سياسةصحفمحليات لبنانية

الحريري… اسألوا قصر اليمامة(نبيه البرجي)

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتب نبيه برجي في صحيفة الديار يقول:

ذهب برفع الغطاء السعودي، ويعود ـ إذا عاد ـ بالغطاء اياه، وان كان البعض قد تساءل عن السبب الذي حمله على تغيير “اللوك السعودي”، دون أن يكون دقيقاً ما ردده بعض ببغاءات الشاشات حول اتصالاته “التي لم تنقطع مع الرياض”… اتصالات مع من؟

السعوديون مثل أي جهة عربية أو دولية، ينظرون الى الساحة اللبنانية من الساحة الجنوبية. من هو المايسترو الذي يتقدم الصفوف اذا اندلعت الحرب؟ هو ذاته الذي يتقدم الصفوف اذا فتحت أبواب التسوية. سعد الحريري يعلم أن الوضع اللبناني، بارتباطه العضوي بالوضع في المنطقة، بات أكثر تعقيداً بكثير مما كان عليه حين قرر تعليق العمل السياسي.

لماذا اذاً ذاك الضجيج المبرمج حول عودته في ذكرى 14 شباط. هل ليقول “أنا الملك” (وأين المملكة؟)، أم ليقول له أنصاره اننا ضائعون ومشتتون على رقعة الشطرنج؟ لبنان كله ضائع ومشتت، حتى لتبدو الدولة “عالقة بين أسنان قطة”، كما يصف جيمس جويس احدى القرى الايرلندية.

انه ابن رفيق الحريري، الرجل العابر للطوائف والعابر للدول. وهذا هو رصيد الابن السياسي والاستراتيجي. ولكن حين أهيل التراب على الأب، بدا للكثيرين أنه أهيل أيضاً على “الحريرية” ذاتها. لاحظنا ذلك في أداء الحكومات التي ترأسها، الدوران في حلقة مفرغة. اذا عاد سيدور ثانية في الحلقة المفرغة، حتى ولو تحقق حلم أو تصور البعض. سليمان فرنجية للقصر وسعد الحريري للسرايا. هذا يبقى كلاماً بكلام اذا لم نشاهده في قصر اليمامة، وبضحكة جدية لا مسرحية مع سمو ولي العهد.

رجل دمث، لا طائفي، آدمي، وان اضطره القضاء والقدر الى الغوص في الوحول السياسية. يهوى طبخ البابا غنوج. ولكن للطباخ السياسي مواصفات أخرى، خصوصاً في لبنان، حيث نيكولو مكيافيلي عراب بل شفيع الدولة. أساتذة في الزبائنية والتبعية، أيضاً في تفريغ مغارة علي بابا حتى من الحجارة.

من كانوا الى جانب الرئيس رفيق الحريري ينظرون الى المشهد من زاويتين متباعدتين. البعض يرى أن طوفان الدم وطوفان النار، لا بد أن يستتبع التسويات الاقليمية كيلا يفلت الوضع من لعبة الأمم. في هذه الحال، يفترض أن يكون للسنّة مقعدهم في ردهة المفاوضات. ما ظهر حتى الآن يؤكد أن الخيوط بين أصابع خارجية. من هي الجهة الاقليمية بوجه خاص التي تقول… رجلنا سعد الحريري؟ لا يكفي أن تقول الجماهير هذا رجلنا؟

الرأي الآخر يعتبر أن الضبابية تحول دون رؤية أو حتى دون تصور، الاحتمالات التي قد تستقر على شكل ما من اشكال البلقنة (في الإطار الإقليمي). كل الطوائف ينبغي أن تتعامل مع تلك الاحتمالات برؤوس الاصابع. يبدو أن الرئيس نجيب ميقاتي عرف كيف يتعامل، وكيف يتفاعل مع تعقيدات المرحلة. هنا، ماذا يستطيع الشيخ سعد سوى أن ينتظر أن يتبلور المشهد الاقليمي كما الدولي. البقاء حيث هو الآن أفضل الخيارات.

كان منطقياً ألّا يتكلم. أي كلمة في السياسة قد تجعله ينزلق الى المتاهات التي انزلق اليها الآخرون. اكتفى بعبارة لا معنى ولا تأثير لها في هذه الظروف الهائلة: “كل شي بوقتو حلو”. لكن الأمم (والطوائف) بحاجة الى رجالها في الأوقات المرّة، لا في أوقات الدولتشي فيتا.

جاء في الوقت الخطأ (لكنها الضرورة العاطفية مثلما هي الضرورة التاريخية). من كانوا في الحشد ضاعوا في شوارع “الداون تاون”. الواضح أن التيار، وان كان الأكثر استقطاباً لأهل السنّة، لم يعد بزخمه السابق. هذه مسألة طبيعية. بوابة الجنوب، وهي بوابة لبنان، مفتوحة على النار. رفيق الحريري يستحق كل تلك الورود. سعد لم يكن سعد. هل حدقتم في وجهه؟ كم من الآلام في هذا الوجه!

بالتأكيد، الطائفة السنية في ذاك الكوكتيل العجيب، بحاجة الى رجل لا يشبه فؤاد السنيورة، ولا يشبه أشرف ريفي. انه سعد الحريري الذي لا يدّعي أنه رفيق الحريري.

لاعب آدمي بين لاعبين كثيرين بينهم الآدمي، ومنهم من “تتدلى رجلا الشيطان على كتفيه” (ادغار ألان بو). في لبنان، زعيم الطائفة لا يختزل نواب الطائفة، بل يختزل الطائفة بقضّها وقضيضها. مثل آخرين، ألم يكن بين نواب رفيق الحريري من هم بمواصفات الماعز؟

من يحب سعد الحريري لا يقول له… ابق هنا!!

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى