رأي

الحرب الأهلية التي لم تنته بعد: ثقافة “الكتائب” نموذجا!(نسيب حطيط)

 

د.نسيب حطيط – الحوار نيوز

 

انهى اتفاق الطائف عام 1989 نظريا ، الحرب الأهلية في اللبنانية التي اشعلها حزب الكتائب اللبنانية وحلفاؤه من اليمين المسيحي ، بهدف ضبط الوجود المسلح الفلسطيني في لبنان، لكنها في الحقيقة كانت حربا ضد اللبنانيين وقسّمت لبنان واعادت التوزيع الديموغرافي للطوائف، بما يشبه المناطق النقية طوائفيا ،الا في بعض الاستثناءات، وصولا الى منع المسلم الشيعي من الشراء او استئجار اي شقة في الحدث وبعض المناطق المسيحية خلافا للقانون اللبناني!

أشعل حزب الكتائب اللبنانية الحرب، وهو اول حزب لبناني حمل السلاح خارج إطار الدولة، واول حزب لبناني مع الوطنيين الاحرار، اسّس ميليشيا وبنى دويلة الى جانب الدولة التي يمسك بكل مفاصلها، ولم يكن للشيعة مقعد في وظيفة او يتجرأون على حمل سكين صغيرة…وهو الحزب الذي تحالف مع العدو الاسرائيلي واشعل الحرب الأهلية اللبنانية ثم استدعاه لاجتياح عام 1982 وأسقط العاصمة بيروت ونصّب رئيسا للجمهورية كان حليفا للعدو الاسرائيلي وشريكا بالاجتياح !

استلم حزب الكتائب الحكم ورئاسة الجمهورية، فكانت أولى مراحل انهيار الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وكانت صفقات السلاح المتنوعة واتفاق 17 ايار مع العدو الاسرائيلي الذي اسقطته المقاومة… في المقابل كان الشيعة ضحايا الحرب الأهلية اللبنانية فهجّرتهم الكتائب والاحزاب اليمينية من النبعة وبرج الحمود وكل المناطق الشرقية من دون قتال او مبرر..فقط لانهم مسلمون شيعة..ولم يكن لهم تنظيم او حزب في ذلك الوقت…

كان الشيعة في الجنوب ضحايا تحالف الكتائب مع جيش الاحتلال الاسرائيلي في اجتياح 78 واجتياح عام 1982 ، وبقي الشيعة اللبنانيون تحت الاحتلال أكثر من 20 عاما وحيدين مُستفردين لا يساعدهم أحد ولا يتم التعويض عليهم الا بالفتات وبالقلة القليلة …

تهدّمت بيوتهم، وبعض القرى أُبيدت بالكامل، والاف الاسرى في أنصار و”عتليت” وبقية السجون الإسرائيلية في لبنان وفلسطين المحتلة …ومئات الشهداء وآلاف الجرحى والمفقودين وبقي الجنوب محتلا حتى حرّرته المقاومة من دون ان يدفع حزب الكتائب او الدولة اللبنانية ليرة واحدة من ثمن السلاح المقاوم وحتى التعويضات كانت زهيدة وقليلة، حتى ان تعويضات حرب تموز2006 للمصانع والمزروعات والسيارات لم تدفع حتى الان!

لم يشارك الشيعة في الحرب الأهلية ،بل كانوا ضحاياها ودافع الامام الصدر عن المسيحيين في البقاع واعتصم في مسجد العاملية لوقف الحرب الأهلية ورفع الحصار عن القاع ودير الاحمر ..

لم يهاجم الشيعة اي قرية مسيحية ويهجّروها، وفي تحرير عام 2000 لم يقم الشيعة المقاومون والمدنيون باي عمل ضد عملاء اسرائيل الذين اثخنوهم بالجراح واعتقلوهم ،ومع ذلك لم يدمروا بيتا ولم يعتدوا على رجل او امرأة او يحتلوا قرية ، بل قالوا (اذهبوا فأنتم الطلقاء…)

يطالب ممثلو حزب الكتائب بمنع التعويضات عن اهل الجنوب المتضررين ، بسبب العدوان الإسرائيلي، ويطالبون بكشف حساب ونحن لا نرفض كشف الحساب، ونقول لهم كل ما دفعته الدولة اللبنانية لا يوازي “مليون دولار” ،وبعض البيوت التي دمرت في جنوب لبنان تساوي مليون دولار. خسائر اهل الجنوب 1500 شهيد وجريح و 100,000 نازح وحوالي 10,000 منزل ومحل تجاري بين مهدّم ومتضرر وخراب المواسم الزراعية من القمح والتبغ والزيتون وغيرها ،بالإضافة الى الرعب الذي يعيشه اهل الجنوب والقلق تحت القصف والاغتيالات وجدار الصوت بينما ينعم بقية اللبنانيين بالأمان والحمد لله..

الدولة مسؤولة عن حماية الجنوب ،لكنها تركته منذ احتلال فلسطين عام 1948 ،ما اضطر اهل الجنوب ان يدافعوا عن أنفسهم بالتزامن مع تحالف الكتائب والقوات مع إسرائيل!

باسم اهل الجنوب نطالبكم بكشف حساب سياسي عن تاريخكم الذي خرّب لبنان، ونطالبكم بالتعويضات المعنوية والمادية عن كل ما سبّبه اجتياح عام 78 واجتياح عام 82 وبقاء الاحتلال أكثر من 20 عاما ،لأنكم شركاء ..

لقد استطعنا تأديب  جيش الاحتلال وهزمناه وجعلناه يدفع الثمن غاليا.. لكننا عفونا عنكم بفعل المواطنة وحفظ الوحدة الوطنية …لكن ان تتجاوزوا حدودكم وترفضوا حتى تسمية ضحايا القصف والاغتيال الإسرائيلي بانهم “شهداء”، وتميزوا بين شهيد مدني ومقاوم او تساووا بين المقاومة واسرائيل !

في لحظة ما يبدو ان على المقاومين ان يتعاملوا مع العدو وعملائه، بنفس الوسيلة ونفس الخطاب ونفس الموقف ،طالما ان بعض العملاء اخرجوا أنفسهم من اخوّة المواطنة وشراكة المصير!

نحن خرجنا من الحرب الأهلية التي لم ندخلها… بل كنا ضحاياها.. لكن يبدو ان من اشعلها لا يريد اطفاءها او انهاءها حتى يحقق مشاريعه في التقسيم والفدرالية ….وهذا لن يحدث…و سنقاوم حتى يبقى لبنان حرّاً وموحداً…

عودوا الى وطنيتكم…فاسرائيل العاجزة عن حماية نفسها ..لن تحميكم…وستترككم ثانية… تتنظرون على بوابة فاطمة …

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى