الانتخابات والتحولات.. والسيادة والاستقلال(حيدر شومان)
حيدر شومان – الحوارنيوز
وأخيراً وبعد أكثر من ستة وعشرين شهراً انتخب النواب رئيساً للجمهورية، وقد أُزيلت العوائق وانتهت المصاعب وسار كل شيء على أحسن ما يكون، ولم يعد في الذاكرة أي عنوان من عناوين ضياع الوقت دون طائل في حياة اللبنانيين الذي اعتادوا الاهمال الرسمي لدى من انتخبوهم ليمثلوهم في الواقع الانتخابي…
والسؤال الجوهري في هذا العنوان العريض: ما الذي حدث فجأة لتتم الأمور بانسيابية عالية وسهولة فائقة، لينتخب الرئيس في ساعات قلائل بعد محاولات طويلة عصيبة؟
لا يحتاج هذا السؤال وإن طُرح إلى إجابة صريحة، فالكل يعلم أن الإشارات الاقليمية والدولية فعلت فعلها وجاءت الأوامر الواضحة الوقحة بتنفيذ المهمة المؤجلة منذ شهور طويلة. وحيث إن الانصياع النيابي يتم بكل طيبة خاطر انتخب الرئيس الذي بات رجل المرحلة فجأة والقائد الذي سيعيد دفة البلد إلى مسارها الطبيعي. لقد تحول الرئيس العتيد إلى المنقذ الأوحد الذي جاء من السماء ليخلص الوطن من آلامه والمواطنين من عذاباتهم. ولا يظنن أحد أن في هذا الكلام طعناً بالعماد عون ومناقبيته ودوره الذي لن يكون سهلاً في جميع الميادين المختلفة، إنما الحديث عن مدعي السيادة والاستقلال الذين لم يعودوا يأبهون بالتستر على معاصيهم الصارخة الفاضحة وإنما يتباهون صراحة بتنفيذ الأوامر.
ومفهوم السيادة والاستقلال عند هؤلاء يتكرر عنوانه في تسمية رئيس الحكومة، حيث لم تمض ساعات قليلة على الاتفاق على الرئيس ميقاتي أو تسمية غيره من الشخصيات التي لا تتمتع حالياً بالقدرة المعنوية لنيل المنصب، أتى الأمر فجأة بخلط كل الأوراق وقلب الطاولة على التعهدات التي بنيت قبل انتخاب رئيس الجمهورية وتوجه النواب لتسمية القاضي نواف سلام.
المعيب في الأمر أن هؤلاء لا يخجلون من ناخبيهم في الظهور بمظهر السياسي الضعيف المتلقي للأوامر، المنزوعين من كل إرادة، والغرابة أنه لا محاسب في القضية ولا معاتب، وكأن السياسة في لبنان عنوانها العمالة والخضوع للأمر الآتي من خلف المحيط.
لقد أعلنها الدكتور جعجع أنه لا يمكن تسمية القاضي سلام لأنه لا يعرفه، ولا يفهم مواقفه في الأمور الداخلية والخارجية، والرجل لا يأتي إلى لبنان إلا قليلاً ولا يُعرف له طريقة في معالجة الأمور، فكيف يسميه ليكون رئيساً للحكومة في فترة هي من أصعب الفترات وأعقدها التي يعيشها لبنان. لكن جعجع ومن معه غيّر رأيه لأمر بات واضحاً، كذلك فعلت الكتل والشخصيات عندما توجهت إلى سلام بالتسمية
لا شك أن أمراً مدبراً قد حدث، ولا شك أن الثنائي الشيعي هو من تفاجأ بهذا التحول بعد أن كانت الأمور تتجه نحو عون-ميقاتي والاتفاق قد أُبرم بهذا التوجه. فهل ما تزال تتجه الأمور إلى معاملة المقاومة كطرف خسر في الحرب وعليه أن يتحمل نتائج هذه الخسارة على جميع الأصعدة؟ فالزمان تغيرعندما كان الحزب يعطل الانتخابات الرئاسية لمصلحة هذا المرشح أو ذاك. ولم يعد للحزب أنياب يخوف من خلال شركاءه للوطن. الحياة السياسية بعد انتهاء الحرب قد تبدلت وعلى الحزب أن يدفع الثمن ويقبل بالهزيمة السياسية.
هذا ما يبدو عليه شركاء الحزب من توجه على الرغم من الطرح الدائم والقائل إننا سنعمل يداً دون تغييب أي طرف وخصوصاً الطائفة الشيعية. ويخطئ من يظن أن الحزب انتهى عسكرياً وبالتالي فهو باق سياسياً وسيثبت دوره عما قريب، حتى ولو خدعه الاستقلاليون واتجهوا بطواعية مذهلة نحو الخارج وأوامره التي تحدث كم من استقلالية عالية يتمتعون بها