رأي

خطاب السيد في ميزان الاستراتيجيا : الرد على تهديد العصر الحجري بالأفناء.. واستبدال تعبير الترسيم بالتحرير(علي يوسف)

 

كتب علي يوسف- الحوار نيوز

لا نقول جديدا اذا قلنا ان خطاب السيد نصرالله في ذكرى انتصار ١٤ آب هو خطاب تاريخي .. فكل خطاباته هي في مضمون من مضامينها على الاقل تأتي تاريخية ان لم تكن في معظم او جميع مضامينها وبحسب المناسبة وتاريخها والتطورات التي تستجيب اليها ….
لقد تميز خطاب السيد بهدوء ظاهر يختزن الكثير من القوة والحزم ويعبر عن مدى القوة والثقة والطمأنينة للقدرة والارادة والبنية وتوافر البيئة الحاضنة والتحالفات المحورية التي تذهب بنا الى الانتصار الحاسم …
هذا في الشكل، اما في المضمون فقد جاء الخطاب ليرد على التحديات الاستراتيجية في ظرفها ومستقبلها ويوضح الرؤى حول الاولويات والازمات الداخلية …
وهنا لابد من التفصيل حول اهم المواقف وتطور مضامينها :
١- على الصعيد الاقليمي :
-اكد السيد على اعادة احياء نشاط داعش كجزء من محاولة الرد الاميركي على التحولات التي شهدتها و تشهدها المنطقة والتي تشكل خروجا عن الارادة الاميركية ان على صعيد الاتفاق السعودي الايراني او عل صعيد عودة الجامعة العربية الى سوريا او وتوسع التحرك الروسي في المنطقة وتوسع المقاومة الفلسطنية في الضفة الغربية كما ونوعا الخ..
-اما على صعيد التهديدات الاسرائيلية فقد جاء الموقف لافتا وحاسما بأن اي اعتداء على لبنان ” لإعادته الى العصر الحجري ” كما يهدد المسؤولون الاسرائيليون سوف يؤدي الى فناء وعدم وجود الكيان الاسرائيلي ..
واذا كان السيد حرص على الرد على المسؤولين الاسرائيليين انطلاقا من لبنانية المقاومة والدفاع عن لبنان، فإن مضامين كلماته وما تختزن من معاني ومحتويات التعابير إضافة الى مناورات المقاومة الهجومية ونوعية الاستعدادات ،تؤكد على ان المقاومة اللبنانية هي رأس حربة في محور الممانعة الذي يأخذ على عاتقه تحرير فلسطين والعالم العربي والاقليم من المشروع الصهيوني الغاصب لفلسطين والذي يُشكل مع حلفائه المعلنين وغير المعلنين في المنطقة والمعززين بالقواعد الاميركية فيها رأس الحربة في الحفاظ على الهيمنة الاميركية والغربية في المنطقة، والحفاظ على استمرار مشاريع التفتيت والصراعات ومنع مشاريع التنمية على انواعها ….

٢-على الصعيد الداخلي :
-شكل العنصر الابرز والاستراتيجي الهام جدا التطور الواضح في الموقف من موضوع التنقيب على النفط والغاز ،حيث تم استبدال تعبير اتفاق ترسيم الحدود بتعبير تحرير الجزء الاكبر من حقوقنا في المياه الاقليمية وفي مساحات التنقيب …
والمهم في هذا التطور -التوضيح ،ان المقاومة لا تعتبر الاتفاق الذي حصل اتفاق ترسيم حدود بحرية والذي يحمل في طياته الاقرار بأن صاحب الارض هو الاسرائيلي الغاصب .. فجاء تعبير تحرير الحقوق ليجعل من الاتفاق تكملة لاتفاق ال ١٧٠١ وبمثابة خط وقف الاعتداء …
ولعل الاكثر اهمية في ما قاله السيد في هذا الشأن ان الاتفاق حرر الجزء الاكبر من الحقوق، بما يُؤكد انه ليس اتفاق ترسيم وان هذا الاتفاق هو مرحلي ولم يحرر كامل الحقوق وان مازالت هناك حقوق في المياه محتلة و يجب تحريرها من ضمن مشروع تحرير كامل الارض اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي ..
وهذا الموقف – التوضيح هو موقف استراتيجي يشكل انعطافا مهما و اساسيا في تحديد نوعية الاتفاق ويستوجب من الجميع التوقف عن استعمال تعبير ترسيم الحدود البحرية خصوصا من قبل المعنيين في المقاومة وبيئتها واعلامهم ….
وقد استكمل السيد هذا التطور – التوضيح بالقول ان الضمانة الحقيقية لهذا التحرير هو الثلاثية الذهبية الجيش والشعب والمقاومة، وقوة المقاومة خصوصا، وتفّه و استهزأ بما يُسمّى الضمانة الاميركية مُؤكدا ان الاميركيين لا يضمنون الا مصالح اسرائيل ولا يضمنون اتفاقات تحرير من النفوذ الاسرائيلي وبما يُشكل تردادا وتأكيدا لكل مواقف السيد التي تعتبر الاميركي العدو الاساسي وصاحب وراعي مشاريع الهيمنة ،وبما يُتفّه ايضا مهمة الوسيط الاميركي – الصهيوني هوكشتاين ….
اما في السياسات الداخلية والازمات فكالعادة اكد على استيعاب جرح الكحالة وترك الامر الى القضاء الذي لم يفلح يوما في اثبات نزاهته او لعب دوره في تحقيق العدالة ..!!!
واكد السيد كعادته على تجنب الفتنة وتجنب السير نحو الحرب الاهلية التي هدفها التدمير واشغال الجميع عن العدو ومخططاته والتي يسعى اليها العدو الصهيوني وراعيه الاميركي ..
ولعل في هذا الكلام كثير من التواضع والكبر والحكمة لتلافي هدر الدم المجاني لمصلحة العدو ومحاولة اعطاء فرص لقوى سياسية معروفة لعمل مراجعة لمواقفها وسياساتها بما يحفظ وجودها في الوطن …
فالجميع يعلم ان مشروع حرب اهلية في لبنان بوجود المقاومة وقوتها الحاسمة هو مشروع فاشل في النتائج، وتقتصر مفاعيله على بذل الدم المجاني وزيادة الازمات والهجرة ولا تشكل مشروع اضعاف للمقاومة .. ولعل اكبر دليل على ما نقول ان وجود المقاومة في سوريا والعراق وغيرها مشاركة في المعركة لهزم الارهاب، كل ذلك لم يؤد الى اشغال المقاومة عن الاندفاع الكبير في تعزيز الردع ضد العدو بل والانتقال من مرحلة الردع الى مرحلة التحرير كمناورات تتجه لتتحول واقعا….
اما في شأن موضوع رئاسة الجمهورية فلا ارى ما يستحق الذكر باستثناء التعويل على الحوار مع التيار الوطني الحر الذي سيكون لنا كلام كثير حوله لاحقا ،في ضوء النتائج التي تعتمد على قدرة جبران باسيل ان ينزل من اوهام الابتزاز لتكون قدماه على الارض ..!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى