الحوار السعودي مع حزب الله يقترب من المباشر (حكمت عبيد)
حكمت عبيد – الحوارنيوز – خاص
ثلاثة مؤشرات تقودنا الى مثل هذا العنوان الذي حمله المقال:
- أن الحوار السعودي – الإيراني يتواصل وإن ببطء ملحوظ، لكنه على ما يبدو حوار أثمر قاعدة رئيسية بين الطرفين مفادها التهدئة كمقدمة لحوار عاقل يتناول قضايا المنطقة والمصالح الحيوية والاستراتجية لكلا الطرفين، وهذا ما يبدو جلياً في اليمن وفي أكثر من مكان.
- إن الإنفتاح السعودي على قوى وشخصيات محور المقاومة يتوسع تدريجا، وهو يقترب شيئاً فشيئاً من حارة حريك، وهو حطّ اليوم في منطقة المتحف ، حيث التقى السفير وليد بخاري مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم “وبحث معه شؤوناً عامة”. و”بين المتحف والحارة رمية حجر”.
- لقاء ابراهيم – بخاري بحد ذاته خطوة طبيعية ومقدمة لا بد منها لجلسة بين السفير السعودي وحزب الله مباشرة أو مع كتلة الوفاء للمقاومة النيابية، لأن ثمة من يعتبر أن الثقة الكبيرة التي يمنحها حزب الله للواء ابراهيم أهلته لأكثر من دور وسيط بين الحارة وعدد من المراجع والقوى اللبنانية والشخصيات الدبلوماسية، لا بل، وبعض العواصم العربية والأوروبية، وكان آخرها ملف ترسيم الحدود البحرية. ويقول العارفون إن اللقاءات الأكثر انتاجية التي كان يعقدها الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين كانت مع اللواء ابراهيم المفوض الحصري من حزب الله لنقل موقفه الرسمي.
إن الأداء الدقيق لمديرعام الأمن العام وشبكة العلاقات المحلية والإقليمية والدولية ونجاحه، كشخص وكمديرية، بإنجاز العديد من الملفات الأمنية الشائكة أهلته لدور يتجاوز حدود الصلاحيات المنصوص عنها في القانون، وتحول الى تقاطع نادر بين مجموع القوى السياسية على تناقضاتها.
لقاء اللواء إبراهيم والسفير بخاري، اليوم، يكتسب أهمية استثنائية في هذه الفترة التي قررت فيها المملكة العودة الى لعب دور ايجابي في لبنان، بعدأن كانت “معتكفة” ،على ما ينطوي هذا الاعتكاف من دور سلبي بطبيعة الحال.
ربما اقتنعت المراجع المعنية بإدارة الملف اللبناني في الرياض بأن المملكة اكتسبت دور الشقيقة الكبرى بالنسبة لمختلف اللبنانيين، نظرا الى دورها الايجابي والحيادي في لبنان ودعوتها الدائمة للحوار والتلاقي لحل القضايا الخلافية، وهذا دأبها تاريخياً.
لا شك أن اتساع النفوذ الايراني في المنطقة، قد أثار حفيظة المملكة، لكنها تأكدت مرة بعد مرة أن الملف اللبناني الداخلي بعيد عن المؤثرات الإيرانية ،ويدار من لبنان، وأن التراجع الطوعي السعودي، لا يخدم مصالح الدولتين اللبنانية والسعودية.
لقد سمع السفير بخاري ممن التقاهم أمس من رموز وشخصيات متحالفة مع حزب الله، ما سمعه اليوم من اللواء ابراهيم بأن حزب الله لا يسعى وراء خلاف، لا مع المملكة العربية السعودية ولا مع أي دولة عربية، وهو حزب ملتزم احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد عربي أو غير عربي ويعمل تحت سقف الدستور اللبناني، لكن هذا لا يمنعه من اعلان مواقف مبدئية تتصل بملفات عامة.
أما الدور الاقليمي لحزب الله فمرده الى تقاطع وتشابك العوامل الداخلية والاقليمية والدولية، والخشية الدائمة من أن تأتي التسويات التي يتم رسمها للمنطقة على حساب لبنان وفلسطين (ملفات المياه والتوطين والحقوق السيادة في البحر والبر والجو).
لقد وقف حزب الله الى جانب الدولة السورية ومنع اسقاطها وتقسيم سوريا الى دويلات ومقاطعات محكومة من امراء وخلفاء مدعومين من دول مختلفة، وفي ذلك مصلحة للبنان ولسائر الدول العربية ومنها السعودية التي عانت قبل غيرها من موجات التطرف وارهابه المنظم.
لقاء ابراهيم – بخاري خاتمة جولة موفقة للبخاري في الشمال والبقاع خلال اليومين الماضيين، وفاتحة أمل نحو دور أكثر عقلانية في المرحلة المقبلة.