الاغتراب اللبناني: مبادرة شمالية موفقة.. ومؤتمر تجاري في بيروت!(حسن علوش)
حسن علوش – الحوارنيوز خاص
ضحك صديقي المغترب كثيرا عندما وصلته دعوة الكترونية للمشاركة في
المؤتمر الاقتصاد الاغترابي الثالث الذي سيعقد بتاريخ 23 حزيران 2023 في فندق فينيسيا انتركونتينتال – بيروت.
ولدى سؤاله عن سبب “الضحك الأصفر”، استعاد رصانته وببعض الشيء من الجدية سألني: عن أي اغتراب يتحدثون؟
عن اغتراب سُرقت ودائعه؟
عن اغتراب نقلوا اليه لوثة الانقسامات المذهبية والحزبية؟
عن اغتراب آمن بوطنه، وما زال، لكنه كان ضحية مثل هذه المؤتمرات والمنظمات الاغترابية؟
أسئلة دفعتني بالعودة الى أرشيفي الخاص، لأجد أن المؤتمر المشار إليه اعلاه، ليس سوى نسخة مستعادة في عناوينها ومضمونها عن مؤتمرات سابقة ساهمت في “غش الاغتراب” واستدراجه الى الشبكة الاخطبوطية المصرفية، وما أن علق بالشبكة، دارت المصارف والحكومة ظهرها وتركوه لمصيره الأسود.
بتاريخ 14 تموز 2016 نظمت الجهة نفسها مؤتمرا هو الثاني بعد مؤتمر أول عقد بناريخ 15 كانون الأول 2015. العناوين هي هي تكاد تتطابق مع المؤتمر الثالث: الاغتراب اللبناني وتحدياته. دور المغترب في الاستثمار ودعم التنمية الاقتصادية. دور المصارف في دعم الاغتراب.. الخ. وتحت هذه العناوين تحدثت نخبة من اصحاب الاختصاص، فكانت النتيجة أن المصارف دعمت الاغتراب بسرقة أمواله، وأن الحكومات دعمت الاغتراب بجعله مغتربا في وطنه أكثر من شعوره بغربة الخارج، وأن محاولات المغترب بدعم التنمية اصطدمت بشبكة من الفاسدين وبتعقيدات إدارية وغياب الحوافز…
أما المؤتمر الثالث، الذي دعي اليه عدد من المغتربين، وعممت وزارة الخارجية على بعثاتها مضمونه، على خلفية التسويق له، باعتباره سيعقد برعاية رئيس الحكومة نجيب مقاتي ،فيمكن تسجيل بعض الملاحظات:
- أن المؤتمر في عناوينه لن يقدم شيئاً جديدا ولن يكون له أثر ايجابي على الاقتصاد اللبناني، طالما أنه سيعقد وسط غياب مطلق لأي استراتيجة اقتصادية وطنية أو خطة خمسية أو عشرية لإعادة التوازن المالي والاقتصادي الى لبنان.
- ويعقد المؤتمر والحكومة بشخص رئيسها ونائبه، يتبنون نظرية تحميل المودعين، وبينهم المودع المغترب، مسؤولية الخسائر والسرقات التي حصلت من خلال مثلث برمودا اللبناني: الحكومة، مصرف لبنان والمصارف اللبنانية.
- إن المؤتمر سيعزز حال فقدان الثقة بمثل هذه المؤتمرات والرعايات لأن الخطاب المتوقع هو خطاب استعادي ينطوي على شعارات ووعود، أثبتت التجارب أن لا قيمة لها البتة.
- إن المؤتمر لا يعدو كونه تكرارا لدراسات وأبحاث كان للمديرية العامة للمغتربين ولمديرها السابق هيثم جمعة، دور كبير في الإضاءة عليها، وقد نشرتها المديرية في عدة مطبوعات تحت مسمى “دراسات اغترابية”.
- والأكثر غرابة أن عناوين الندوات والمحاور تبدو أيضاً أنها استعادة هزيلة لمضامين مؤتمرات “الطاقة اللبنانية الاغترابية” التي قامت بها وزارة الخارجية اللبنانية وتناولت حقوق المغترب في الجنسية، والحقوق السياسية ومشاريع محددة جرى تنفيذ بعضها وعطّلت التطورات تنفيذ أخرى.
- لقد حدد المنظمون اسعارا للمشاركة، واسعارا للمقاعد الأولى (الصف الأول) وأسعارا لبعض المتحدثين في المؤتمر، من المغتربين تحديدا! فأي مؤتمر هذا وقد بدا أن الغاية من انعقاده مصلحة تجارية، دأبت الجهة المنظمة على اعتمادها تحت عناوين مختلفة؟
في المقابل وبمبادرة خاصة وايمانا بالدور والرسالة للمغترب اللبناني، دعت جامع ةبيروت العربية واتحاد رجال الاعمال اللبنانيين الفرنسيين ولقاء الأحد الثقافي الى حضور المؤتمر الدولي الاغترابي: تنمية طرابلس والشمال في 5 و6 ايار المقبل في حرم الجامعة في طرابلس. مثل هذه المؤتمرات جديرة بالدعم والاهتمام لأنها واضحة في عنوانها الرئيسي، ويمكن لها أن تسهم في تنفيذ عدد من مشاريع التعاون مع الجهات المعنية في الشمال مباشرة، لا عبر الأطر التقليدية التي هي أشبه بسل مثقوب…
لقد لعب المغترب اللبناني وما يزال في مختلف المناطق اللبنانية دورا تنمويا مباشرا بالتعاون مع البلديات وبعض المؤسسات الأهلية والاجتماعية ذات الموثوقية، كما أنه لم يترك أهله في زمن الأزمات التي ساهمت في صناعتها السياسات المتعاقبة، لكن، أي المغترب، لن يقع ضحية سلطة منقسمة على نفسها، وغياب الرؤية الوطنية للإنقاذ والمؤسسات التي تتمتع بأهمية وثقة كافيين للقيام بمثل هذه المهمات.
تقول الدعوة لمؤتمر فينيسيا إن المؤتمر هدفه “التركيز على المغتربين ودورهم في مواجهة الأزمة التي يعيشها البلد وفي الإصلاح والنهوض الاقتصادي”، وأن المؤتمر “ينعقد تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء، ومن المتوقع أن يشارك فيه حشد من الوزراء والمسؤولين والمغتربين المنتشرين في مختلف أنحاء العالم.
ومن أبرز مواضيع المؤتمر:
دور الاغتراب في مواجهة الأزمة الحالية.
رؤية المغتربين للإصلاح والتعافي الاقتصادي.
دور المرأة اللبنانية في الاغتراب.
متطلبات المغتربين للاستثمار في لبنان
كيفية الاستفادة من تجارب ونجاحات المغتربين لبناء اقتصاد جديد.
كيف يمكن للمغتربين أن يساهموا في انقاذ قطاع التعليم في لبنان؟
كيف يمكن أن يساعد المغتربون رواد الأعمال في لبنان والخارج.
قصص نجاح اغترابية.