رأي

التربية الصهيونية تقوض أسس الإنسانية –3 (أمين صالح)

 

كتب أمين صالح – الحوارنيوز

 

بعد تطبيع الأولاد في المدارس ، يستمر التطبيع في الجيش حيث يضع حاخامات الجيش الصهيوني مقدمة التوراة بين أيدي الشبان الذين يدخلون الى خدمة العلم ، فأحدهم قدم الكتاب المقدس على أنه نداء البطولة والتضحية ومرجع دائم للتعليم والإرشاد . والجنرال الحاخام غاد نانون حاخام الجيش الأكبر قدم التوراة كأنه ملكية خاصة باليهود وحدهم وتعترف لهم بحق حصري على أرض آبائهم وكدليل على وجود الشعب اليهودي المستمر في المنطقة … وهكذا تصبح التوراة جزءاً لا يتجزأ من الخطاب الأيدلوجي للصهيونية الدينية.

كلمة السلام لا أثر لها في هذه المقدمة وحلت محلها كلمة ” العدو ” . وإبراهيم غدا أباً لقوم اليهود وحدهم في مواجهة العالم كله ، وبحسب الحاخام غاد نانون أنه بذلك يشد من عزيمة اليهود ، ثم ينهي مقدمته بآية من سفر ( 4 ، 20 ) : ” لأن الله سيقف الى جانبك ويقاتل في سبيلك ضد أعدائك ويضمن لك النصر ” .

وإكراماً لهذه المقدمة المغرقة في الإعتزاز العرقي والقومي عُزرت ( أرفقت ) بخريطة إسرائيل الكبرى ليطلع عليها كل جندي إسرائيلي ، فالخريطة لا تتضمن يهودا والسامرة ( الضفة الغربية حالياً ) فقط بل لتشمل أيضاً الأردن كله . وفي المقدمة خريطة أخرى بعنوان ” الأرض التي وهبها الله لليهود ” كتب تحتها ” الأرض الممتدة من نهر مصر ( النيل ) الى نهر الفرات الكبير ” .

هذه العقلية متفشية في الجيش الإسرائيلي على جميع مستوياته ، فقد كتب مرشد الجيش الحاخام آ. أفيدان   في كتابه ” نقاوة السلاح على ضوء تعاليم الها لا خا ” في الحرب أو أثناء عملية عسكرية أو غارة جوية ،إذا وجدت قواتنا نفسها أمام مدنيين لا تعرف ما إذا كانوا سيقفون ضدنا أم  لا ، فإن هؤلاء المدنيين ينبغي قتلهم ….. لا يمكن أن نثق بعربي حتى ولو كان متحضراً … وعندما تشن قواتنا الهجوم الأخير يجب عليها أن تقتل مدنيين سالمين أي المدنيين الذين يتظاهرون بأنهم مسالمون .  

الجنود الإسرائيليون ينشؤون على صلوات الحقد المبينة آنفاً ، وأكثرهم باتوا يعتقدون بأن الإبادة ( أي مجازر هتلر ضد اليهود ) يمكن أن تكون حجة تبرر القيام بأي عمل مهما كان مشيناً سربل صاحبه بالعار .

إليكم مثلاً واضحاً عما تقدم ، في الحديث الذي أجراه مراسل صحيفة كول هاعير يوم 10 أيار 1996 مع خمسة من جنود المدفعية التي قصفت بلدة قانا ( في جنوب لبنان ) وأحدثت فيها المجزرة الرهيبة : لم يبدُ على أي منهم أي اضطراب … قالوا أنهم عرفوا بمكان سقوط القذائف بعد عدة دقائق من إطلاقها . جمعهم آمر الوحدة ليبلغهم أنهم أحسنوا صنعاً وأن عليهم أن يثابروا على ذلك . لم يقل أحد هنا بأن خطأ ما قد وقع . وبعد ، ماذا في الأمر ؟ إنهم ليسوا سوى عربوش ( كلمة تحقيرية ناتجة عن دمج كلمتي عرب واخبروش أي فأر بالعبرية) العرب ؟ هناك الملايين منهم .

ورداً على بعض الأسئلة أجابوا بأنهم لم يحسوا بتأنيب الضمير لأنهم قاموا بواجبهم ، وكان عليهم إطلاق المزيد من القذائف وأن يقتلوا المزيد من العرب …

لم تكن مجزرة قانا خطأ عسكرياً بل كانت جريمة ضد الإنسانية أمرت بها أعلى سلطة مسؤولة في الكيان الصهيوني ونفذتها قيادته العسكرية بفرح وإبتهاج … ” لقد قتلنا هؤلاء الناس بسبب التمييز البغيض الذي نقيمه بين الأهمية التي نوليها لحياتنا المقدسة وبين الأهمية _ وما أقلها وأندرها _ التي نوليها لحياة الآخرين (هذا ما قاله آرى شافيط في صحيفة هآرتس في 21 أيار 1996 ) .

كتب الحاخام ” البا ” مقالة حول موقف الشريعة الدينية اليهودية من مسألة قتل اليهود أشخاصاً غير يهود بأنها مطابقة لتعاليم التوراة ، وبأن الشريعة الدينية اليهودية ينبغي أن تكون فوق كل شريعة بشرية ، وأنه ينبغي في زمن الحرب قتل جميع الناس التابعين للعدو بما فيهم الأطفال والنساء مع إنهم لا يشكلون أي خطر مباشر وذلك خشية أن يتواطؤوا فيما بعد مع الآخرين… إنه مبدأ الحرب الشاملة التي تضع شعباً بأكمله في مواجهة شعب بأكمله . في هذه الحالة إذا أشفق اليهودي على عدوه  فإن اليهود الآخرين سيدفعون لاحقاً ثمن ذلك من حياتهم ( هذا ما أكده الحاخام آمنير ) .

 أثناء مسيرة جنازات بعض قتلاهم يبدأون بإنشاد المزمار الرابع والتسعين : ” الله رب الإنتقام  ويجيب أحد الحاخامات عن سبب هذا الإنشاد : ” لعل ذلك يوقظ روح الثأر الراقدة في اليهود ” .

هكذا يتم إنتاج أشخاص مثل إيغال أمير قاتل اسحق رابين وباروخ غولدشتاين سفاح الخليل ، وشارون وونتيناهو ووزراء الحكومة التلمودية الصهيونية وخاصة وزراء المالية والأمن والدفاع وغيرهم من اليمين الصهيوني المتطرف.

إن أساسيات التربية الصهيونية لم تكن ولن تكون نظرية ، بل أن لها تطبيقاتها على أرض الواقع منذ اغتصاب فلسطين عام 1948 ولغاية الآن بما يرتكبه الصهاينة من مجازر وإبادة في غزة والضفة الغربية وعموم فلسطين وفي جنوب لبنان واليمن والعراق وسوريا وإيران وكل ذلك بمباركة ودعم الإمبريالية العالمية .

وفي مقابل العقائد التوراتية الصهيونية يقتضي على العرب ، وفي طليعتهم القوى الشعبية المقاومة للإعتراف والصلح والتطبيع مع العدو الصهيوني وبالتعاون مع مراكز الأبحاث السياسية والإقتصادية والعلمية والثقافية وضع قواعد تربية عربية موحدة تشكل الأساس العقائدي المناهض والمناقض للفكر الصهيوني وهذا بحث آخر …

 

 

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى