تجمع الأوساط المالية اللبنانية والدولية بأن لبنان قادر على التعافي اقتصاديا إذا ما قررت السلطة السياسية ذلك وحزمت أمر الإجراءات الإصلاحية البديهية، ووضعت خطة لمسار إصلاحي بات شرطا حاسما لتقدم لبنان واعادة دوره الاقتصادي والصرفي في المنطقة، بعد أن تكون القوى السياسية قد بلورت الهوية الإقتصادية الجديدة للنظام اللبناني بعد أن تهاوت هويته السابقة بفعل التطورات الموضوعية.
الخطط جاهزة والنقاش المستفيض الذي أجرته حكومة الرئيس حسان دياب أنتج خطة عمل متقدمة، وينتظر ولادة الحكومة الميقاتية الثالثة للبدء في التنفيذ.
ومن هذه الخلاصات ما انتهت اليه “المجموعة الاستشارية” لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار الخاصة بلبنان، إلى اقتراح حزمة من الإصلاحات الأساسية التي تتطلب اتخاذ إجراءات من جانب الحكومة بمساهمة من منظمات المجتمع المدني وتمويل ومساعدة تقنية من المجتمع الدولي. مؤكدة وجوب تشكيل حكومة دون أي تأخير للتنفيذ، إذ “من شأن عدم تحمل هذه المسؤولية أن يعمّق الأزمات وأن يؤدي إلى تبعات اجتماعية وأمنية خطيرة” نظراً للتدهور السريع في الوضع الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
وفي تزامن لافت مع انطلاق تأليف الحكومة الجديدة برئاسة نجيب ميقاتي، وضعت المجموعة، والتي يتشارك برئاستها الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة مع الحكومة اللبنانية والمجتمع المدني، ما يمكن وصفها بخريطة طريق إنقاذية متكاملة من 8 بنود، يتقدمها كأولوية إصلاحية أساسية بند الإصلاح الاقتصادي الكلّي والضريبي سواء من حيث الأهمية أو لجهة اللزوم لتخفيف حدة الأزمات. وهو يشمل توحيد سعر الصرف، والخروج المنظّم من خطط الدعم، وإقرار قانون مراقبة رأس المال (كابيتال كونترول) الذي يضمن معاملة المودعين على قدم المساواة، والتدقيق الجنائي في البنك المركزي، وإصلاح القطاع المصرفي.
الحوارنيوز تنشر التقرير الرسمي لإجتماع “المجموعة الاستشارية” كما حصلت عليه من مصادر الأمم المتحدة:
عقدت المجموعة الاستشارية لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار اجتماعها الثاني في 27 تموز 2021 بشكل مختلط، وتشارك في الرئاسة كل من الحكومة اللبنانية، والمجتمع المدني اللبناني، والاتحاد الأوروبي، والأمم المتحدة.
أحيت المجموعة الاستشارية ذكرى 207 ضحية وآلاف الجرحى الذين سقطوا في انفجار 4 آب من العام الماضي والذي دمر العديد من الأرواح وهدم المنازل والشركات. وقد أبرزت شهادة أدلى بها أحد ضحايا الانفجار مدى المأساة الإنسانية.
يزداد الوضع في لبنان سوءً يوماً بعد يوم وتزداد الأزمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية عمقاً. وبات يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر الوطني، والبطالة آخذة في الارتفاع، وتواجه نسبة متزايدة من الأسر صعوبة في الحصول على الخدمات الأساسية مثل الغذاء والرعاية الصحية. يجب تشكيل حكومة دون أي تأخير لتنفيذ الإصلاحات اللازمة. عندها فقط يمكن للمساعدة التي يقدمها المجتمع الدولي، بما في ذلك ضمن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، أن تحدث فرقاً في حياة الناس. ومن شأن عدم تحمل هذه المسؤولية أن يعمق الأزمات وأن يؤدي إلى تبعات اجتماعية وأمنية خطيرة.
إن التقدم المحرز على صعيد تنفيذ الإصلاحات ضمن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار بطيئ. لقد شعر المجتمع الدولي بانعدام المسؤولية السياسية تجاه كسر الجمود، لا سيما بالنظر إلى حالة الطوارئ التي يمر بها لبنان. ودعت منظمات المجتمع المدني إلى إجراء نقاش عام وحوار شامل بشأن السياسات مع الحكومة والتزمت بتقديم مقترحات ملموسة إلى الوزراء على طاولة إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار.
كما التزم الفريق الفني لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار خلال اجتماع المجموعة الاستشارية الأول، عرض وضع تنفيذ الأولويات المتفق عليها لأركان إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار الأربعة، وهي تحسين الحوكمة والمساءلة؛ الوظائف والفرص الاقتصادية; الحماية الاجتماعية والإدماج والثقافة، وتحسين الخدمات والبنى التحتية. وقد تم تزويد 000 80 شخص مهمشين بتحويلات نقدية طارئة. كما استفاد حوالي 000 200 شخص من المرافق الصحية المجددة والمعدات الطبية الطارئة. وتم إصلاح ما مجموعه 94 مدرسة عامة و41 مدرسة خاصة. كما تلقى نحو 3500 من ضحايا الانفجار المساعدة القانونية. لكن يُبرز التأخير في بعض الأنشطة الرئيسية في إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، الحاجة إلى مزيد من الاستجابة من قبل الحكومة والبرلمان؛ ولا سيما في ما يتعلق بسعر الصرف المعتمد ضمن البرامج الإنمائية، ومشروع شبكة الأمان الاجتماعي ، وتنفيذ البرامج ذات الأولوية ضمن صندوق الإتمان المخصص للبنان، وإخلاء موقع المرفأ من الأنقاض وإصلاح المرفأ، ومعالجة الانهيار على صعيد توفير الخدمات بدءً من قطاع الكهرباء. كل ثانية ثمينة.
كما تم اطلاع المجموعة الاستشارية على تشكيل هيئة الرقابة المستقلة، التي دخلت حيز التنفيذ منذ حزيران 2021، والتي حضر أعضاؤها اجتماع المجموعة الاستشارية بصفة المراقب. وأثنت المجموعة على عمل المجتمع المدني اللبناني الميداني والتزامه إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار، الذي بات يمثل 100 منظمة من منظمات المجتمع المدني والشركات. وشددت منظمات المجتمع المدني على أن أسس التنسيق وجمع البيانات غالباً ما تكون معقدة للغاية بحيث لا تستطيع منظمات المجتمع المدني المشاركة فيها بصورة بناءة.
اتفق أعضاء المجموعة الاستشارية على أن يكون هذا الاجتماع دعوة للعمل. وسيُعقد اجتماع في نهاية شهر آب للمزيد من النقاش حول نقاط العمل التالية قبل انعقاد اجتماع المجموعة الاستشارية المقبل في تشرين الأول.
هذه الإصلاحات الأساسية التي تتطلب اتخاذ إجراءات من جانب الحكومة بمساهمة من منظمات المجتمع المدني وتمويل ومساعدة تقنية من المجتمع الدولي:
كرر المجتمع الدولي دعوته إلى العدالة والمساءلة من خلال إجراء تحقيق شفاف في أسباب الانفجار؛
اعتُبر الإصلاح الاقتصادي الكلي-الضريبي أهم الإصلاحات الأساسية اللازمة لتخفيف حدة الأزمات. أما العناصر الأساسية فهي: توحيد سعر الصرف؛ الخروج المنظم من خطط الدعم؛ قانون مراقبة رأس المال الذي يضمن معاملة المودعين على قدم المساواة؛ والتدقيق الجنائي للبنك المركزي؛ وإصلاح القطاع المصرفي.
تعظيم الفوائد المحتملة من حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي والمستحقة في أيلول من خلال مزيج مناسب من التدابير الاستهلاكية والمنهجية والاستثمارية، يتم اعتمادها بالاستناد إلى مناقشة عامة شاملة حول استخدام حقوق السحب الخاصة.
ينبغي إقرار موازنة لعام 2021، والأهم من ذلك، يجب إعداد موازنة لعام 2022، بما في ذلك برنامج حماية اجتماعية متين، وتنفيذ برنامج شبكة الأمان الاجتماعي والبرنامج الوطني لدعم الأسر الأكثر فقراً؛
ينبغي إقرار قانون استقلالية القضاء مع إعادة إرساء المبادئ التي تضمن الاستقلالية، دون مزيد من البنود التي تخالف ذلك؛
يجب توظيف طاقم المؤسسة الوطنية لمكافحة الفساد وتمويلها؛
يجب إقرار التشريعات المنبثقة عن قانون المناقصات العامة وإجراء مناقصات شركة كهرباء لبنان في إطار هذا القانون؛
إنشاء لجنة إشراف على الانتخابات وتوظيف طاقمها وتمويلها للإشراف على الامتثال لحدود الإنفاق على الحملات الانتخابية والوصول المتساوي إلى وسائل الإعلام.
ستشارك منظمات المجتمع المدني مع الحكومة والشركاء الدوليين في الإصلاحات الثمانية المذكورة أعلاه، كما في إعداد استراتيجية حضرية لإعادة الإعمار ودعم المعوقين والمسنين، بالإضافة إلى أنشطتها الأخرى ضمن إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار. وسوف تيسر أمانة صندوق الإطار هذا التعاون. كما طلبت منظمات المجتمع المدني الحصول على المزيد من التحديثات بوتيرة متكررة من الفريق التقني. وستقدم منظمات المجتمع المدني تجربتها لجهة الشمولية في إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار خلال اجتماع المجموعة الاستشارية التالي.
ينبغي توسيع قاعدة المانحين، أيضاً بالنسبة للصندوق الائتماني المخصص للبنان، وخاصة لتشمل الشركاء العرب.
يجب اتخاذ ثلاثة إجراءات حاسمة في مرفأ بيروت لتسهيل عملية إخلاء الموقع من الأنقاض وإدارة النفايات داخل المرفأ وخارجه، وهي: تفعيل اللجنة الوزارية للإشراف على إدارة النفايات الناتجة عن الانفجار؛ تسهيل الوصول إلى المرفأ لتقييم وضع الموقع وتحديد التدخلات الناتجة؛ وتخصيص موقع مناسب للتخلص من الأنقاض غير القابلة لإعادة التدوير والنفايات المختلطة الأخرى.
وينبغي تعزيز آلية تنسيق المساعدات، بما يكفل رصدها بشكل واضح وتعقبها على نحو شفاف مع مراعاة الصلة بين الناحية الإنسانية والإنمائية. وقد طلبت منظمات المجتمع المدني إشراكها في التنفيذ على مستوى القطاعات.
أشادت المجموعة الاستشارية بجهود الجيش في جمع البيانات من المنطقة المتضررة. وشجعت على المزيد من التنسيق مع منظمات المجتمع المدني لتحديث البيانات وتجنب الازدواجية. وقد طلبت منظمات المجتمع المدني العمل مع الفريق الفني لإطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار والتفتيش المركزي لتحويل منصة IMPACT لتكون أكثر شمولاً للمواطنين ومنظمات المجتمع المدني مع الإشراف من قبل الشركاء الدوليين، ولحماية بيانات المستفيدين.