصمد وان ان اقاوم وان اقاتل وان احتمل العوز والمرض و نهب المصارف لمالي ،ولا اعرف ان كان عليّ ان اختبىء او ان اهرب او ان انتقل او ان اهاجر ،او ان اشارك الآخرين اطلاق الرصاص او ان انتحر او ان اصلّي او ان اصوم او ان اكفر بالجميع او ان اموت نكاية بحالي…
اخاف ان سألنا ماذا يجري حولنا ان يصنفنا العقل الامني مخبرا، واخاف ان احتج فيصنفني العقل الحزبي بما اني غير منتسب له من الأعداء، واخاف ان اقول رأيي رأي الناس، صوت الذين لا صوت لهم فيتهمنا من يفهم اكثر منا بكثير بالعمالة…
بلد يعج بهذا الكم من الراقصات والراقصين بنعش الوطن لا بد له ان ينتهي كخريطة في الجغرافيا .
نطالب بحذف مادتي التاريخ والجغرافيا، كما نطالب بتسريب اسئلة واجوبة التربية المدنية والاخلاق لعدم الجدوى، ورجاء خاص اضافة مادة كيف تؤسس مصرفا لتسرق الناس ،وأخرى كيف تكذب لتنجح في الامتحانات الرسمية.