رأي

التربية الصهيونية تقوض أسس الإنسانية ( أمين صالح)

 

بقلم أمين صالح* – الحوار نيوز

تعمد إسرائيل الى إستخدام القوة الحربية على الدوام والسعي الى السيطرة العسكرية على هذه المنطقة من العالم ( من النيل الى الفرات) . تستهدف سياسة الحرب وسياسة التوسع الإستعماري المستمر هذه ما هو أبعد من الإعتداء على هذا البلد العربي أو ذاك وإضطهاد هذا البلد العربي أو ذاك ، وما هو أكثر من مجرد التخريب والتدمير .

إنها تستهدف إخضاع الإنسان العربي بالذات وزرع الشعور العميق فيه بالتفوق العرقي لدى شعب إسرائيل (شعب الله المختار وفقاً لما تدعيه العقيدة الصهيونية )  شأنها في ذلك شأن  كل إستعمار ، وتهدف أيضاً الى زرع شعور ناتج عن نظرية دينية زائفة تزور فيها العقلية الصهيونية الدين وتجعله يقوم على أساس من ثلاثة مبادئ تقوض أسس الإنسانية في الإنسان :

1-    رفض الآخر ، هذا الرفض أساسه فكرة وجود حاجز من نار بين اليهود وبين بقية الناس .

2-    الآخر ( كل الآخرين أو الأغيار بالعبرية “غوييم” ) هو عدو بالقوة (عاجلاً أم آجلاً ) وكأن التاريخ بأكمله تاريخ إضطهاد أبدي للشعب اليهودي البريء دائماً وأبداً…..

3-    دولة إسرائيل لا يمكن أن تُبنى إلا على صلوات الحقد ، بوصفها المحرك الأوحد الذي يحفز شبانها وجيشها وشعبها بأكمله ، فالقتال العسكري المبني على كره الآخر واحتقاره هو هدف بحد ذاته ، قائم بذاته ، ذلك أن بقية العالم هو إما ” شعب من السفاحين القتلة ” وإما ” شعب يحمل ثقافة السفلة ” .

على المستوى السياسي يظهر هذا الحقد في صراخ بيغن ” ليس الماني واحد فقط هو الذي قتل آباءكم، كل الماني نازي ، كل الماني قاتل ، “أوناور” سفاح وأعوانه كلهم قتلة ” .

 

في تموز 1981 ، جعل الكنيست من إبادة اليهود عقيدة وطنية ، إذ سن قانوناً يمنع تناولها بالنقد تحت طائلة السجن . ولكن في مقالة كتبها بواز إيفرون Boaz Ivron  بعنوان ” الإبادة خطر يتهدد أمتنا ” ، وشرح فيه كيف أن الإبادة التي تعرض لها اليهود على يد هتلر لئن كانت أكبر مجزرة في تاريخ اليهود أنفسهم ، فهي ليست أول مجزرة في تاريخ البشرية الشامل ، ولا أكبر مجزرة ، وأن النازيين لم يضطهدوا اليهود وحدهم بل إضطهدوا أيضاً السلاف الغجر ، الالمان بالذات وبخاصة الشيوعيين المعارضين للنظام .

يبين ايفرون في مقالته مساوئ هذه الأسطورة التي ” تفرد ” اليهودي، أي تجعله فريداً في بني البشر فتفضله عن باقي البشرية وتعزله … ويخلص بواز ايفرون الى القول : “وهكذا نرى أن حكامنا ومسؤولينا يعملون في عالم مليء بالأساطيروالوحوش هو من صنعهم وعمل أيديهم ” ( بواز ايفرون  Boaz Ivron، مجلة 77 Ilon – العدد رقم 21 أيار – حزيران 1980 ) .

هذا الهوس العصابي المريض بموضوع الذاكرة التي هي ليست سوى حقد يتكرر الى الأبد في المدرسة ، في الجيش ، في الصحافة ، في السينما ، في التلفزيون … هو الذي يصنع هذه العقلية .

حتى كلام التوراة سفر ( XIX.16 ) لا تنتقم ولا تكن حقوداً تجاه أبناء شعبك . بذلك تكون قادراً على أن تحب قريبك كما تحب نفسك ” يفسر أسوأ تفسير إذ يصبح معنى ” تجاه أبناء شعبك ” غير اليهودي ليس قريبك كما يقول الحاخام أ . كوهين في كتابه في التلمود عندما تقول ” القريب ، فإن التلمود غالباً ما يعني بالكلمة الإسرائيلي لا الوثني الغريب : . ويتحدث الحاخام كوهين عما يسميه ” حاجز من نار … بين اليهودي وغيراليهودي ويميزه عنهم جميعاً “.

هذا هو التفسير الوحيد المعتمد رسمياً في إسرائيل والذي يدرس لتلامذة المدارس والجنود والناس العاديين وعبر وسائل الإعلام … ومن أمثلة ذلك :

في 14 أيار 1998 لمناسبة الذكرى الخمسين لإنشاء دولة إسرائيل ، أصدرت وزارة التربية الإسرائيلية كتاباً يحمل عنواناً ” كتاب اليوبيل الفضي لتأسيس دولة إسرائيل أو سنة الله ” بغية إشراك المدارس في إحياء هذه المناسبة القومية . الغريب في الأمر ، كما تخبرنا جريدة هآرتس ، أن الكتاب لا يشير لا من بعيد ولا من قريب الى وجود شعب فلسطين ، لا قبل إنشاء إسرائيل ولا بعد إنشائها ، كما أنه لا يشير أيضاً الى وجود قرار للتقسيم صادر عن الأمم المتحدة عام 1947 يقضي بإنشاء دولتين عربية ويهودية في فلسطين ، وتقول الصحافية ريلي ساعار كاتبة المقالة في جريدة معاريف ” الفصل الخاص بجهود السلام يذكر الإتفاقيات مع مصر والأردن ، ويتجاهل تماماً إتفاقيات أوسلو ومفاوضات السلام الجارية مع الفلسطينيين “.

 

                                                                  يتبع…

 *المدير العام السابق للمحاسبة العمومية في وزارة المالية

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى