تربية وتعليمثقافة

الجامعة اللبنانية تقوم من تحت الرماد:نحو مجمّعات جديدة ومعمل لإنتاج الهواتف والألواح الألكترونية

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

 

في الثاني عشر من تشرين الأول عام 2021 ،عيّن مجلس الوزراء اللبناني في جلسته التي عقدها في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون ، البروفسور بسّام بدران رئيسا للجامعة اللبنانية، خلفا للبروفسور فؤاد أيوب .وصدر تعيينه من رئاسة الجمهورية بموجب المرسوم رقم 8415/22 تشرين الأول 2021.

الدكتور بسام بدران
يوم تسلم منصبه

بسّام بدران من مواليد الشيّاح في الضاحية الجنوبية لبيروت، وهو أبن عائلة جنوبية من بلدة كوثرية السياد . درس وأشقاؤه الأربعة في الجامعة اللبنانية. حاز دكتوراه في علم المناعة الجزيئية ودبلوم دراسات معمقة في علم الأحياء الجزيئي من جامعة بروكسل الحرة، وكان قد حاز ماستر في الكيمياء الحيوية من كلية العلوم في الجامعة اللبنانية . باحث وأكاديمي، له العديد من الأبحاث العلمية، وحائز على عدد من الجوائز البحثية والأكاديمية. شغل منصب عميد كلية العلوم في الجامعة اللبنانية منذ العام 2017 لحين تعيينه رئيسًا للجامعة.  

 كل من يعرف بسّام بدران يؤكد أن كفاءاته العلمية هي التي أهّلته وأوصلته إلى منصبه الحالي في رئاسة الجامعة. لكن بسّام بدران لم تكتمل سعادته بالمنصب الأكاديمي الأعلى في الجمهورية اللبنانية ،حتى أنه من اليوم الأول لتسلمه منصبه لم يدر ماذا يقول في خطاب التسلم والتسليم.

مجمع الحدث- مدينة الرئيس رفيق الحريري الجامعية

كانت الجامعة اللبنانية في أسوأ حالاتها نتيجة الظروف المختلفة التي مرت على لبنان منذ تشرين الأول عام 2019،وفي مقدمة ذلك إنهيار العملة اللبنانية وما تبعها من انعكاسات سلبية على الواقع الجامعي.

على سبيل المثال لا الحصر ،كانت موازنة الجامعة في العام 2019 تعادل 250 مليون دولار، يذهب ثمانون بالمائة منها للرواتب والأجور، ويبقى خمسون مليونا للتشغيل. صارت موازنة الجامعة نتيجة الإنهيار المالي تعادل عشرة ملايين دولار ،وظلت المعادلة قائمة :ثمانون بالمائة للرواتب وعشرون بالمائة للتشغيل.

كان راتب الأستاذ الجامعي المتفرغ يعادل أربعة آلاف دولار ،فصار الراتب يعادل مائتي دولار.وكان مبلغ التشغيل خمسين مليونا فصار مليونين.

كان الهاجس الأول لدى الرئيس الجديد كيف يدير جامعة بمثل هذه المبالغ الزهيدة في مؤسسة تضم 1500 أستاذ متفرغ و3300 متعاقد ونحو ألفي موظف ،ل 65 ألف طالب جامعي ،وتمتد فروعها على كامل الأراضي اللبنانية ،فضلا عن المجمّع الكبير في منطقة الحدث.

منذ بداية العام الجامعي في خريف 2021 ،عصفت إضرابات الأساتذة بالجامعة ،وهم على حق ،إذ كيف يمارس الأستاذ الجامعي حياته بمائتي دولار شهريا ،قد لا تكفيه بدل نقل.

لم يضرب اليأس بسام بدران ،بل قرر “مناطحة الواقع” بما يملك من قدرة على الصبر.أدار محركاته باتجاه رئاستي مجلس النواب والحكومة .كان مصرا على أن جامعة الفقراء يجب أن تخرج من تحت الرماد.ناقش الأساتذة المضربين مستثيرا ضمائرهم، وأقنعهم بالعمل والمطالبة بالحقوق في الوقت نفسه،لكن العام 2022 لم يشهد أكثر من خمسين يوما من التعليم.

طلاب كلية الطب

يعترف بسام بدران أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي كان متجاوبا إلى أقصى الحدود ،وبدعم مطلق من الرئيس نبيه بري وأعضاء الحكومة. قرر مجلس الوزراء صرف مبالغ للجامعة من أجل تحسين ظروف الأساتذة والتشغيل،وصارت هذه المبالغ توزع على الأساتذة والمتفرغين من خارج الرواتب الرسمية تحت مبدأ المساعدات الذي أقرته الحكومة لسائر موظفي الدولة.وهكذا دواليك مر العام الدراسي 2023 من دون إضرابات .في العام 2024 صار راتب الأستاذ الجامعي يعادل ألفي دولار شهريا.ورفع أجر الساعة للمتعاقدين من مائة الف ليرة (أكثر من دولار بقليل) إلى عشرين دولارا.وهكذا انتظمت الأمور إلى حد ما.   

 كل ذلك جرى في غياب مجلس الجامعة الذي يفترض أن يتخذ كل القرارات كبيرها وصغيرها.صارت كل القرارات ،خاصة المالية منها محصورة بين رئيس الجامعة وموافقة وزير التربية والتعليم العالي. يشهد بسام بدران أن الوزير عباس الحلبي كان متجاوبا ومتعاونا للغاية ولم يعطل أي قرار.

 في العام 2024 قدمت رئاسة الجامعة إلى مجلس الوزراء موازنة بمبلغ 5600 مليار ليرة.وافق المجلس على المبلغ من دون أي تعديل.

كان لا بد من تعديل رسوم التسجيل في الجامعة لإشراك الطلاب في عملية النهوض. تم رفع رسم التسجيل إلى 150 دولارا ،بما يؤمن عشرة ملايين دولار إضافية إلى الموازنة .لم تعد هنالك أزمة مالية في الجامعة .ولذلك كان لا بد من التفكير بمشاريع التطوير.

تضم الجامعة مقرها الرئيسي في الحدث إضافة إلى 65 مبنى مستأجرا. ويعتبر مجمع الحدث(مدينة الرئيس رفيق الحريري الجامعية) الذي بدأ ككلية علوم،واحدا من أرقى المجمعات الجامعية ،وهو يضم اليوم معظم فروع الجامعة ،فضلا عن مساكن للطلاب تستوعب 2000 طالب.

خطة الجامعة اليوم هي إنشاء خمس مجمعات جامعية جديدة في المناطق شبيهة بمجمع الحدث ،بما يمكنها من الاستغناء عن المباني المستأجرة.ولأن هذه المجمعات تضم مساكن للطلاب لا يعود مهما في رأي الدكتور بدران ” بُعد المجمعات عن منازل الطلاب،إذ ليس مفترضا أن تكون كليات الجامعة قرب بيوت الطلاب”.

 

صُنفت الجامعة اللبنانية مهنيا وأكاديميا الأولى على الجامعات اللبنانية ،والرقم 570 عالميا.وتعتبر كليتا الطب والهندسة من أرفع المستويات الجامعية ،ولا يدخل اليهما إلا المتفوقون في الشهادات الرسمية ،وفق معادلة ألكترونية لا تقبل الوساطات والجدل.

في شهر أيلول المقبل سوف تفتتح الجامعة اللبنانية معملا للهواتف النقالة والآيباد(الألواح الألكترونية) بالتعاون مع مؤسسة طلال ابو غزالة. يعتبر هذا الإنجاز خطوة متقدمة على طريق النهوض بالجامعة. 

تتجه الجامعة إلى تنظيم وتأهيل المطاعم الجامعية.وعليه ناقش رئيس الجامعة هذه المسألة مع قيادة الجيش بحيث يتسلم الجيش اللبناني مستقبلا هذه المطاعم ويديرها وفق نسبة تعود للجامعة وأخرى للجيش.

تحتاج الجامعة اللبنانية إلى تفرغ 1700 أستاذ إضافة إلى ال1500 المتوفرين فيها. وفي بلد كلبنان تحكمه المعادلات الطائفية والوساطات ،تشكل هذه المسألة قضية تستدعي الكثير من البحث والنقاش والتدقيق.وهذه الحاجة نابعة من معادلة النسب العالمية بين الأساتذة والطلاب.فالجامعة اللبنانية فيها أستاذ واحد لكل 45 طالبا،فيما النسبة العالمية يفترض أن تلحظ أستاذا لكل 14 طالبا ،أو على الأكثر عشرين طالبا.ما يزال هذا الأمر موضع أخذ ورد ،خاصة في المحافل السياسية ،لأن الأمر يتطلب تفاهما سياسيا وقرارا من مجلس الوزراء.

في الخلاصة ، لقد قامت الجامعة اللبنانية من تحت الرماد ،وبسّام بدران سعيد بما حققه خلال السنوات الثلاث الماضية ،لكنه يطمح إلى المزيد قبل انتهاء ولايته.

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى