سياسةمحليات لبنانية

البطريرك غاضب لكنه ليس يائسا: كل الكتل النيابية لا تريد انتخاب رئيس للجمهورية

 

كتب واصف عواضة – خاص الحوار نيوز

 

تحت هذا العنوان يمكن تلخيص روحية اللقاء بين البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي ومجلس نقابة محرري الصحافة اللبنانية في بكركي ظهر اليوم الثلاثاء.

البطريرك عبر بوضوح عما يختلج صدره من غضب هواجس حيال الحالة التي وصل اليها البلد. لم يعف أحدا من المسؤولية بمن فيهم رئيس مجلس النواب،ولم يبرئ احدا من عملية الفراغ الرئاسي،وهو لا يرى حلا الا بانتخاب رئيس وانتظام المؤسسات. وفي رأيه ان المشكلة في الاشخاص وليست في النظام.

المشكلة في نظر البطريرك ان عقلية ونفسية الميليشيات هي الحاكمة ،ولا يمكن لهذه العقلية ان تنتج حلولا ناجعة.

يقول البطريرك أمام وفد النقابة الذي ضم النقيب جوزف القصيفي والزملاء علي يوسف ،صلاح تقي الدين وجورج شاهين ويمنى الشكر وواصف عواضة:

“ثمة من يرى أن الدولة يمكن أن تسير بلا رئيس جمهورية.هذا غير صحيح.أنظروا أين نحن ..مجلس لا يشرع ،حكومة تصريف أعمال غير موجودة إلا للضرورة ،وزارات فالتة،إدارات غائبة ،دولار غير مضبوط.عندما يكون هناك رئيس تنتظم كل الأمور.عبثا نلقي الحجر على أي كان .الحجر عند المجلس النيابي،وعدم أنتخاب رئيس إجرام.الشعب يموت جوعا ،فمن المسؤول؟ أوليس هدم الدولة جريمة؟”.

يضيف :لا أحد من الكتل النيابية يريد انتخاب رئيس جمهورية.من يريد انتخاب رئيس عليه أن يقوم ب”فشخة” إلى الأمام.لا أحد يقوم بمثل هذه “الفشخة”.ولا يبدو أن الشعب في حسابات البعض.أقولها بكل وجع،ونحن لسنا بساكتين أبدا عن هذا الواقع ولسنا واقفين في اليأس.لدينا إيمان كبير بربنا ألا يترك هذا البلد،ولا بد أن يتدخل ،فالله يمهل ولا يهمل.وأنا لا أعيش في اليأس بل أعيش في الرجاء.

ولكن سيدنا لماذا لا تدعو قادة الموارنة إلى اجتماع في بكركي كما فعلت سابقا وما الذي يمنع ذلك؟

نسأل فيجيب باختصار :يبدو أنهم لا يحبون ذلك.

يستطرد:الموارنة يجرون المسيحيين وراءهم ،وهذا ليس من حقهم.والشيعة يتمسكون بمرشحهم سليمان فرنجية ويدعون إلى الحوار ،ولكن على ماذا الحوار؟ وآخرون يريدون ميشال معوض..الحوار يحصل أثناء جلسات الإنتخاب،والجلسات يجب أن تعقد كل يوم وليس كل خميس.المجلس هيئة انتخابية وليس تشريعية.نعم هناك تواصل مع الرئيس بري،وهو يريد اتفاق الكل على مرشح واحد..وهذا غير ممكن.

يخلص البطريرك الراعي إلى القول: المشكلة في لبنان أن الذين عملوا الحرب هم الحاكمون اليوم.هذه هي علتنا.هم يملكون عقلية ونفسية الميليشيات .الدولة شيء والممارسة شيء آخر. المشكلة في الأشخاص وليست في النظام.

ولماذا لا يجمع البطريرك كل الأطراف؟

يجيب :أنا لا أستطيع أن أجمع كل الفئات. المطلوب مجتمع دولي لذلك.

وهل هو راض عن الحكومة ؟

يرد البطريرك: يكتّر خيرهم..المشكلة أن الحكومة مستقيلة ويجب أن تقوم بكل شيء.الرئيس ميقاتي يمشي بين النقاط،بين الضرورة واللا ضرورة.

وأين أصبحت القمة الروحية؟

يؤكد:نحن حاضرون لها أينما أرادوا.مستعدون للحضور عند أي طائفة.تواصلوا معنا وقلنا لهم ذلك.

ينتقد البطريرك الراعي مقولة الديموقراطية التوافقية ومفهوم الميثاقية ،ويعتبر أن هذه البدع غير دستورية.
 

 

 

كلمة النقيب

وكان النقيب القصيفي ألقى كلمة في مستهل اللقاء قال فيها:

صاحب النيافة والغبطة

 نزوركم في زمن الصوم، متمنين لو أن السياسيين في لبنان يبدأون صياماً عن الكلام غير المباح، ويذهبوا إلى كلمة سواء تفتح الطريق نحو الحلول التي تخرجه من أزماته المتناسلة، والمتوالدة. ونضم صوتنا الى صوتكم الداعي الى قيام دولة القانون والمؤسسات والمواطنة. دولة الرعاية لناسها الذين يعيشون جحيماً مقيماً في ظلّ المآسي التي تلاحقهم في حياتهم اليومية، وتقضّ عليهم المضاجع، وتقضي على أيّ أمل لهم بمستقبل على مقاس طموحاتهم. وإن بوابة الحلول المرجوة، تتمثل في إنتظام الحياة الدستورية بانتخاب رئيس جديد للجمهورية. فالرئيس هو رئيس لبنان والضامن لوحدة أرضه وشعبه ومؤسساته. وبانجاز الاستحقاق يعود لبنان الى ذاته.

فهل قدر لبنان أن يظل وطنا ملتبسا، يختلف فيه ابناؤه على كل شيء، حتى باتت الثوابت التي زعمنا انها العامل الجامع، وكأنها قشرة رقيقة تطيحها اول هبة ريح من شرق ومن غرب. 

 

صاحب النيافة والغبطة تطرحون الصوت وتدعون إلى وحدة الوقفة والموقف، والانقسامات تعصف بالموارنة الذين قيل عنهم انهم ملح لبنان، ولأن لبنان الذي لا يستطيع أن ينطلق الا بمكوناته مجتمعا، كيف سيقلع وسط تشظي من كانوا وراء دولة لبنان الكبير، واحد اعمدة كيانه الوطني والسياسي. إن ايماننا بلبنان دولة مدنية يتساوى فيها ابناؤه بالمواطنة، في ظل حكم يقسط بينهم، لا يعفي القيادات الروحية من مسؤوليتها في الاجتماع لصوغ مبادرة واضحة تنطلق من المسلمات اللبنانية التي تعكس عظمة التنوع، وتوفر أرضية حاضنة لحوار إنساني دائم يستمد روحيته من تعاليم الديانات السماوية الداعية إلى التراحم، والتواصل، والتسامح، والتفاعل في إطار حضاري ينأى بنا عن خطاب الكراهية الولاّد للعنف والاحقاد. وهو الخطاب الذي يسود حياتنا السياسية، ونجد تردداته في الاعلام، وسائر المنتديات وللاسف، ونحن نجتهد، ونسعى لحصرها، لكن الواقع المتفجر هو من يفرض ايقاعه.

صاحب النيافة والغبطة نتوق إلى قمة روحية متحررة من الضغط السياسي، ايا يكن مصدره، تطلق لاءاتها في وجه التشرذم الوطني، العبث بالمسلمات والمرتكزات الميثاقية التي يقوم عليها لبنان، الفساد والفاسدين والمفسدين، وسارقي المال العام وناهبي المرافق العامة، ومحتجزي ودائع الناس، ومستبيحي كرامة الدولة والناس. واذا كان القادة الروحيون لا يمتلكون ” كرباجا” به يردعون من يستسهلون التمادي، وتعريض مصير لبنان لخطر الزوال، فإن “الكرباج” المعنوي الذي به يمسكون أشد وطأة وايلاما، اذا شاؤوا استخدامه.

زمن الصوم موصول بالجلجة واشواكها وصليبها، لكنه بوابة القيامة، أما حانت قيامة لبنان؟.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى