بقلم د. عماد عكوش – الحوارنيوز
الدورتان السنويتان في الصين، تعدان من أهم وأبرز الأحداث السياسية والاقتصادية ، وهي تقليد سياسي سنوي يجمع بين المجلس الوطني لنواب الشعب (NPC)،( وهو أعلى هيئة تشريعية في الصين ، ويضم حوالي 3000 نائب يمثلون جميع المقاطعات والأقاليم والإدارات المختلفة) ، والمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني (CPPCC)، الذي يضم ممثلين من مختلف الأحزاب والجماعات والفئات الاجتماعية والنخب الثقافية والعلمية والفكرية .
يجتمع هذان الكيانان خلال شهر اذار من كل عام في العاصمة بكين، لمناقشة قضايا الدولة الرئيسية، ورسم السياسات العامة، وتحديد التوجهات المستقبلية للصين داخليًا وخارجيًا.
تُعقد الدورتان بالتوازي وتستمر عادةً ما بين 7 إلى 10 أيام ، وتشكلان حدثًا محوريًا في الأجندة السياسية الصينية، حيث يجري خلالهما مراجعة أداء الحكومة ، وتقييم السياسات ، ووضع أولويات التنمية للعام المقبل .
تتضمن الدورتان السنويتان سلسلة مكثفة من الاجتماعات والجلسات والفعاليات، منها:
- تقديم تقارير رسمية، منها تقرير رئيس مجلس الدولة (رئيس الوزراء) حول أداء الحكومة في العام الماضي وخطة العام الجديد ، منها تقرير وزارة المالية حول الميزانية ، منها تقرير حول الخطة الخمسية وتقدم تنفيذها ، ومنها تقارير متعلقة بالقضاء والادعاء العام.
- مناقشة مشاريع القوانين حيث يقوم نواب المجلس بمناقشة مشاريع قوانين جديدة تشمل جوانب الاقتصاد، البيئة، التعليم، التكنولوجيا، الأمن القومي وغيرها.
- تقديم مقترحات من قبل أعضاء المؤتمر الاستشاري والمتعلقة بتحسين السياسات والخدمات، وهذه المقترحات غالبًا تأتي من ممثلي القطاعات المختلفة، من الأكاديميين ورجال الأعمال والقيادات المجتمعية.
- إقرار الميزانية حيث يتم التصويت على الموازنة الوطنية وتحديد توزيع الإنفاق الحكومي على المشاريع الكبرى.
- وضع الأهداف السنوية بما في ذلك نسبة النمو الاقتصادي، وخلق الوظائف، والإنفاق على الصحة والتعليم، ومكافحة التلوث.
- السياسة الخارجية حيث يتم خلال الجلسات تحديد أولويات السياسة الخارجية للصين، خاصة في ظل التوترات التجارية والجيوسياسية مع الغرب.
ان أهم المشاركين في هاتين الدورتين :
- نواب المجلس الوطني لنواب الشعب
- أعضاء المؤتمر الاستشاري السياسي
- القيادة العليا
- وسائل الإعلام
- ممثلو الشركات
- الخبراء والمستشارون
بالنسبة للمواضيع التي يمكن طرحها ،تتغير كل عام وفقًا للظروف المحلية والدولية، ومن المتوقع أن تكون أبرز المواضيع في دورة 2025 كالتالي:
- الاقتصاد والنمو
تحقيق نمو اقتصادي مستدام في ظل تباطؤ الاقتصاد العالمي ، دعم الابتكار والتكنولوجيا المتقدمة ، وتعزيز الاستهلاك المحلي كمحرك رئيسي للنمو.
- البيئة والتنمية الخضراء
استكمال أهداف خفض الانبعاثات ، تشجيع الطاقة المتجددة ، وتطوير البنية التحتية البيئية.
- التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي والجيل السادس من الاتصالات جي 6 ، تعزيز الأمن السيبراني ، ودعم الشركات الناشئة في القطاعات التكنولوجية.
- الرفاه الاجتماعي
تحسين خدمات الصحة والتعليم ، رفع المعاشات ، وتعزيز برامج مكافحة الفقر في المناطق الريفية.
- الأمن القومي والسياسة الخارجية
حماية المصالح الصينية في بحر الصين الجنوبي ، إدارة التوتر مع الولايات المتحدة ، وتعزيز مبادرة الحزام والطريق.
- الإصلاحات القانونية والإدارية
تحسين بيئة الأعمال ، تعزيز سيادة القانون ، ومكافحة الفساد.
أما أبرز التوقعات من هذا الاجتماع الكبير فهو على الشكل الآتي :
- تواصل الصين التركيز على الابتكار التكنولوجي كمحرك للنمو.
- تعزيز الاستقلالية الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الغرب.
- دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة لتحقيق تنمية متوازنة.
- تكثيف جهود مكافحة التلوث، والانتقال نحو اقتصاد أخضر.
- تحديث الجيش وزيادة الإنفاق الدفاعي في ظل التوترات الجيوسياسية.
هذا الاجتماع هو مرآة تعكس أولويات الصين وطموحاتها، كما أنها تقدم للعالم فرصة لفهم توجهات ثاني أكبر اقتصاد في العالم. ومن خلال القرارات والتوصيات التي يمكن ان تصدرعنها ، تستطيع الصين، ليس فقط رسم سياساتها الداخلية، بل أيضًا توجيه رسائل سياسية واقتصادية للخارج، في ظل منافسة شرسة على قيادة المستقبل التكنولوجي والاقتصادي ، وبالتالي فإن متابعة هاتين الدورتين أصبح أمرًا اساسيا لجميع المهتمين بالشأن الصيني والشأن العالمي .
