الحكومة تتأرجح بين بعبدا وبيت الوسط..ولا يبدو تشكيلها ظاهرا في الأفق
"الخروج الصامت" لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل من إجتماعه غير المعلن مع الرئيس المكلف سعد الحريري، ظهر اليوم الأربعاء، كان كافيا للتدليل على أن لا شيء جديدا في ملف تأليف الحكومة.
مصادر مرجع رسمي وصفت المشهد الحكومي بالمتأرجح بين بعبدا وبيت الوسط، وقالت ل "الحوارنيوز" أن الخط الساخن بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري لم ينقطع منذ الأمس، "لكن على ما يبدو يلقي كل واحد من الطرفين بمسؤولية الحل على الآخر".
وتضيف المصادر ان الرئيس عون لا يمكنه التراجع عن حصته ومنح المقعد المخصص له من الطائفة السنية لأي مكوّن سياسي آخر، في المقابل يرفض الرئيس الحريري أي تنازل من حصته، وهو بالأساس "يرفض مبدأ توزير أي من النواب السنة المعارضين لأنه يعتبر "أنهم ينتمون بغالبيتهم إلى كتل نيابية معروفة وشاركوا بالإستشارات النيابية من خلال هذه الكتل، بإستثناء إثنين منهم فقط لا غير".
حتى ساعة متأخرة من مساء اليوم "لا مخارج مطروحة" بحسب مصادر حزب الله، التي أضافت ل "الحوارنيوز" إن موقف الحزب مبدئي وأخلاقي وهو ينسجم مع موقف "الحزب" منذ اللحظة الأولى للتكليف.ولا يهم الحزب كيف ومن أين يتمثل هؤلاء ،سواء عبر رئيس الجمهورية أم عبر رئيس الحكومة ،المهم أن يتمثلوا ونقطة على السطر.
والواضح ان الرئيس المكلف لم يفهم الإشارات الكثيرة لجهة توزير أحد نواب السنة من خارج تيار "المستقبل" .فمنذ اليوم الأول للتكليف نصحه الرئيس نبيه بري باحتضان هؤلاء عبر توزير أحدهم ‘بما يكرسه زعيما لكل الطائفة السنية في لبنان .وقبل شهرين زاره مساعد الأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ونقل اليه رغبة الحزب بتمثيل هؤلاء في الحكومة .وفي خطابه الأخير كان السيد حسن نصر الله واضحا في ارسال الإشارة بهذا المعنى ،لكن الرئيس الحريري واجه كل هذه الإشارات باللامبالاة ،اما لأنه اعتبر ذلك من باب النصيحة فقط وأن الثنائي الشيعي لن يذهب أبعد من ذلك ،أو لأنه يرفض رفضا باتا تمثيلهم من حصته .وثمة من يعتقد بالأمرين معا ،في حين ترى مصادر لقاء النواب السنة أن الحريري يرفض حتى الاعتراف بهم كنواب يمثلون جزءا من الطائفة ،ويرفض بأي شكل من الاشكال مشاركتهم في حكومته حتى لو جاء ذلك من حصة رئيس الجمهورية ،أو حتى من حصة الثنائي الشيعي.
وفي كل الأحوال فإن موقف الرئيس الحريري ليس له تفسير دستوري ،بل هو من باب المكابرة ،لأن رئيس الحكومة يستطيع أن يمارس دوره الدستوري ولو بوزير واحد ،لأنه يملك كل الصلاحيات التي تخوله تمرير القرارات في مجلس الوزراء أو تعطيلها .فهو رئيس مجلس الوزراء الذي لا يجتمع الا بدعوة منه ،ولا يمكن اعداد جدول الاعمال الا بموافقته ،ولا تحال المشاريع الى مجلس النواب الا بموافقته أيضا .وباختصار فإن رئيس الحكومة اللبنانية يشكل وحده الثلث المعطل لقرارات الحكومة ،خاصة وأن معظم قرارات مجلس الوزراء تطبخ خارج الجلسة .وعليه لا يهم أن تكون حصة رئيس الحكومة وزيرا بالزائد أم وزيرا بالناقص.
بناء على ما تقدم يرى معظم المهتمين بالشأن الحكومي أن العقدة السنية ليست سهلة الحل الا بتراجع الرئيس الحريري عن موقفه ،وألا فلا حكومة في المدى المنظور.