عباس رحمة* – الحوارنيوز- خاص
في بدايات موجات الهجرة اللبنانية أوائل القرن الماضي، كان الحنين ملازما للروح والعقل، وكان لبنان يسكن كل المطارح حيث تطأ قدم المهاجر. لاحقاً، في منتصف القرن التاسع عشر، نجح الاغتراب بمأسسة وجوده، لاسيما في الاطار الثقافي فقامت الجمعيات والروابط الأدبية التي أطلقت العنان لمساهمات أغنت الأدب العالمي، وقد عرفت هذه الكيانات ب ” شعراء المهجر” و”الرابطة القلمية” ( 1920) و”العصبة الأندلسية” (1933) …
هذا من الناحية الثقافية والتي عالجت جانبا من جوانب المحافظة على اللغة كارتباط بالوطن الأم.
ورغم ذلك، فشلت المؤسسات الادبية في مهمتها الاجتماعية، وما هي إلا فترة وجيزة حتى حصل ما يشبه الاندماج الكلي في الاميركيتين، ونجح الأدباء في انتاجهم الفردي فأغنوا الأدب العالمي والعربي.
هذا حالنا في المؤسسات الاغترابية .فقد فشلت في معظمها فيما الاغتراب غني بالشخصيات الاغترابية والكفاءات العلمية.
لماذا هذه الظاهرة؟
أولا: ربما كان ذلك مرده إلى طغيان الشخصانية على العمل المؤسسي. فتجربة الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم نجحت في بداياتها لأن الأولوية كانت لخدمة الاغتراب وخدمة الوطن في آن. لاحقاً طغت المنافسات الفردية وصارت “الأنا” أقوى من المؤسسة.
ثانيا: لم تعد الديمقراطية هي أداة الانتخابات في المؤسسات الاغترابية، لاسيما في “الجامعة”، بل تم استبدالها بالتسويات والمحاصصة، ما افقد الجامعة رونق تجربتها الديمقراطية.
ثالثا: إن تجربة الانتخابات التي حصلت مؤخرا في الغابون وانغولا، تشكل بارقة أمل من أجل استعادة الجامعة لهيبتها وجديتها وتمثيلها للإغتراب. رغم ان الهيئات الإدارية المنتخبة لديها هامش كبير من الاستقلالية لأنها مرخصة كمؤسسة في البلد المضيف وليست فرعا أو امتدادا لكيان خارجي.
كلنا أمل أن تستعيد “الجامعة” قوتها التمثيلية من خلال تصحيح المسار الديمقراطي، بذلك فقط تستعيد المؤسسة حيويتها وحضورها الاغترابي ..لا الإعلامي.
*عضو الهيئة الإدارية للجالية اللبنانية في الغابون