العالم العربيسياسة

الانتخابات الجزائرية: مقاطعة يسارية ومشاركة اسلامية

الحوارنيوز – الجزائر

بعد غد السبت في 12 الجاري ستكون الجزائر على موعد مع الانتخابات البرلمانية وسط مقاطعة من عدة أحزاب يسارية تطالب بتأجيل الانتخابات “الى حين استعادة الثقة” بالإجراءات ونزاهتها، في حين تستعد الأحزاب الإسلامية للمشاركة ما قد يؤدي إلى تقدم جلي للإسلام السياسي في الجزائر وينبئ بتغيير واضح في المشهد السياسي الجزائري.

ويستبعد مراقبون وقوع نتائج مفاجئة في الانتخابات ويتوقعون تكرار سيناريو ما جرى عند الاستفتاء على الدستور، إذ لم تتجاوز نسبة المشاركة حينذاك 23,7 بالمئة من مجموع من يحق لهم المشاركة، في أضعف نسبة مشاركة في حدث وطني بهذا الحجم وهذه الحساسية.

غير أن واقع الحال يجعل شبح المشاركة الضعيفة حاضراً مرة أخرى، فالأحزاب اليسارية المنضوية تحت لواء تكتل البديل الديمقراطي أعلنت مقاطعتها للانتخابات، ومن أهمها جبهة القوى الاشتراكية، وحزب العمال، والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والاتحاد الديمقراطي الاجتماعي الاشتراكي والحركة الديمقراطية الاجتماعية.

في الجانب الآخر، قررت جلّ الأحزاب الإسلامية المشاركة في هذه الانتخابات، ومنها حركة مجتمع السلم الذي كان مقاطعا لانتخابات الرئاسة عام 2019. وقال عبد الرزاق مقري، رئيس الحركة في تغريدة: “أتينا بنية طيبة، وليست لدينا نية عرقلة أحد ولا ظلم أحد. جئنا لكي لا تضيع الفرصة الأخيرة للانتخابات التشريعية”، لكنه حذر في تدوينة لاحقة من “العبث بالانتخابات” معتبراً ذلك “مخاطرة ومغامرة بالبلد”.

 

تدهور الثقة

تسبّب استمرار اعتقال وجوه من الحراك في تدهور منسوب الثقة بين شباب الحراك والسلطات، ويصل عدد المتابعين ومن يحاكمون إلى العشرات، عدد منهم تمت إدانتهم بالحبس النافذ. كما قامت قوات الأمن بحملة اعتقالات بالمئات خلال مظاهرات الحراك يوم الجمعة 14 يار منهم شخصيات سياسية وإعلامية وحقوقية قبل إطلاق سراح نسبة كبيرة منهم.

وحسب تصريحات لنائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، سعيد صالحي، لفرانس برس، فقد تمّ اعتقال أكثر من ألفي متظاهر وتم إيداع نحو مائة منهم الحبس الاحتياطي فضلا عن مذكرات توقيف بحق 60 شخصا، منذ قرار الداخلية “حظر تجمعات الحراك”.

ولم تعد السلطات تتسامح مع تظاهرات الحراك، وأصدرت الداخلية قبل مدة قراراً بأن أيّ مظاهرة يجب الترخيص لها بشكل مسبق بعد استيفائها مجموعة من الشروط، وكان القرار موجهاً بشكل واضح لمظاهرات الحراك التي كانت تنظم كل يوم جمعة. ونفذت السلطات وعيدها إذ غابت المظاهرات للأسبوع الثالث توالياً مع انتشار كثيف لقوات الأمن في جلّ المدن الجزائرية.

غير أن متظاهرين جزائريين خارج البلد نظموا مظاهرات في بعض المدن كباريس وجنيف ومونتريال رفضاً لإجراءات وزارة الداخلية التضييق على المظاهرات ودعماً للحراك، في وقت لجأ فيه بعض وجوه الحراك إلى مواقع التواصل الاجتماعي للاحتجاج، غير أن هذه المواقع لم تشهد حملات قوية تنادي بمقاطعة الانتخابات كما جرى في الانتخابات الرئاسية لعام 2019.

وأرسل ثلاثة محامين طلبا بتأجيل الانتخابات إلى موعد لاحق نظرا لعدم توافر شروط الثقة، حسب ما أعلنته الصفحة الرسمية للناشط رشيد نكاز، وهو الطلب ذاته الذي أعلن عنه وزير الخارجية الأسبق أحمد طالب الإبراهيمي الذي أعلن عن مبادرة للخروج من الأزمة السياسية في البلاد من عناصرها تأجيل الانتخابات وإطلاح سراح المعتقلين.

رسائل من الدولة

وقفت مؤسسة الجيش، التي تملك ثقلاً سياسياً في البلد، إلى جانب الانتخابات، وأدلى قائد الأركان، سعيد شنقريحة، بتصريحات طالب من خلالها بـ”إفشال” ما وصفها بـ “مخططات التشويش على الانتخابات”، داعياً قيادات الجيش إلى “تأمين ضمان السير الحسن لهذا الاستحقاق الوطني”، كما كان لافتاً دعوته أفراد الجيش إلى التصويت انطلاقاً من “واجب المواطنة”.

وقوبلت تصريحات شنقريحة بانتقادات كبيرة، وتكرر هاشتاغ “دوله مدنية ماشي عسكرية” في عدة تغريدات، كما كتب الصحفي عبد المنجي خلادي: “لن يستقيم حال البلاد والخطابات لاتزال تُلقى من الثكنات. أين هو ‘الحكم المدني الذي تغنى به تبون؟ ثم ما دخل شنقريحة في سِجال سياسي من اختصاص المدنيين؟”.

وفي رسالة أخرى من السلطة، قرّر المجلس الأعلى للقضاء عزل رئيس نادي القضاة سعد الدين مرزوق بتهمة “خرق واجب التحفظ”. وكان مرزوق نشطاً للغاية في الحراك وكان من المعارضين لترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة. كما ذكرت وسائل إعلام محلية عزل نائب عام (وكيل الجمهورية) يدعى سيد أحمد بلهادي بسبب طلبه عدم متابعة متظاهرين من الحراك بأحكام ثقيلة.

ولا تعتمد السلطة الجزائرية فقط على ما يُعرف بـ”أحزاب الموالاة” النشيطة في حملة الانتخابات البرلمانية وكانت دائما على وفاق شبه دائم مع السلطة، ولكن كذلك على تجمعات تضم أسماء من الأحزاب والمجتمع المدني، كتكتل “المسار الجديد” الذي يرأسه منذر بودن، الذي كانت له مواقف سابقة تدعم ترشح عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة.

ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن بودن قوله بضرورة “مرافقة الشعب لرئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في إرساء التغيير من خلال المشاركة القوية في الانتخابات للوصول إلى هيئات منتخبة قوية تكون في مستوى تطلعات الشعب”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى