العالم العربيسياسة

الدولة والثورة ..وسوريا الجديدة (عدنان عويّد)

 

د. عدنان عويّد* – سوريا

رحنا نسمع هنا وهناك من بعض أفراد الثورة أو حتى من بعض المسؤولين في حكومة تصريف الأعمال السورية، من يريد تحديد نظام الدولة أو بعض قضاياها على هواه، كقضية المرأة مثلا أو الموقف من بعض مكونات المجتمع الدينية أو السياسية كالقومية أو العلمانية أو غير ذلك.

إن مثل هذه التصريحات الفردية تسيئ برأيي للثورة وتشوه صورتها على مستوى الداخل والخارج.. وبالتالي ستعرقل عمل الدولة ذاتها.

لاشك أن هناك فرقا كبيرا بين مفهوم الثورة ومفهوم الدولة.. وأن لكل منهما حوامله الاجتماعية وقوانينه وظروفه التاريخية التي يتحرك فيها.

فالثورة في سياقها العام حركة سياسية تحمل مشروعا فكريا أيديولوجيا وسياسيا غالبا ما يهدف إلى تغيير نظام حكم قائم بنظام آخر، بغض النظر عن طبيعة هذا النظام دينيا كان أم وضعيا.. وفي الثورة قد تلتقي عدة قوى سياسية أو عسكرية مختلفة المرجعيات الفكرية والسياسية ولكن يجمعها قاسم مشترك هو تغيير النظام القائم.

أما الدولة فهي مجموعة مؤسسات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لها قوانينها وأنظمتها التي تعمل على تسيير شؤون المواطنين. والدولة هنا تعود مرجعيتها إلى الشعب بكل مكوناته  الدينية والعرقية والسياسية، وهو وحده من يحدد طبيعة نظام الدولة ودستورها ونظامها البرلماني،  وبالتالي فالدولة هنا يحكمها القانون الذي يخضع له الجميع…وجوهر بنيتها المواطنة التي تعني احترام المختلف وتحقيق العدالة والمساواة واحترام الحرية الشخصية التي لا تسيئ للآخرين ..أي الحرية التي تقوم على الوعي بشروطها والمسؤولية في ممارستها.

الدولة في المحصلة هي من تقوم على تحقيق حقوق الفرد والمجتمع، ثم فرض الواجبات التي يجب أن يؤديها الفرد والمجتمع أيضا.. وهذا ما نسميه بدولة المواطنة التي لا تنظر إلى الأقليات إلا بكونهم مواطنين لهم ما للأكثرية من حقوق وعليهم واجبات يجب القيام بها ..وبهذا الفهم ننتقل أيضا من عالم الثوار إلى عالم المواطنين.

فمع الدولة تتطور الثورة وتتحول هنا إلى فعل جمعي تمارسه الدولة بكل مكوناتها من أجل تنمية المجتمع والدولة معا.

* كاتب وباحث سوري

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى