د. حسين علي*- الحوارنيوز
في محاولة للسير على النهج المنشود في دراسة تاريخنا السياسي تأتي كتابات هادي العلوي التي يضمها كتابه «فصول من تاريخ الإسلام السياسي»، وهو يشتمل على الكتب الثلاثة التالية:
«في السياسة الإسلامية» وقد صدر عام 1974 عن دار الطليعة ببيروت. وقد عرضنا له في الحلقة الماضية.
«الاغتيال السياسي في الإسلام» عن مركز الدراسات الاشتراكية في العالَم العربي عام 1988.
«من تاريخ التعذيب في الإسلام» عن مركز الدراسات الاشتراكية عام 1986.
ولقد مهَّد «هادي العلوي» في صدر كتابه «الاغتيال السياسي في الإسلام» بتوضيح معنى الاغتيال فقال إن «الاغتيال» في اللغة يعني «إرادة الهلاك للآخر»، و«قتله غيله». ووفقًا للسان العرب عند ابن منظور تعني «خدعه فذهب إلى موضع قتله»، مع ملاحظة أن عبارة «قتله غيله» أكثر ورودًا في النصوص القديمة من اغتياله. من هنا ينفرد «الاغتيال بالدلالة على القتل العمد المشتمل على أحد ركنين:
1- استغفال المقتول. كأن يأتيه القاتل من ورائه، أو يكمن له.
2- أو استدراجه للإيقاع به في مكان معزول.
و«الاغتيال» هو اللفظ الشائع اليوم أما «القتل غيله» فهو مهجور في اللغة العربية المعاصرة، والأفضلية في الاستعمال يجب أن تكون للاصطلاح المكون من كلمة واحدة. (هادي العلوي، فصول من تاريخ الإسلام السياسي، ص 180)
إن مسلمي مكة استأذنوا النبي على قتل المشركين الذين آذوه سرًا، فنهاهم ونزلت الآية 38 من سورة الحج تؤكد هذا النهي: «إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ»
وهذا يشكل موقفًا شرعيًا غير محبذ للاغتيال مهما تكن دوافعه، ويتجانس هذا الاتجاه مع قيم الفروسية الجاهلية التي تتمسك بالقتال وجها لوجه، ولا تقر حتى ملاحقة الهارب. فالفارس الجاهلي إذا صادف خصمًا له خاطبه بالعبارة الشائعة: «خذ حذرك إني قاتلك» قبل أن يهاجمه. ولعل الموقف الإسلامي لا يتعدى هذا المنحى الجاهلي بقدر ما يكون قاعدة أخلاقية متعارف عليها. لكن هذا ليس هو السبب الأساسي في النهي عن اغتيال المشركين، فهذا النص يأتي في سياق استراتيجية النبي محمد في الطور المكي. وكانت الدعوة الإسلامية حينئذ مقتصرة على التبشير، وإمكاناتها لا تسمح باستعمال السلاح. كما أنها لم تكن قد امتلكت مكانًا مستقرًا تتحرك منه لمزاولة هذا الشكل من الصراع، وفي الظروف الصعبة التي كانت عليها الدعوة آنذاك، كان مقتل أي شخص من المشركين يكفي لإعطاء مبرر لشن حملة إبادة ناجحة ضد تلك الفئة قليلة العدد من مسلمي مكة. أما بعد أن هاجر النبي إلى «المدينة»، واتخذها مستقرًا له، وقاعدة انطلاقه، فقد أكد المؤلف: «أن محمدًا مارس هذا التكتيك (الاغتيال) في تعارض مع الحكم الشرعي الذي ثبَّته بنفسه. وهو بذلك يكرس تصوره الخاص للدائرة التي يمكن لهذا الحكم أن يتحقق فيها – حيث نجده يمارس الاغتيال في دائرة الصراع السياسي المسلح وبقدر ملموس من الذرائعية». (ص 195) إن الاغتيالات التي نُفِّذَت في عهد النبوة محدودة عدديًا ومحصورة زمنيًا، وضمن هذه الحدود أعطى تكتيك الاغتيال نتائج مثمرة بالنسبة لمسيرة الرسالة المحمدية دون أن ينعكس أو يتحول إلى نزعة إرهابية. ولقد تضمنت مصادر السيرة والتاريخ ثماني وقائع اغتيال ناجحة ومحاولة فاشلة حدثت جميعها إلا واحدة في المرحلة السابقة للحديبية. وهذه المرحلة اتسمت بالنمو البطئ للقدرة السياسية والعسكرية للإسلام الناشئ. وكانت فيها «المدينة» – معقله الأوحد حينذاك – عرضةً باستمرار للاجتياح. وقد استُعْمِل تكتيك الاغتيال السياسي في ذلك الوقت ليوفر تعويضًا نوعيًا عن الافتقار إلى قوة عسكرية ضاربة، وليساعد على ردع العناصر المناوئة داخل «يثرب» في وقت كانت سلطة الإسلام لم تترسخ بعد. (ص 182)
إن الأطراف التي وُجِهَت ضدها الاغتيالات هم المشركون واليهود. وقد أعطت الاغتيالات محمدًا ورقةً رابحةً رجَّحت كفته عليهم، وحدَّت من نشاطهم المناوئ. وهو لم يلجأ إلى هذه الوسيلة إلا بعد أن استنفد وسائل التحالف معهم، أو على الأقل منعهم من التحالف مع قريش ضده. وقد توقفت الاغتيالات ضد اليهود بعد تصفية المعارضة اليهودية. وقد عاش اليهود في المدينة بعد ذلك من خلال عقد الذمة كرعايا لمحمد. (ص 195)
ترجع الاغتيالات في تلك الحقبة إلى الأصل الذي بُنِىَ عليه الإسلام كتحرك سياسي – اجتماعي أملته ظروف العرب الخاصة في المقام الأول، والظروف العامة للمنطقة في المقام الثاني. وقد سلك مؤسس الإسلام بعد هجرته إلى يثرب خط العمل العسكري، بما في ذلك الاغتيالات، كنهج ثابت تخلى بموجبه عن نهجه التبشيري الذي اتبعه في مكة. وقد ارتهنت سياسات النبي محمد في يثرب بصراع قومي موجه لإقامة دولة ومجتمع. بينما يعكس نهجه في «مكة» حالة صراع اجتماعي داخل معشر محدود هو المعشر القريشي – المكي. وكان ثمة صراع من هذا القبيل في «يثرب» ولكن داخل الحركة نفسها، بين الفئات الاجتماعية والقبلية التي تتكون منها كتلة. (ص 216)
إن عدد المرات التي ذُكِرَ فيها «القتل» في القرآن يتجاوز عدد المرات التي ورد فيها ذكر «الصلاة» (حوالي 174 مقابل 99). ولغة الصراع في الإسلام تحريضية شديدة النبرة تُذَكِّر القارئ بلغة البلاغات الحربية. ولا شك أن مؤسس الإسلام كان يستجيب في ذلك لمستلزمات وضعه ومهمته التاريخية. وهو في الحقيقة لم يكن شديد الافتقار إلى الوعي بنواميس التاريخ البشري؛ لأنه سجل في كتابه أن الناس لا يمكن أن يكونوا أمة واحدة، فهم «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَن رَّحِمَ رَبُّكَۚ وَلِذَٰلِكَ خَلَقَهُمْۗ» [سورة هود: 118، 119] خلقهم كما يقول المفسرون ليختلفوا لا ليتفقوا. وإذا كان الناس في حسابه لا يمكنهم أن يكونوا أمة واحدة فهو يعرف أيضًا أن أمته نفسها لن تنجو من الاختلاف. وقد عايش بنفسه ولاسيما في مرحلة ما بعد مكة، جانبًا من التكتلات التي بدأت في تقسيم الصحابة إلى أجنحة. ولم يكن بمقدوره – حتى لو أراد – أن يؤلف بين قلوب أتباعه. ولا أن يمنعهم من الاقتتال؛ وهم ينظمون حياتهم وفقًا لعلائق المادة وليس الروح، شأن غيرهم في كل زمان ومكان. (ص 217)
كان الصراع الذي خاضه الإسلام الأول من الحدة بما يكفي لتعزيز صياغة شخصية تناحرية مشتركة بين طبقات المجتمع الجديدة الظالمة والمظلومة. إن تلك الشخصية لم تنشأ من فراغ؛ إذ يمكننا في الواقع أن نتابعها من خلال الشخصية الجاهلية التي يشغل السيف موقعًا مؤثرًا في علاقاتها. والمجتمع الجاهلي هو كما نعلم مجتمع تناحري لم يعرف السلم إلا كهامش استغرقته الأشهر الحرم الأربعة في أضيق نطاق. (ص 217)
*****
أما عن الاغتيال في عصر الخلفاء الراشدين، فقد وقعت أربعة حوادث اغتيال طالت خليفتين (عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب) وصحابيًا كبيرًا (سعد بن عبادة) وقائدًا شيعيًا (مالك الأشتر). وقد جاءت هذه الحوادث في مجرى الصراع السياسي الذي انفجر بين المسلمين لحظة وفاة النبي، واستمر متفاقمًا حتى تأجج بالحرب الأهلية التي بدأت بالانتفاضة المسلحة ضد عثمان، ثم تواصلت في خلافة «علي بن أبي طالب» لتنتهي بانهيار دولة المدينة – حكومة الخلفاء الراشدين وتأسيس الامبراطورية الأموية (ص 197)
*****
وفي العصر الأموي كانت الاغتيالات السياسية متبادلة بين السلطة والمعارضة. وقد مارسها الخلفاء الأمويون بدءًا من معاوية الذي استهلها باغتيال «مالك الأشتر» – أثناء خلافة علي بن أبي طالب – ثم واصلها بعد انفراده بالخلافة. أما المعارضة فقد انفردت بها الخوارج بالتوسع في استعمال تكتيك الاغتيال. (ص 221)
ولقد اقتصرت وسيلة الاغتيال التي استعملتها السلطة في الخلافة الأموية على استخدام السم. ويرجع هذا إلى أن الشخصيات التي طالتها الاغتيالات كانت لها مكانة في الأسرة الحاكمة أو في المجتمع تمنع من تصفيتها علنًا. والاغتيال بالسلاح قد يعرض الخطة للانكشاف بالقبض على القاتل. (ص 235)
*****
أما في العصر العباسي فقد حدثت الاغتيالات على نطاق أوسع عما ذي قبل. مارستها السلطة متمثلة إما في الخليفة العباسي، أو متمثلة في المنقلبين عليه، أو في حكَّام الأسر الأخرى، ومارستها المعارضة متمثلة أولاً في الخوارج، ثم في فرقة الإسماعيلية التي استلمت هذا التقليد من الخوارج وسارت فيه إلى المدى الأبعد، واستعملت السلطة في اغتيالاتها السم، لكنها لم تقتصرعليه وإنما لجأت أيضًا إلى الفتك بالسلاح باستخدام مأجورين. (ص 241)
*****
وإذا انتقلنا الآن إلى الكتاب التالي: «من تاريخ التعذيب في الإسلام» فسوف نجد أن التعذيب قد اُسْتُخْدِمَ في العصور الإسلامية المختلفة لأغراض شتى، منها التعذيب لأغراض سياسية ومنها التعذيب لأغراض عامة. ويشمل التعذيب من أجل أغراض عامة
– التعذيب للاعتراف
– التعذيب للجباية
– التعذيب للعقوبة
– تعذيب المقابلة بالمثل
وقد شرع المؤلف في عرض مفصّل لأنواع التعذيب وفنونه التي ظهرت في الإسلام، منها حمل الرؤوس المقطوعة والضرب والجلد والرجم، وتقطيع الأوصال، وسلخ الجلود، والإعدام حرقًا.
وقد ورد في حروب الردة ما يدل على أن أبا بكر ضمَّن تعليمات لقادة الجيوش التي أرسلها لمحاربة المرتدين أوامر بالإحراق. ويخبرنا البلاذري في كتابه «فتوح البلدان» أن خالد بن الوليد أحرق بعض المرتدين بعد أن أسرهم، وأن اعتراضًا من الصحابة قُدِمَ لأبي بكر ضد هذا الإجراء. فردهم أبو بكر قائلاً: «لا أشيم سيفًا سله الله على الكفار». يقصد خالدًا.
واستعمل بعض ولاة الأمويين هذه العقوبة ضد الثائرين عليهم، وفي أوائل عصر العباسيين أعدم الكاتب عبد الله بن المقفع حرقًا بأمر سفيان بن معاوية أحد ولاة المنصور. ثم نأتي اليوم ونوجه اللوم لأنصار داعش الذين أحرقوا الطيار الأردني حرقًا .. إنه إرث طويل وثقيل من التصرفات التي تتنافى مع أبسط مبادئ الإنسانية.
وإشفاقًا على القارئ الكريم؛ لن نسترسل في عرض صنوف التعذيب الذي مارسه المسلمون، والتي تقشعر له الأبدان. وسنكتفي بعرض بعض الإضاءات لجوانب ذات علاقة بتاريخ الإسلام السياسي؛ اختتم بها المؤلف كتابه في محاولة لفهم الإسلام المعاصر والحركات السياسية المرتبطة به؛ فتحدث عن الصحوة الإسلامية، وذكر إن تعبير «صحوة إسلامية» مضلِّل: استعمله الغرب عن جهل، والباحثون العرب يرددون – عن جهل أيضًا – ما يلوكه الغرب. إن الجماهير العربية – كما يؤكد المؤلف – لم ترتد عن الإسلام حتى تصحو وتعود إليه، هى قد ابتعدت في العصر الحديث عن الدين وضعفت عندها نزعة التدين، لكنها مستمرة في ولائها العفوي لهويتها الحضارية بمقوماتها الأساسية التي تحكم مجمل حياتها وتاريخها. ولم تحدث عودة إلى الدين بهذا الوصف الهولامي غير المشروط (ص 422)، ومن الضلال السياسي أن يُفسر سلوك الجماهير هذا بأنه مدفوع بحلم إقامة الحكم الديني. قد يحلم الناس بدولة تسودها العدالة وتخلو من الفساد؛ لكن أبدًا لا تحلم الجماهير بإقامة دولة تقطع أيدي اللصوص وترجم الزناة وتجلد شارب الخمر. إن هذا هو حلم السلفية السياسية؛ التي ركبت موجة الجماهير المعادية للظلم والمناهضة للفساد. (ص 438) وفي حلبة السياسة قدم السلفيون خدماتهم لنظم حكم استبدادية كثيرة ومتتالية، وأخذت تلك الخدمات شكل فتاوى تصدر حسب حاجة الحاكم وتحت أية ظروف. (ص 439)
إن الإسلام – من وجهة نظر المؤلف – أثبت فشله في مواجهة الغرب بسبب عدم قدرته على إقامة نظام اقتصادي مستقل ومنفصل عن النظام الرأسمالي الغربي المهيمن، وبالتالي تعذر أن يتصدر القيادة حاضرًا أو مستقبلاً في معارك النضال الحاسمة لقطع اليد الغربية عن عالمنا وإقامة الوضع السوي والحياة الحرة المنشودة لشعوبنا. (ص 456)
ويضرب المؤلف مثلاً بالتجربة الصينية ونجاحها في فك الارتباط مع النظام الرأسمالي. إن السر في تفرد الصين هو ابتعادها عن النموذج السوفييتي في بناء الاشتراكية، ونجاح «ماو تسي تونغ» في تطوير اشتراكية صينية تبدأ من واقع الصين وخصوصيات بيئتها وتراثها. فالصين هى البلد الوحيد في العالَم الشيوعي، الذي لم يتعرض لانهيار اقتصادي، وإنه نجح في تأمين الحاجات الأساسية لأكثر من مليار نسمة دون أن يضطر إلى استيراد أي مادة استهلاكية حتى نهاية عام 1979 حين بدأ الانفتاح الحالي. إن الإنجاز الذي تحقق في الصين هو في جوهره وبالمستوى الذي حققه مدين – من وجهة نظر المؤلف – لشخصية «ماو تسي تونغ» بخصوصياتها المحلية التي لم تتعرض لمؤثرات خارجية مخربة. ويؤكد المؤلف على «الخصوصيات المحلية»؛ ذلك أن «ماو» بدا أقدر على فهم الصين من رفاقه الذين تثقفوا في الخارج («ليو شاو شي» و«شوان لاي» وخليفتهم «دنغ شياو بنغ»). (ص 459)
ويقول المؤلف نصًا:إنني أجازف بالقول إن التحصيل الخارجي – في جغرافيا نائية – قد يهيئ الحصول على معرفة متقدمة. وربما يُسْفِر عن عالِم أو فيلسوف يفكر بعقل ثاقب ضمن التخوم المحيطة بمصدر المعرفة؛ إلا أن مثل هذا التحصيل قد يسبب خللاً يحول دون الرؤية المباشرة، الحية، للواقع المعيش الفعلي في بلده، والمحجوب عن مصدر تعليمه بمسافة مكانية وزمانية، تكفي لإحداث التشويش في قياساته. وإني لأذهب لحد القول، بعد تبرئة المنهج العلمي المشترك للفكر البشري: إن معظم الذين درسوا مجتمعاتهم الشرقية بمعرفة غربية، لم يتوصلوا إلى الحقائق الحاكمة في تلك المجتمعات». (ص 459)
لعل ذلك هو ما جعل المؤلف مقتنعًا أن «محمد علي الكبير» كان يعرف مصر أكثر من معرفة رفاعة الطهطاوي بها. وأن الصين لولا وجود «ماو تسي تونغ» ما كان في مقدورها أن تحقق ما حققته من نجاحات. (ص 459)
ويختتم «هادي العلوي» كتابه بطرح سؤال وقد قام بالإجابة عنه؛ والسؤال هو:هل يساهم الدين الإسلامي في التعبئة ضد الغرب؟
في إجابته عن هذا السؤال يقول الكاتب:إن التجارب تبرهن على وجود توافق بين الموقف الديني والقيم الجماهيرية المتوجهة ضد الاستبداد المحلي والعدوان الخارجي. ويبقى الفعل الأنجع في عموم الساحة للقيم التي تكون لها الفعالية والتأثير في حالة غياب الدين، إننا نقف دائمًا على «شعور إسلامي» يوجه الجماهير في الأحداث الكبرى للصراع مع الغرب، متكاملاً مع هذه القيم وليس بالضرورة مع فروض التدين، أو «الشعور الديني». وهذا «الشعور الإسلامي» صار يتقيد أكثر فأكثر بالهوية القومية، فالجماهير العربية تهتاج لعدوان غربي على بلد عربي أكثر مما يحدث لها في حالة عدوان غربي على بلد إسلامي، وجماهير البلد الإسلامي بدورها لا تتحرك ضد هكذا عدوان بنفس وتيرة تحرك الجماهير العربية. وما تشترك فيه الجماهير المسلمة على اختلاف البلدان هو تلك القيم الحضارية للإسلام، والتي هى في تحليلها الأخير جزء من قيم الشرق، التي تسمح له بالتوحد ضد العدوان الغربي، بعيدًا عن اختلافات الديانات والقوميات.
*أستاذ المنطق وفلسفة العلوم بآداب عين شمس – جمهورية مصر العربية
زر الذهاب إلى الأعلى