على امتداد عقود من الزمن فرضت الولايات المتحدة الاميركية استعمارها على دول اميركا الاتينية " الجنوبية " معتبرة دولها حديقة خلفية لنفوذها .
للهيمنة على هذه الدول نظمت واشنطن عمليات الاغتيالات و الفوضى والانقلابات العسكرية ، و نصبت دكتاتوريات و رعت الاستبداد والاستغلال .
انتفض الشعب في كوبا ضد الاستعمار الاميركي و الدكتاتور باتيستا وانتصرت ثورة كوبا بقيادة كاسترو . وانتقلت الثورة و افكارها بقيادة تشي غيفارا الى معظم دول اميركا اللاتينية فتحركت شعوبها مستلهمة افكار سيمون بوليفار .
تبنت الاحزاب اليسارية و البوليفارية الانتقال الديموقرطي من اجل التغيير ووصلت الي السلطة في عدد من دول المنطقة .
في مواجهة الاحزاب اليسارية و الحركات البوليفارية جددت الادارة الاميركية الضغوط و التدخل و الانقلابات، فنظمت انقلابآ عسكريا في تشيلي و اغتالت رئيس الجمهورية سلفادور اليندي و نصبت الديكتاتور العسكري بينوشه .
بعد اكثر من عقدين من الزمن و مع انتخاب شافيز رئيسا لفنزويلا وضعت الادارة الاميركية الخطط السياسية و الاقتصادية و العسكرية لمواجهة وصول شافيز الي السلطة ، نفذت انقلابآ عسكريآ ضده و اعتقلته، لكن الشعب و ثورته البوليفارية اعلنوا دعمهم له . بعدها اعيد انتخاب شافيز رئيسآ للبلاد و استمرت المؤمرات ضده حتى وفاته .
بعد وفاة شافيز انتخب الشعب نيقولاس مادورو رئيسآ للجمهورية فنظمت الادارة الاميركية عبر وكالة الاستخبارات المركزية CIA الاغتيالات و نشرت الفوضى و الانقسام في فنزويلا .
منذ سنوات فرضت واشنطن حصارا علي فنزويلا و منعت الشركات الدولية من تصدير المواد الغذائية و الادوية الي فنزويلا لتجويع الشعب ودفعه للانقسام و التمرد لاسقاط الرئيس مادورو ، وارفقت واشنطن الحصار بأعمال تخريبية وفوضى لكنها لم تستطع اجباره على الاستقالة .
في تشرين الثاني عام ٢٠١٨ اعيد انتخاب مادورو للمرة الثانية و قد نال ٦٧بالمئة من الأصوات، فقررت الادارة الاميركية التخلص من الرئيس الجديد بأي وسيلة قبل ان يستلم مهامه كرئيس .
وظفت الاستخبارات الاميركية CIA الجهود و الضغوط و الوعود مع اطراف متعددة ،خاصة قيادات في المؤسسة العسكرية للقيام بأنقلاب ضد الرئيس مادورو ،لكنها لم تنجح لصلابة موقف المؤسسة ،بعدها انعطفت جهود الاستخبارات بأستخدام وسائل أخرى .
في كانون الاول عام ٢٠١٨ حاولت الاستخبارات الاميركية اغتيال مادورو بطائرة بدون طيار ففشلت .
في ٢٠/١/٢٠١٩ حاولت CIA القيام بأنقلاب عسكري بقيادة ضباط من الشرطة " وليس الجيش " ،بعد ان يأست من محاولاتها مع المؤسسة العسكرية و فشلت المحاولة و اعتقلت عناصر الانقلاب .
امس الاربعاء في ٢٣/١/٢٠١٩ اعلن رئيس الجمعية الوطنية خوان جويدو نفسه رئيسا مؤقتآ للبلاد في محاولة للاستيلاء على السلطة . بعد دقائق سارع الرئيس الاميركي ترامب للاعتراف بمغتصب السلطة داعيا الجيش و الشرطة الى الاطاحة بالرئيس مادورو مهددا بالتدخل العسكري في فنزويلا . ردت موسكو ان التدخل له تداعيات خطيرة و تحذر واشنطن من التدخل في فنزويلا لاننا سنحميها .
في مواجهة اغتصاب جوان جويدو السلطة ضد الرئيس الشرعي زحفت الجماهير الشعبية ،واعتصمت في ساحات وشوارع كاركاس و المدن الفنزويلية دفاعا عن الرئيس مادورو و الشرعية .
الحصار على فنزويلا و تجويع الشعب وعمليات الاغتيال ومحاولة اغتصاب السلطة ،الهدف منها اسقاط الرئيس مادورو المعادي للامبريالية الاميركية ،والداعم للقضايا المحقة و العادلة و في طليعتها فلسطين ونضال شعبها ضد الكيان الصهيوني .