منى الدحداح زوين- الحوارنيوز خاص
في الفترة الأخيرة نسمع كثيرا عن موضوع الحياد،، لدرجة أن اللبنانيين انقسموا بين مؤيد ورافض دون أن يدروا ما مفهوم الحياد وما المقصود من الحياد.
معنى وترجمة الحياد في القاموس اللغوي:
“وَقَفَ مَوْقِفَ الحِيَادِ مِنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ: عَدَمُ الانْحِيازِ لأَحَدٍ مِنْهُما. اِتَّخَذَ مَوْقِفَ الحْيادِ مِنَ الصِّراعِ”.
الحْيادُ الإيجابِيُّ: عَدَمُ انْحِيازِ دَوْلَةٍ إلَى إحْدَى الدُّوَلِ الكُبْرَى وَالعَمَلُ عَلَى الْمُشَارَكَةِ فِي حِفْظِ السَّلاَمِ الدُّوَلِيِّ”
ترجمة حياد باللغة الإنجليزية: Neutrality.
الا ان الحياد كمفهوم قانوني قد حدد في مؤتمر لاهاي في 18 أكتوبر/ تشرين الأول 1907 ،حيث يفترض في الدول المحايدة أن تتعهد وتلتزم الحياد تجاه جميع الأطراف في حرب معينة، وتعتبر نفسها محايدة في جميع النزاعات. كما أنها لا تستطيع الدخول في تحالفات عسكرية.
اذا فالحياد بالمعنى اللغوي والقانوني هو عدم اشتراك دولة في حروب دول أخرى من حيث الأفراد والعتاد، وهذا لا يعني انها لا تستطيع ان تعبر الدولة المحايدة عن موقفها تجاه الدول المتصارعة، ولكن من خلال تصويتها كدولة عضو في الأمم المتحدة، أو ان تكون منعزلة عن الدول الأخرى من دون مشاركتها في الاتفاقيات الدولية (غير العسكرية) وسواها، وكذلك لا يعني انها لا تستطيع الدفاع عن نفسها في حال التعدي عليها من قبل أي دولة أخرى وأن تختارالنظام الملائم لبلادها.
إنّ أثر الحياد هو ايجابي بالنسبة للدول التي تتخذه لأنه يؤمّن لها الأمان والسلام والازدهار، اذ نرى الدول التي اتخذت موقف الحياد كانت شبيهة بوضعها مثل لبنان، إن كان ذلك بصراعاتها الاقليمية ومشاكلها الداخلية وتدخلات جيرانها وواقعها الاجتماعي والسياسي، أم في تركيبتها الدينية والمذهبية وموقعها الجغرافي إلاقليمي الخاص، وتميزها بأهميتها الاستراتيجية بالنسبة للبلدان المجاورة لها، أو الدول العظمى في العالم، ووضعها الاقتصادي (منطقة ترانزيت للبضائع في اتجاهات متعددة، بلاد ليست غنية بالثروات الطبيعية). ومن بينها سويسرا، لوكسمبورغ، بلجيكا، الأرغواي، فنلندا، النمسا، لاووس. ونلاحظ أيضا انّ أبرز الصفات المشتركة في ما بين تلك الدول انها الأصغر بالنسبة للدول المجاورة لها، إن من حيث المساحة أو عدد السكان.
سويسرا تقع بين إيطاليا وفرنسا وألمانيا، لوكسمبورغ بين فرنسا وبلجيكا وألمانيا، بلجيكا بين فرنسا وألمانيا، الأرغواي بين البرازيل والأرجنتين، فنلندا بين الاتحاد السوفياتي(سابقا) والسويد، النمسا بين ألمانيا وإيطاليا والدول السلاڤية، لاووس بين الصين وفيتنام وتايلاند.
لبنان كذلك هو الأصغر من بين الدول المحيطة به، إن كان من حيث عدد السكان والمساحة .فهو يقع بين فلسطين المحتلة وسوريا، مساحة فلسطين المحتلة26،990 كم2 وعدد سكانها 14.2 مليون نسمة، وسوريا مساحتها 185،180 كم2 وعدد سكانها 16،492،904 نسمة، بينما لبنان مساحته 10،452 كم2 وعدد سكانه 7،702،566 نسمة.
نلاحظ أن الدول منذ أن أخذت موقف الحياد تجنبت الحروب عليها، واصبحت من أكثر البلدان أمانا، وازدهرت اقتصاديا وسياحيا وأصبحت تأخذ قرارتها بنفسها، وما يحتم عليها مصالح شعبها ووطنها دون املاءات من دول الخارج الذين لا يفكرون الا بمصالحهم الشخصية دون النظر لمصالح الدول الأخرى، وأدى ذلك الى حفظ العيش المشترك بين أبنائها وأصبحت المنافسة في ما بينهم محصورة في المجال التنموي البحت، ما يجعل المواطن يستعيد الثقة بوطنه مجالا رحبا آمنا لتحقيق ذاته ومستقبل الأجيال…
هذا من حيث المبدأ، لكن لبنان بلد مستهدف بأرضه ومياهه وإقتصاده وثروته النفطية، فضلا عن استراتيجية لم تعد خافية على أحد بأن يكون جغرافيا لجزء حيوي من مشروع التوطين بعد أن فشلوا بتحويله إلى وطن بديل للإخوة الفلسطينيين، ما يستوجب إقرار استراتيجية وطنية للدفاع بأسرع وقت ممكن.
*أستاذة قانون – لبنان