البطريرك يتراجع عن مبادرته مع بري ويدعو لتجاوز الدستور مؤقتا(حكمت عبيد)
حكمت عبيد – خاص الحوار نيوز
عدة رسائل مباشرة وأخرى بين سطور عظة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي اليوم.
ولعل الموقف الأبرز في كلمته دعوته لرفع الحصانات عن الجميع، “حصرا في تحقيقات انفجار المرفأ”، رغم علم البطريرك بأن ذلك فيه مخالفة صريحة للدستور، لاسيما المادة ٧١ منه، وللقوانين المرعية.
موقف البطريرك الداعي لتجاوز الدستور يعتبر بمثابة تراجع عن مبادرته المشتركة مع الرئيس نبيه بري والتي تبناها وجال فيها على الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي اللذين وافقا عليها قبل أن ينسفها تصريح رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل.
موقف آخر للبطريرك، بدا لافتا هو تضامنه مع القضاء وبعض القضاة الذين يسيرون بإجراءاتهم في بعض القضايا مع مراعاتهم للمشاعر الأميركية، إذ أن الشعب اللبناني لم يسمع من البطريك الراعي موقفاً تضامنيا مع قاض طلب في حكم له عدم تدخل السفيرة الاميركية في الشؤون الداخلية للبنان، مع العلم أن هذا الأمر عرضة للمساءلة امام مجلس القضاء الأعلى. فلماذا نتضامن مع قاض يراعي مصالح دولة أجنبية ولا نحمي قاضيا يرفض تدخل الدولة نفسها بشؤوننا الداخلية وقضايانا السيادية؟
ثم يحمل البطريرك الراعي الثنائي الشيعي مسؤولية تعطيل مجلس الوزراء وبالتالي مسؤولية تنامي الأزمات على اختلافها…
والسؤال: كيف لنا أن نحرص على التعايش الوطني ونذكر عند كل مسألة بسيطة عن الميثاقية، فيما جهتان وازنتان من طائفة معينة تشعران بمخاوف لها ما يبررها بالأدلة، لا يحق لهما التذكير بالميثاقية؟
ماذا قال البطريك في عظته الاسبوعية اليوم؟
قال البطريرك:“يا ليت المسؤولين عندنا والنافذين يعودون إلى إنسانيتهم، لكي يخلصوا لبنان وشعبه متبعين سلوكا سياسيا ووطنيا إيجابيا يلتقي مع المساعي الدولية وينفذ قرارات الشرعية الدولية، ومتوقفين عن نهج الثأر السياسي والحقد الشخصي والاستهتار المطلق بالمواطنين كأنهم أدوات اقتتال. مطلوب منهم جميعا، في الأساس، الإقرار بخطئهم، والقيام بفعل توبة. أما اعتبارهم أن الخطأ عند غيرهم، فهذا ضرب من الكبرياء الذي يقتل”، سائلا “أليس من المعيب إن يصبح انعقاد مجلس الوزراء مطلبا عربيا ودوليا بينما هو واجب لبناني دستوري يلزم الحكومة؟ فكيف تمعن فئة نافذة في تعطيله باسم الميثاقية التي تشوه بينما هي ارتقاء بالتجربة التاريخية للعيش الواحد بين المكونات اللبنانية، وقاعدة لتأسيس دولة تحقق أماني اللبنانيين جميعا وتبعدهم عن المحاور والصراعات، وهي أساس لبناء علاقات الدولة مع الخارج، المدعو إلى الإعتراف بخصوصية لبنان”.
ولفت الى أنه “بعدم إنعقاد مجلس الوزراء، تتعطل السلطة الإجرائية، ومعها تتعطل الحركة الإقتصادية بكل قطاعاتها، والحركة المالية، والحياة المصرفية. وبنتيجتها يفتقر الشعب أكثر فأكثر. أهذا ما يقصده معطلو انعقاد مجلس الوزراء؟ إننا ما زلنا، مع كل اللبنانيين ومع كل ذوي الارادة الصالحة في لبنان والخارج، ننتظر جلاء الحقيقة في تفجير مرفأ بيروت، وندعو إلى وقف التشكيك المتصاعد بعمل القضاء. لا يجوز أن نخلط بين القضاة. فإذا كان اتهام القاضي الفاسد بالفساد طبيعيا، فلم اتهام القاضي النزيه بالانحراف، والمستقيم بالتسيس، والشجاع بالتهور، والمصمم بالمنتقم، والصامت بالغموض، والعادل بالاستنسابي؟ كأن الهدف ضرب عمل القضاء ككل وتحويل المجتمع إلى غابة إجرام متنقل دونما حسيب أو رقيب.
إننا ندعو إلى استمرار التحقيق القضائي، وأن تسقط الحصانات عن الجميع، ولو بشكل محصور وخاص بجريمة المرفأ، ليتمكن القضاء العدلي الذي تقدم كفاية من أن يستمع إلى الجميع من دون استثناء، أي إلى كل من يعتبره المحقق معنيا وشاهدا ومتهما مهما كان موقعه، ومهما علا إذا كان كل مواطن تحت سلطة القانون، فكم بالحري بالمسؤولين الذين تولوا ويتولون مناصب ومواقع وحقائب وإدارات وأجهزة في هذه المراحل الملتبسة؟”.