التدقيق الجنائي.. وهروب الحاكم
د.عماد عكوش
يحاول حاكم مصرف لبنان الهروب من التدقيق التشريحي برمي الكرة في ملعب الحكومة ،وكأنه يقول لهم "أنتم أيضا هدرتم العام فلماذا لا تكون أعمالكم وهدركم عرضة للتحقيق الجنائي كحال مصرف لبنان".
نعم ،من الوهلة الأولى من يقرأ كلام حاكم مصرف لبنان يظن انه محق ،فلماذا إغفال حساب الدولة اللبنانية لدى مصرف لبنان رقم 36 والتركيز على التحقيق في حسابات مصرف لبنان فقط .
للإضاءة على هذا الأمر لا بد لنا من توضيح ماهية الحساب 36 لدى مصرف لبنان ،ولماذا تم فتحه وكيف يتم استعماله .
إن حساب 36 تم فتحه ليكون بمثابة صندوق خاص بالواردات المحصلة للدولة اللبنانية ، ويمر عبره نفقات هذه الدولة لا سيما ما هو وارد في موازناتها من رواتب ، ومشاريع ، ونفقات أخرى ، لذلك فهو يعتبر كمصفاة لكل حسابات الدولة، ويمكن من خلال مطابقته مع الميزانية المقطوعة معرفة أماكن الخلل الموجودة وبالتالي العمل على تصحيحها .
ويمكن أن تتفرع عن هذا الحساب حسابات أخرى لصناديق ومجالس ، على سبيل المثال صندوق المهجرين ، صندوق الجنوب ، مجلس الأنماء والأعمار ، والهيئة العليا للأغاثة ، وغيرها من الصناديق المنشأة وفقا لقوانين خاصة ، كما يمكن إنشاء حسابات خاصة بمهام معينة كما حصل مع بعض صناديق الهبات ولا سيما هبات حرب تموز .
أما لماذا نقول ان التحجج من قبل حاكم مصرف لبنان بحجة عدم التدقيق الجنائي بالحساب 36 غير منطقي وغير واقعي فهو للأسباب التالية :
1- ان الحكومة اللبنانية عبر ديوان المحاسبة وهي الجهة المخولة وفقا للقانون قامت بالتدقيق بحسابات الدولة اللبنانية ،وقد أصدرت تقريرا مفصلا بالثغرات التي تضمنتها هذه الحسابات ، ولا سيما لجهة المبالغ المفقودة والبالغة 11 مليار دولار ، وقد استغرق عملها سنوات لتقوم بهذا العمل ، فهل المطلوب التمييع في هذا العمل والوقت محدد بأشهر للخروج من هذه الورطة؟ .
2- ان التدقيق في حساب 36 لن يوصلنا الى نتيجة بخصوص المخالفات الكبيرة ،لأن هذا الحساب وكما قلت لا يتضمن بعض الأموال الكبيرة ولا سيما هبات تموز، كما لا تتضمن الأموال المصروفة بدون مستندات والبالغة وفقا لديوان المحاسبة 11 مليار دولار ، فكيف سيتم معالجة هذه الثغرة الكبيرة .؟
3- نعم يجب أن يشمل التدقيق ولكن بمهمات منفصلة ، أعمال الصناديق والمجالس التي أتينا على ذكرها، وخاصة تلك العقود الكبيرة والتي تمت بكثير من الأحيان بالتراضي ودون إجراء أي مناقصات ، والتي أدت الى هدر وفساد كبير بأموال الدولة اللبنانية ، ولمعرفة أين صرفت هذه الأموال وكيف ومن استفاد منها .
4- كما يجب ان تشمل مراجعة كل القوانين التي صدرت لمصلحة الطبقة السياسية من استملاكات عقارات ، رفع او خفض عامل الأستثمار في العقارات لجهات نافذة ، اعفاءات ضريبية لجهات نافذة ، والضرائب غير المدفوعة من قبلها ، وسرقة الكهرباء لمنتجعات وقصور ، وغيرها .