إقتصادحرب غزة

الحرب تلحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد الإسرائيلي (عماد عكوش)

 

بقلم الدكتور عماد عكوش – الحوار نيوز

 

 

بعد 11 شهرًا من الحرب على غزة، تعاني إسرائيل من أضرار جسيمة في اقتصادها، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1% بعد الهجوم الذي قادته حركة المقاومة الإسلامية حماس في تشرين اول 2023  واستمر الانحدار في عام 2024 ، مع انخفاض إضافي بنسبة 1.1% و1.4% في الربعين الأولين من العام 2024 وفقًا لتقرير موقع “ذا كونفرسيشن” .

 كان ذلك نتيجة حتمية للآثار طويلة الأمد للحرب ، والتي أثرت على جميع القطاعات الاقتصادية الإسرائيلية ، بما في ذلك قطاعات البناء والزراعة والتكنولوجيا . أما أبرز التأثيرات الاقتصادية فقد كان الاقتصاد الإسرائيلي ينمو بشكل سريع قبل الحرب ، بفضل قطاع التكنولوجيا الذي قاد نسبة كبيرة من النمو ، لكن مع استمرار الحرب ، تراجعت توقعات النمو الاقتصادي بشكل كبير. ففي تموز 2024 ، خفض بنك إسرائيل توقعاته للنمو إلى 1.5% مقارنةً بالتوقع السابق البالغ 2.8%. .

من ناحية تكلفة الحرب فمن المتوقع أن تصل إلى حوالي 67 مليار دولار بحلول عام 2025 ، وهذه التكلفة الكبيرة تشمل نفقات العمليات العسكرية المستمرة في غزة ، المواجهات مع حزب الله على الحدود اللبنانية ، وتكاليف إعادة تأهيل الجيش وتجهيزه . وعلى الرغم من تلقي إسرائيل حزمة مساعدات عسكرية بقيمة 14.5 مليار دولار من الولايات المتحدة ، إلا أن العجز المالي ما زال كبيرًا ، ويمكن ان يصل إلى 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024 ، بعد أن كان 4.2% في العام السابق . ففي عام 2023، سجلت إسرائيل عجزاً في الموازنة بلغ 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي ، مقارنةً بفائض قدره 0.6% في العام السابق . هذا الارتفاع الكبير في العجز يعود بشكل رئيسي إلى زيادة الإنفاق الحربي لتمويل الحرب ضد حركة حماس ، والذي أدى إلى إنفاق إضافي يقدر بنحو 30 مليار شيكل. كما تراجعت إيرادات الضرائب بنسبة 8.4%، ما ساهم في تفاقم الوضع المالي.

من ناحية أخرى فأن إسرائيل تحتاج شهريًا إلى سيولة نقدية تتراوح بين 5 إلى 6 مليارات دولار لتغطية عجز الموازنة ونفقاتها العسكرية الإضافية . هذا الرقم يشمل تكاليف تجهيز القوات العسكرية ، دعم اللوجستيات ، بالإضافة إلى النفقات الاجتماعية الطارئة الناتجة عن تأثير الحرب ، ومع نقص التمويل واستمرار النزاع ، تواجه إسرائيل تحديات في تلبية هذه الاحتياجات المالية يمكن ان تصل الى بروز حالات كبيرة من الاعتراضات في الشارع او حتى حالات تمرد في الحكومة ، القطاعات الاقتصادية ، او حتى الجيش الاسرائيلي .

اهم تداعيات هذا التراجع الاقتصادي برز في عدة قطاعات منها قطاع البناء حيث شهد تباطؤًا بنحو الثلث في الشهرين الأولين من الحرب ، ومنها الزراعة حيث انخفض الإنتاج بنحو 80 بالمئة في بعض المناطق، وخاصة المناطق القريبة من المعارك ولا سيما منطقة غلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة، حيث تعتبر تلك المناطق خزانا اساسيا لانتاج الغذاء ، كما تأثرت القوى العاملة بشدة ، إذ تم استدعاء حوالي 360 ألف جندي احتياطي ، ما خلق نقصًا في العمالة في مختلف القطاعات وخاصة في قطاع التكنولوجيا الاساسي في الكيان ، كما تم منع حوالي 140 ألف عامل فلسطيني من دخول الكيان ، ما دفع الحكومة لاستقدام عمالة من دول مثل الهند وسريلانكا، ورغم ذلك لم تنجح هذه العملية بسبب عدم قدرة هؤلاء العمال على التأقلم .

 

من جهة أخرى كان لانخفاض التصنيف الائتماني بسبب تدهور الوضع المالي والذي دفع وكالات التصنيف الائتماني الكبرى إلى خفض تصنيف الكيان ، حيث خفضت وكالة “فيتش” التصنيف من “A+” إلى “A” في أغسطس 2024 بسبب زيادة الإنفاق العسكري وتفاقم العجز المالي ، ما يزيد من تعقيد قدرة الكيان على مواصلة استراتيجياتها العسكرية.

التحديات المستقبلية :

مع استمرار الحرب في غزة ، وإمكان تمدد الصراع إلى حدود أخرى ، سيكون من الصعب على إسرائيل الحفاظ على استقرارها الاقتصادي . كما أن التحديات المالية ستؤدي إلى اتخاذ قرارات صعبة بخصوص خفض الإنفاق في مجالات أخرى أو زيادة الاعتماد على الاقتراض ، وهو ما سيؤدي إلى زيادة تكلفة خدمة الديون في المستقبل ، وبالتالي سيؤدي حتما الى انكماش اضافي في الناتج القومي ما سيجعل اسرائيل بأمس الحاجة الى تدخل الغرب مجددا لأنقاذها من حالة التراجع عبر مساعدات نقدية ، وضمانات قروض ، او حتى تعديل قوانين هذه الدول لتسمح بالمزيد من فتح اسواقها امام الكيان ليعود الى الحياة مجددا. ولا استبعد المزيد من التعديلات الضريبية في الولايات المتحدة الاميركية لتسمح بالمزيد من التبرعات للكيان .

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى