صحفقضاء

التعيينات القضائية: السفارات تتقصّى الأسماء(ميسم رزق)

30% الشغور في الجسم القضائي... والنزيف مستمرّ

 

الحوارنيوز – صحافة

تحت هذا العنوان كتبت ميسم رزق في صحيفة الأخبار:

لا تُوحي الأجواء المواكبة لملف التعيينات بأنها ستمضي بسلاسة. فمع استمرار المناخ السياسي الذي رافق العدوان الصهيوني على لبنان، ثمّة معطيات تشكّل مؤشراً إلى أنه يُراد لهذا الملف أيضاً أن يكون وسيلة للانتقام والتشفّي. ومع أن الأولوية هي للتعيينات العسكرية والأمنية والمالية التي تقول مصادر مطّلعة إن هناك توجّهاً لطرحها من خارج جدول الأعمال في جلسة مجلس الوزراء اليوم، فإن التعيينات القضائية لا تقلّ أهمية.

وهذا الملف، على عكس ما ادّعى وزير العدل عادل نصار، يخضع بدوره لمقايضات وشروط وضغوط متنوعة، مصدرها السفارتان الأميركية والسعودية وكل من يدور في فلكهما، إضافة إلى دور «جيش» المستشارين في رئاستَي الجمهورية والحكومة، ونواب «تغييريين» يتولون تنظيم «حملات حجّ» للقضاة الطامحين إلى جهات خارجية وداخلية معنية بالتعيينات.

قبلَ أيام، أكّد نصار في مقابلة تلفزيونية أن أحداً «لم يتصل بي لطرح أو تزكية أي شخصية في مجلس القضاء الأعلى، ولا أحد تجرّأ أو سيجرؤ على خطوة كهذه». وقبله، قيلَ الكثير عن تعيينات يريدها الرئيسان جوزف عون ونواف سلام «شفافة» و«إصلاحية»، وعن تفاهم سياسي على ذلك. في حين تؤكد مصادر في «العدلية» غياب «الآلية والرؤية والمعايير التي تجري التعيينات في إطارها»، فـ«حتى الآن لم تتضح الآلية التي سيتم اعتمادها لملء الشغور في المواقع القضائية، ولا شيء محسوماً في ما خصّ الأسماء».

نحو التعامل مع المواقع الشيعية
في القضاء كما تم التعامل مع تعيين الوزراء الشيعة؟

وتؤكد المصادر أن ملف التعيينات القضائية أيضاً «يخضع لتدقيق من قبل السفارات، خصوصاً السفارة السعودية التي تولي أهمية كبيرة للمواقع السنية الشاغرة»، و«تجري مسحاً للأسماء وترسل من يستفسر عنها».

وتشكّل المواقع الشاغرة أو تلكَ التي يفترض تغيير الأشخاص فيها نحو ثلث المراكز القضائية، وأبرزها رئيس التفتيش القضائي، والأمين العام لمجلس الوزراء، والرؤساء الأوائل لمحاكم الاستئناف الخمس في المحافظات، وجميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى الذين انتهت ولايتهم، باستثناء رئيسه القاضي سهيل عبّود الذي تقول المعلومات إن «رئيس الجمهورية أبدى أكثر من مرة رغبة في تغييره بعدما صارَ علناً يحمِل نفساً قواتياً، وارتكب الكثير من التجاوزات في العدلية».

إلا أن «عبود، على ما يبدو، يحظى بدعم خارجي بدأ يُترجم بجو إعلامي يدافع عنه وقد يبقى في منصبه». فيما لن تستطيع الحكومة تعيين أكثر من أربعة إلى خمسة أعضاء في المجلس الأعلى، لعدم وجود ما يكفي من أعضاء تمييزيين أصيلين. وفيما برز مجدداً اسم القاضي أيمن عويدات للتفتيش القضائي، لا يزال اسم القاضي جمال حجار خاضعاً للتجاذب بين تثبيته في منصب مدعي عام التمييز لمدة عام أو تغييره، خصوصاً أن الطامحين إلى المنصب كثر، ومن بينهم وزير الداخلية السابق بسام المولوي.

ويطاول الشغور محاكم التمييز وعدداً كبيراً من غرف ديوان المحاسبة، ومجلس شورى الدولة في ظل مصير رئيسه القاضي فادي الياس الذي يحقّق القضاء في شبهات تدور حوله.

أما في ما يتعلق بالمواقع الشيعية في القضاء، فتؤكد المعلومات أنها تحتَ المجهر الإقليمي والدولي، وأن الخارج كما الداخل سيحاول أن يتعامل معها كما تعامل مع تعيين الوزراء الشيعة في حكومة سلام، بمنطق الكسر أو إقصاء الثنائي ومنعه من اختيار الأسماء، خصوصاً في مسألة تعيين العضوين الشيعيين في مجلس القضاء. ففي ظل حسم تعيين القاضية سهير الحركة في أحد المنصبين باعتبارها من القضاة الأصيلين في غرف التمييز، قد يدور جدل حول الاسم الآخر في حال تقرّر اعتماد النكايات السياسية ومنطق الإقصاء. فيما يجري التداول في أسماء القضاة ماهر شعيتو وحبيب مزهر وفاتن عيسى لمنصب النيابة العامة المالية.

وكانت التعيينات القضائية أمس جزءاً من نقاش في السراي الحكومي، خلال ورشة عمل خاصة بملف التعيينات بشكل عام، وجرى فيها التداول في أسماء لتولّي مواقع بارزة أمنية وعسكرية.

30% الشغور في الجسم القضائي… والنزيف مستمرّ

وتحت هذا العنوان كتبت رلى ابراهيم في الأخبار أيضا:

تحدّيات كثيرة تنتظر وزير العدل عادل نصّار، بدءاً من التشكيلات القضائية وملء الشواغر، مروراً بتحسين أوضاع القضاة والعدليات، إلى تسريع المحاكمات وتخفيف اكتظاظ السجون، وإقرار قانون استقلالية القضاء، وليس انتهاءً بوقف محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية.

وتُقدّر نسبة الشغور في السلك القضائي بحوالي 30%. وإلى التعيينات المطلوبة في مناصب رئاسة التفتيش القضائي والمدّعي العام المالي ومدّعي عام التمييز، فإن الرؤساء الأوائل لمحاكم الاستئناف الخمس في المحافظات كافة معيّنون بالتكليف لا بالأصالة. كما أن جميع أعضاء مجلس القضاء الأعلى، وعددهم عشرة، انتهت مدة ولايتهم، إضافة إلى الهيئة العامة لمحكمة التمييز، والشغور الواقع في عدد كبير من غرف ديوان المحاسبة.للمرة الأولى يتوقّف المعهد العالي للقضاء عن فتح أبوابه لدورات التدرّج الملزمة للقضاة

هذا الواقع وما يتركه من أثرٍ على عمل قصور العدل، حيث تتراكم الملفات أمام القضاة، يزيده تعقيداً استمرار النزيف في السلك القضائي، إذ استقال هذا العام ثلاثة قضاة، آخرهم القاضي أنطوان طعمة قبل ثلاثة أسابيع، ليصل عدد القضاة الذين قدّموا استقالاتهم أو طلبات استيداع في سنوات ما بعد الأزمة الاقتصادية إلى نحو 25 قاضياً. وللمرة الأولى، يتوقّف المعهد العالي للقضاء عن فتح أبوابه لدورات التدرّج الملزمة للقضاة، والتي تستمر ثلاث سنوات، قبل تعيينهم قضاة أصيلين.

وهو توقّف قسري ناجم عن انعدام المخصّصات والاعتمادات اللازمة للمعهد، ما يعني أن السلك القضائي لن يُرفد بقضاةٍ أصيلين جدد إلا بعد ثلاث سنوات من تاريخ استعادة المعهد لنشاطه، علماً أن آخر دفعة من القضاة خرّجها المعهد كانت عام 2023. ويُعدّ تدنّي قيمة الرواتب هو السبب الأول لمغادرة القضاة السلك.

ففي حين كان راتب القاضي قبل الانهيار المالي يراوح بين 3000 و4000 دولار، تراجع إلى ما بين 300 و400 دولار، وبعد اعتكافٍ قضائي هو الأطول في تاريخ لبنان استمر خمسة أشهر عام 2022، حصل القضاة على مساعدة مالية من صندوق تعاضد القضاة بقيمة 1000 دولار تُضاف إلى الراتب. لكنّ الصندوق نفسه لم يعُد قادراً على تغطية نفقات الاستشفاء والتعليم للقضاة وعائلاتهم إلا بحدود متدنية جداً.

الإصلاح القضائي الذي تحدّث عنه رئيس الجمهورية جوزف عون في خطاب القسم، ووعد به نصار لدى تسلّمه الوزارة، يستلزِمُ أولاً إصلاح أوضاع القضاة تمهيداً لوقف النزف، ورفع مستوى الإنتاجية الذي بالكاد يصل إلى 50% في ظل «نزوح» داخلي للقضاة داخل جسم الدولة نفسها، إذ انتقل عددٌ منهم للعمل في إدارات الدولة كمحافظين ومدراء عامين ووزراء، علماً أن قانون القضاء العدلي الذي أُقرّ في خمسينيات القرن الماضي حدّد عدد القضاة بـ 500 حينها، عندما كان عدد سكان لبنان لا يتجاوز ثلاثة ملايين. وبشكلٍ مترابط، يتطلب النهوض بالسلطة القضائية النهوض بقصور عدلها.

فجميع محاكم لبنان تفتقد لأدنى شروط العمل، من القرطاسية والإنارة، ما يضطر القضاة إلى العمل على ضوء الهواتف، إلى انعدام مادة المازوت لتشغيل المولدات أو للتدفئة، سيما في المناطق الجبلية، وصولاً إلى غياب المراحيض وانقطاع المياه وانتهاء عقود التنظيف والصيانة.

أمام هكذا واقع كيف يمكن تحقيق هدف أساسي يتمثّل بتسريع المحاكمات وتخفيف اكتظاظ السجون التي وصلت إلى نسبة 300%، وحيث 70% من الموقوفين لم تصدر أحكام في حقهم، ناهيك عن مشكلة السجناء السوريين الذين يبلغ عددهم 2500 من أصل 9000، أي ما نسبته 35% من السجناء.


فريق الصيفي في الوزارة

بخلاف ما رُوّج عن «استقلالية» حكومة نواف سلام عن الأحزاب، فإن وزير العدل عادل نصّار الذي سمّاه حزب الكتائب، يحيط نفسه بفريق عملٍ من مستشارين وغير مستشارين، كلهم خرّيجو «بيت الكتائب»، وعلى رأسهم المحامية لارا سعادة، المستشارة السابقة لرئيس الحزب النائب سامي الجميّل. وعلمت «الأخبار» أنّ إشكالاً وقع بين فريق نصار فور تسلّمه الوزارة، والمدير العام للوزارة محمد المصري الذي احتجّ على ما سمّاه تعدياً على صلاحياته، قبل أن يتوصّل وزير العدل إلى آلية للتنسيق بين الطرفين.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى