رأي

الديانة الإبراهيمية.. والقضاء على الهوية الحضارية للشرق الأوسط !(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوارنيوز

 

تتمايز الحرب المتنقلة في الشرق الأوسط عن الحروب السابقة المتعلقة بالجغرافيا، باختلاف أهدافها المتشابكة ،لتنتقل من حرب إسرائيلية عربية وإسلامية لتحرير فلسطين،  الى حرب “الغاز والنفط” و تثبيت “الديانة الإبراهيمية” على المستوى الديني والحضاري من ضمن التغيير لمعالم الشرق الاوسط ،حيث يقع البعض في الإلتباس الخطير ويحصر موضوع التغيير بالجغرافيا السياسية والكيانات، لكن الحقيقة،هي تغيير معالم المنطقة على المستوى السياسي والحضاري والديني والثقافي وصناعة هوية  جديدة هجينة للمنطقة ،يختفي فيها مصطلح العالم العربي والأمة العربية ،وصولاً لإلغاء مصطلح العالم الاسلامي والأمة الإسلامية.

يتقدّم المشروع الأميركي-الإسرائيلي مع الماسونية والصهيونية بذكاء وهدوء وطمأنينة، وتنفيذ المشروع بالإستعانة بالعرب على بعضهم، وبالمسلمين على بعضهم ،فيتقاتل العرب طوائف وقوميات ومذاهب ويُسقطون بعضهم لتضع اميركا يدها على ما تبقى من ثروات وحضارة .

لا يمكن هزيمة أي جماعة او شعب إلا بزعزعة عقيدته ودفعه للتشكيك بهويته الثقافية وتقاليده وتاريخه، والتبرؤ منها والإنتقال الى مفاهيم وثقافات وسلوكيات جديدة. ويحتاج هذا الإنتقال الى سنوات وربما الى عقود، وهذا ما تعرّض له العرب والمسلمون الذين بدأوا يخسرون هويتهم الثقافية وأصالتهم الدينية منذ أكثر من ثلاثة عقود على مستوى الإعلام والبرامج والمسلسلات والمناهج التربوية والأزياء واللباس و التقاليد والعلاقات الإجتماعية والأسرية ، وصولاً الى تهشيم الشخصية الأخلاقية والثقافية الإسلامية والمسيحية والعربية بعناوين شتى، والبدء بصناعة شخصية ثقافية ودينية مهيأة لقبول المشروع الأميركي، وأن تكون أداة لتحطيم نفسها وأمتها وحضارتها ودينها، وفي اكثر الأوقات لا تعلم انها تقاتل في سبيل أميركا ولا تقاتل في سبيل الله، وهذا قمة الذكاء الخبيث والقاتل للأمة  وشعوبها!

استطاع التحالف الأميركي-الإسرائيلي-العربي ،القضاء على تيار القومية العربية، ثم سقطت الأحزاب الشيوعية العربية بعد إنهيار الشيوعية والاتحاد السوفييتي، ثم بدأ مشروع اسقاط الحركات الإسلامية المقاومة السنيّة والشيعية، وتهشيم الإسلام وتفكيك الكيانات والدول واسقاطها، فسقط الإسلام السياسي السنّي بواسطة  الجماعات التكفيرية،  بالتعاون مع العدو الإسرائيلي ودول التطبيع وبرعاية أميركية.

لم يبق من المذاهب الإسلامية المعاندة والمتمرّدة ،إلا المذهب الشيعي الذي تحوّل في العقود الأخيرة الى مذهب سياسي مقاوم للمشروع الأميركي-الإسرائيلي على مستوى المنطقة ،فعرقل المشاريع الأمريكية واقلق اميركا ووصل الى مرحلة التهديد الحقيقي ،لدولتها الوظيفية “إسرائيل” ومصالحها الاقتصادية ، ما أستدعى هجوماُ اميركياً شاملاً، نجح حتى الآن بإسقاط وتقييد بعض الساحات من غزة الى لبنان ثم  سوريا “العقدة الرئيسية” في المشروع المقاوم ويتقدم عبر الجماعات التكفيرية والأنظمة الموالية لإسقاط الحركات والأنظمة”الشيعية” مرّة بعنوان “الصفويين” وتارة بعنوان “الفرس” وأخرى  “الرافضة” او “الإرهاب”، واختلطت الحرب على الشيعة بعناوينها السياسية والعقائدية والعسكرية ولن تتوقف الا في حالتين:

– إعلان الاستسلام والولاء الشيعي للمشروع الأميركي والسلام مع إسرائيل، وعدم دعم المقاومة الفلسطينية والتحوّل الى مذهب “شقيق ” سياسياً وعسكرياً، للجماعات التكفيرية وإسلام الأنظمة الطقوسي .

– نزع سلاح الشيعة في لبنان وسوريا والعراق وإيران واليمن ودعم التيارات الشيعية المسالمة والطقسية والمعارضات الشيعية التي تتبع المشروع الأميركي.

وفق المشروع الأميركي ،لابد من القضاء على المذهب الشيعي الحركي المقاوم على مستوى العقيدة والتأثير ، لفتح الطريق امام “الديانة الإبراهيمية” التي سَتغيّر معالم الشرق الأوسط، من منطقة “مهد “الرسالات السماوية (اليهودية والإسلامية والمسيحية) الى ساحة الديانة الإبراهيمية الماسونية، كمرحلة أخيرة من مشروع تغيير معالم الشرق الأوسط ومحو هويته الدينية والحضارية.

لابد من تأسيس جبهة مقاومة “عربية-إسلامية-مسيحية” من كل المذاهب والأحرار والوطنيين لمواجهة المخطط الأميركي-الإسرائيلي الذي سيلتهم المنطقة دولة بعد أخرى، ويُسقط المذاهب واحداً بعد الآخر ويقضي على الوطنيين أفراداً وجماعات. ويقول الإمام الصدر إن “العالم بحاجة لتعاون إسلامي – مسيحي  ضد طغيان اليهود والإلحاد والفساد وإستضعاف الإنسان”.

لنبادر ونستطيع الصمود والإنتصار ..وفي أسوأ الحالات تأخير الإستسلام او الهزيمة …

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى