الجريمة بين اللبناني الصابر والسوري الهارب…(أحمد عياش)
د. أحمد عياش – الحوارنيوز
صار ملفتا للإنتباه إزدياد مشاركة عدد من النازحين السوريين في جرائم القتل في لبنان. أمس تحدث الاعلام عن جريمة في بلدة البساتين قرب عاليه ساعد فيها سوريان امرأة لبنانية بقتل الزوج اللبناني ،وجريمة اخرى في جبيل راح ضحيتها سوري و زوجته على يد سوريين آخرين…
يبدو ان اللاجىء والنازح والمهجّر والهارب وحتى المحتال السوري عندما يغادر بلده تزداد عدوانيته الى جانب حاجته للعيش بحدّ ادنى من الكرامة ،وهذه العدوانية المكبوتة من جانب الهارب السوري لاعتبارات كثيرة اقلها حالة القمع الفكري من المخابرات من ناحية، ومن ناحية أخرى من قبل الاطراف المتمردة على النظام التي تجعل حرية التعبير صعبة كي لا نقول جريمة اضافية…
يستسهل الهارب السوري جريمة القتل اكثر من الصابر والصامد اللبناني عند الكلام عن الدين وعن الشرف وعن الثأر ، لأنهم مثلث فكري مقدّس غير قابل للمساومة في بيئة العائلة والعشيرة والقوم، وما شخصية “ابو عنتر وشبريته” في “صح النوم”، ولا شخصية العقيد ابو شهاب والنمس في باب الحارة، ولا باقي الشخصيات في مسلسلات الدراما السورية، هي بمخيلة كاتب، انما اسقاط لعقليات اجتماعية سائدة ومحاولات لمعالجتها فنياً.
من أكثر اسباب القتل حقيقة ،البرمجة الفكرية لاي شخص، فإن كانت البرمجة الفكرية حاصلة وفق معطيات، ممنوع السكوت عنها الا باستخدام الشدة، تكون النتائج بالتأكيد جرائم قتل…
من العوامل المساعدة لاحتقان العنف وانفجاره في لحظة ما مؤاتية ،شعور الهارب السوري أنه مرفوض من الجماعات اللبنانية ،كي لا نقول انه صار مكروها لقناعة لدى اللبنانيين بأن فقراء السوريين ينافسونهم على لقمة العيش ويزيدون من مأساتهم المعيشية، ما جعل الفقير اللبناني يحقد على الفقير السوري ويتمنى له السوء.
الحقيقة أن أوغادا في سوريا تسببوا بخراب بيوت السوريين ما ادى الى تهجيرهم الى لبنان، ليقفوا عن غير قصد امام لبنانيين فقراء دمّر حياتهم اوغاد لبنانيون آخرون…
يظن اللبناني ان الفقير السوري يحصل على مساعدات وتأمينات دولية لا يستطيع هو الحصول عليها، بينما هو غير قادر ان يحاسب اي فاسد لبناني تسبب بقهره وبفقر حاله. ولأن اللبناني غير قادر على مواجهة اوغاده ولان السوري غير قادر على مواجهة اوغاده في بلاده، يصبح تفريغ شحنات العنف باتجاه من يظنونهم الأضعف او من يظنونه خصما او عدوا محتملا، او حتى من يظنون بموته فرصة نجاة لهم من مآسيهم …
يظن هؤلاء انهم بارتكابهم الجريمة يحسنون من وضعهم النفسي والمادي، وربما البعض بقتلهم الاخر انما ينتحرون على يد القانون اللبناني.
انه اكتئاب السفر او الهجرة او الهرب او اقتحام المجهول.
اقل ما يمكن ان يحمل السوري الهارب معه هو عنفه المكبوت، واغلب الذين يدخلون لبنان خدموا كعسكر في الجيش وذاقوا الامرّين، ولم يكملوا تعليمهم الثانوي، اي ان محدودية العلوم والثقافة تلعب دورا اساسيا في محدودية الذكاء الاجتماعي، ما يجعلهم عنيفي السلوك عندما يشعرون بالخطر…
ماذا تنتظر من عامل سوري مسكين يقف على خشبة مربوطة بحبلين ليصبغ الجدار بالباطون عند الطابق الرابع عشر من دون اي احتياطات الزامية للنجاة…؟
اللبناني الصابر والسوري الهارب او الباقي في بلاده لديهم الاسباب كافة لارتكاب العنف ولاستعمال الشدة وحتى القتل، ومن ينتظر من اللبناني الصابر “المدعوس” ومن السوري الهارب ،اخلاقا و دروسا وعِبرا،فهو واهم جدا…
ليعلم الجميع انها جرائم مؤجلة تارة بالقانون وتارة من خارجه…
ليست الملوخية التي تسببت بالجريمة ولا حتى السمّ، بل اضطرابات نفسية نتيجة تراكمات لضغوطات العيش يحتار فيها المرء كيف يعالج نفسه، ويبدو ان البعض اختار معالجة فوضى احاسيسه وفوضى افكاره عبر القتل…
في احيان كثيرة يقتل اللبناني السوري انما لا يضخم الاعلام الخبر.
تكاثر الجرائم نتيجة طبيعية لوضع مأزوم غير طبيعي.
من ينتظر الاخلاق من الناس عليه ان يعالج اوهامه…
تباً وسحقا للذي تسبب بخراب سوريا ومن تسبب بإفلاس الدولة اللبنانية ..فهم المجرمون الحقيقيون المتروكون بلا حساب…