بقلم د. عماد عكوش – الحوار نيوز
شهدت الاسواق العالمية من نيويورك الى طوكيو تراجعا حادا في أسعار الاسهم ومؤشراتها خلال الايام القليلة الماضية، وصل الى حدود 27 بالمئة على مؤشر “نيكي” الياباني، والذي عاد وحصل على بعض المكاسب الليلة الماضية ، لكن ما هي الاسباب الاساسية لهذا التراجع ولماذا وصل الى هذا الحد خلال اليومين الماضيين ؟
بصراحة هناك تراكم للاسباب التي أدت الى هذا التراجع، بدأت مع المؤشرات الاقتصادية السلبية والتي ما زالت تصدر في الولايات المتحدة الأميركية، وكان اخرها معدل البطالة حيث ارتفع معدل البطالة 0.2 نقطة مئوية إلى 4.3%، وهو ما أدى إلى تفعيل قاعدة ” Sahm Rule”، التي تربط بين بداية الركود ووقت ارتفاع متوسط معدل البطالة المتحرك لثلاثة أشهر بنصف نقطة مئوية على الأقل فوق أدنى مستوياته على مدى الأشهر الاثني عشر الماضية، بحسب صحيفة فايننشال تايمز. كما أثار الانخفاض الحاد في نمو الوظائف خلال شهر تموز، والذي جاء أكثر حدة من المتوقع، مخاوف من أن الفدرالي الأميركي يتحرك ببطء شديد لخفض تكاليف الاقتراض بالنسبة للأميركيين، الأمر الذي يعرضه لخطر الركود الذي كان يحاول تجنبه.
أما أهم الاسباب التي أدت الى هذا التراجع الحاد فهي :
- التضخم ورفع أسعار الفائدة : ارتفاع معدلات التضخم يؤدي عادة إلى رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة ، ما يجعل الاقتراض أكثر تكلفة، ويقلل من السيولة المتاحة للاستثمار. ويدور الحديث اليوم عن امكانية اجتماع الفدرال بنك بشكل طارئ للبدء بعملية خفض الفوائد .
- الأزمات الاقتصادية : ما صدر عن المؤسسات الدولية من تراجع كبير في المؤشرات الاقتصادية، ولا سيما في معدلات التوظيف والبطالة في الولايات المتحدة الاميركية خلق الكثير من الخوف من الوصول الى مرحلة الركود الاقتصادي، فلجأ كبار المستثمرين الى الخروج من السوق او تقليص ملكيتهم للاسهم ولمؤشراتها في محفظته التجارية كما حصل مع وارن بافيت .
- التوترات الجيوسياسية : ما يحصل اليوم في الشرق الاوسط والذي يهدد المنطقة كلها بالوقوع في أزمة سياسية حادة يمكن ان تؤدي الى قطع سلاسل التوريد لأكبر شركاء تجاريين في العالم ،وسينعكس حتما على أداء الاقتصاد العالمي ، ان النزاعات السياسية والجيوسياسية تؤثر على الاستقرار الاقتصادي العالمي وتزيد من عدم اليقين، مما يدفع المستثمرين إلى البحث عن ملاذات آمنة بدلاً من الاستثمارات عالية المخاطر.
- أداء الشركات : فقد تبين من خلال النتائج التي صدرت عن الشركات العالمية تراجع في أدائها وبشكل كبير، ما يعكس حالة من التضخم في أسعار أسهمها، فكان لا بد من تصحيح أسعار هذه الاسهم لتعكس القيمة الحقيقية لها . ان أداء الشركات الكبرى المدرجة في مؤشرات الأسهم يؤثر مباشرة على قيمة المؤشر وأي أخبار سلبية عن أداء الشركات يمكن أن تؤدي إلى هبوط المؤشر.
- العرض والطلب على العملات الرقمية : تعتبر العملات الرقمية من الاصول الخطرة، وفي حالات عدم الامان والإستقرار فمن الطبيعي الهروب من هذه الاصول وهذا ما حصل.
هذه العوامل مضافا اليها أسعار الفوائد المرتفعة اليوم في العالم، والتي لا تساعد على كبح جماح التضخم بشكل صحيح اليوم، بل تقويه نتيجة لكلفة الاقتراض المرتفعة ، هذه العوامل كلها ساعدت اليوم وربما ستساعد غدا على المضي في التراجع ما لم يتم معالجتها بشكل جذري وحقيقي .