الاحتياط بين حلين.. احلاهما مر
بقلم العميد ر.م.جورج جاسر
اطلق الحاكم بأمر المال انذارا منذ ثلاثة اشهر ،ان السلع الاساسية المدعومة من الدولة لم يعد بامكان مصرف لبنان ان يدعمها لان الاموال التي يملكها من العملة الصعبة وصلت الى الاحتياط الالزامي نظرا لشح الدولار والصعوبات الاقتصادية وخروج العملات الصعبة من لبنان ،بسبب عدم اقرار الحكومة لما يعرف بال CAPITAL CONTROL واستمرار نزف الخزينة لهذه العملة على مدار الايام والاسابيع الماضية .
-يعرف مصرف لبنان ان المس بهذا الاحتياط هو مس باموال المودعين ،الذي لم يتبق لهم سوى ١٧مليار دولار من مجمل الودائع اللبنانية والاجنبية والتي تمثل ١٥٪ المتوجب على مصرف لبنان الحفاظ عليه ،كحق مكتسب لشريحة كبيرة من الشعب اللبناني والتي تتجاوز نسبته من الطبقتين الفقيرة والمتوسطة وهي ٩٥٪ من تلك الودائع .
-تتخبط الدولة اللبنانية والسلطة السياسية المشلولة منذ الاعلان عن رفع الدعم هذا الى ايجاد المخارج، لكن حتى تاريخه لم تتوصل الى اتخاذ قرار لهذه الازمة المستجدة ،نظرا لانعكاس هذا الامر على الطبقات الاكثر تضررا من غلاء للاسعار وانسحابه على كل حاجيات المواطن .
-ان عجز الدولة من تأمين مصادر اخرى لدعم السلع المدعومة من خارج هذا الاحتياط جعل اللبناني امام خيارين احلاهما مر على الرغم من امكانية تأمين هذا الدعم او ترشيده وهما :
-الاول: وهو احتمال استعمال الاحتياط لدعم السلع المدعومة وفي هذه الحال
ستتناقص اموال المودعين ونقص تلبية المودعين للحصول على اموالهم من قبل المصارف وهي اصلا وضعت قيود في السحوبات واجراءات تعسفية على اصحابها ،، مما يؤدي الى نقمة المودعين على المصارف والتي بدأ تحركهم بالامس ،بسبب فقدانهم لاموالهم وجنى عمرهم ،بحيث سيكبر هذا التحرك ويؤدي الى الاعتداء على المصارف واصحابها وممتلكاتهم ويستمر هذا الوضع ،حتى يقدر الله امرا جديدا وايجاد مصادر للدعم ،واذا وجد، سيكون من جيب المواطن المغتصب من دولته وليس امام هذا الاخير سوى النزول الى الشارع او المزيد من الهجرة ،او اضطراب الامن الاجتماعي وبعدها الامني.
-والثاني: عدم لجوء الدو لة الى استعمال الاحتياط ،الامر الذي سيجعل الاسعار تزداد بشكل جنوني ويعجل من انهيار منظومة الامن الاحتماعي وبعدها اضطراب أمني، لانه لايمكن ان تمنع جائعا اذا كان رب عائلة من ان يفعل المستحيل لتأمين قوت اطفاله وبأي وسيلة متاحة .
اذن نحن في ظل الحالتين المواطن اللبناني يلحس المبرد ، بسبب نضوب الدولار وضغوط المجتمع الدولي، وعدم قدرة الدولة اللبنانية بالتزام تعهداتها الاصلاحية ،والتزاماتها من الديون المستحقة القريبة ،سيضعان لبنان على مفترق طرق اما انهيار للدولة اللبنانية وتحللها ونحن نعيش فصول هذا الانهيار بين يوم وآخر، واما اعتبار لبنان دولة فاشلة ووضع اليد عليه من قبل المجتمع الدولي نظرا لعجز الدولة وعدم قدرتها على الايفاء باي من التزاماتها الصحية ،والبيئية ، والاجتماعية، والمالية المتوجبة ، وعدم تأليف حكومة لادارة تلك الازمات ،بحيث يصبح لبنان يشكل عبئا على المجتمع الدولي ،مما سيعجل من الاسراع بايجاد تسوية سياسية للبنان والتي ستؤدي الى انشاء لبنان جديد والسؤال هل سيكون لبنان الجديد دولة ام دويلات؟.
جورج جاسر ع.ر.م