رأي

الخيانة في زمن البؤس طبيعية ..لكنها غير مشرّفة ؟(أحمد عياش)

 

د. أحمد عياش – الحوارنيوز

بعد المأساة والمصيبة والفاجعة يقتحم البؤس المشهد ليدوم بقسوة وليُسقط دفاعات اناس كُثر فضّلت الكرامة والشرف والكبرياء على العنف والجريمة.يختارون زيادة العمل،بيع الارض واساور الذهب،يمارسون التقشف الى ابعد الحدود،يغيرون نمط العيش ويكبتون القهر، الا انّ البؤس يَقوى ويشتدّ الخناق، وبعد كل الاحتياطات المتخذة يقف كثيرون امام خيارات صعبة حيث افضل الحلول جارحة، فإما الهجرة وإما القتل واما الانتحار وإما الدعارة وإمّا السرقة وإما الاحتيال وإما المكر وإما الالتحاق بالميليشيات المحلية.

تنتبه اجهزة المخابرات لانهيارات الناس النفسية،يبحثون بين الناس عمن ضاقت به السبل ومن اجتمعت فيه عناصر الانتقام من المجتمع ومن الحياة ومن القوم ومن السماء.

يقتربون منه كفرصة نجاة ويختبرونه، ثم يورطونه، ثم يجعلون منه عميلا يعمل لصالحهم .

لا تسل البائس لماذا سقط؟

حاسب وعاقب مَن تركوا الناس والجماهير تُنهب وتُسبى وتموت قهرا وببطء .

لا تتهم البائس!

اتهم من جعل من جماعته نبلاء برواتبهم ،وجاء يسأل ويبحث بين البائسين عن خونة.

الخيانة هنا طبيعية.

الخيانة والعمالة في زمن البؤس مفهومان، انما غير مبرّرين. لكن لا يمكنك ان تضع امرأة شبه عارية بين مجرمين وألا تنتظر حصول الاغتصاب.

الشعب باكمله مغتصب.

ليست المرأة بعاهرة.العاهر من ترك الجماهير شبه عارية بين مجرمين في العتمة بلا ماء وبلا دواء وبلا ثياب تستر العورات،وسرقوا مدخراتهم وداسوا على انسانيتهم.

مهما نجحت القوى الامنية مدعومة من الخارج في الصمود، ومهما نجحت الحمايات المحلّية للبلدات وللأحياء، فالجرائم المعنوية كالخيانات وكالعمالة وكالدعارة و كالمراهنات ستزداد ،ولو ان الجرائم الدموية سيخف عددها …

 

البؤس يحفز الانتقام، والانتقام ينتظم في عملية ثأر ضد المجتمع ككل، لأن الجائع والمحتاج والبائس غير مستعد ان يبرّىء حتى رجال الدين والفاعلين الاجتماعيين من حوله من جريمة قتله.

الكنيسة والمسجد لا يُطعمان جائعا ولو صلّى كل النهار، وما نفع قرع الاجراس ورفع  الأذان الذي يحث الناس “على الفلاح و على خير العمل” ان كان العمل غير متوفر، والارض قد فلحها اللصوص الممنوع محاسبتهم وسرقوا الاخضر واليابس…

اوغاد،انذال.

البائسون اليوم مرتع طبيعي وعادي للمخابرات، واسعار العمالة والخيانات متدنية جدا لتوفر ولجهوزية اعداد كثيرة للانتقام.

بخمسين دولارا اليوم تشتري ضميرا مقلياً على النار.

البؤس يضعف البصيرة ويقوي البصر والسمع لكتابة التقارير ويلزم ضحيته اعتبار كل الحلول مباحة وحلالا.

الانتقام هو المدخل الاساس للخيانة وللعمالة، ولا شيء غير الانتقام يعشعش في صدور الناس.

العمالة والخيانة والدعارة والمراهنات في زمن البؤس والبؤساء امور طبيعية وعادية ومنتظرة، اما من ينتظر من البائسين ان يبقوا على كراماتهم وهم ينعمون برواتب مرتبطة باليورو وبالدولار او بالمال الحرام والمشبوه، فهم الخونة الحقيقيون لجماهيرهم ولأوطانهم ،لأنهم فعلوا كل شيء لدفع البائس على العمالة الحرام…

الخيانة في زمن البؤس امر طبيعي وعادي، ولو كانت غير مشرّفة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى