الإعتراف بالدولة الفلسطينية : “شيك بلا رصيد” ! (واصف عواضة)

كتب واصف عواضة – خاص الحوارنيوز
أعلنت بريطانيا وكندا وأوستراليا والبرتغال الإعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. وينتظر أن تشهد نيويورك اليوم الإثنين إجتماعا حاشدا على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة، يتوقع أن تعلن فيه 142 دولة الإعتراف بالدولة الفلسطينية.
الخطوة بالطبع جيدة ومرحب بها ،لكنها جاءت متأخرة جدا ،ويمكن إعتبارها فولوكلورية ،لأنها بصريح العبارة “شيك بلا رصيد “، إذ لم يبق من الضفة الغربية وقطاع غزة ما يمكن البناء عليه لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.
كان من الممكن مناقشة هذا الموضوع قبل سنوات طويلة وقبل “طوفان الأقصى” وحرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة والضفة الغربية ،لكن الواقع اليوم يؤكد أن الدولة الفلسطينية صارت حلما بعيد المنال للأسباب الآتية :
أولا: إن إسرائيل حسمت أمرها بما لا يرقى إليه شك ،بحكومتها ومعارضتها ،أن دولة مستقلة للفلسطينيين أصبحت من الماضي ،وهي تستعد لإعلان ضم الضفة الغربية كما ضمت الجولان من قبل ،في حين تعمل على إلغاء قطاع غزة من الوجود عبر حرب الإبادة وتهجير الفلسطينيين .ولولا أن مصر ما زالت تعاند إستقبال الغزّيين في سيناء، ومقاومة من تبقى من المجاهدين الفلسطينيين، لأمكن القول إن غزة صارت أرضا إسرائيلية خالصة.
ثانيا : بحسب الواقع باتت المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية غالبة على إرادة أهلها . ووفقا للتقارير والإحصاءات يستوطن في الضفة حتى الآن ما بين 800 ألف ومليون إسرائيلي ،بما يعادل نصف سكان الضفة من الفلسطينيين . فكيف تستقيم دولة فلسطينية في ظل هذا الواقع؟ وهل يحلم عاقل بإجلاء المستوطنين عن الضفة،أو تحييدهم في مستوطناتهم التي حوّلت الضفة إلى بؤر متناثرة ؟
ثالثا: إن الدول التي اعترفت وستعترف بالدولة الفلسطينية ،والتي توازي ثلاثة أرباع دول العالم ،لا تعادل كلمة يطلقها الرئيس الأميركي الحالي ،ولا أي رئيس أميركي سيأتي لاحقا .وليس سرا أن الولايات المتحدة الأميركية ليست في وارد الضغط على إسرائيل ما دامت تشكل الفزّاعة التي تحكم المنطقة وتمنع خروج دولها عن الإرادة الأميركية.
رابعا: إن الدول العربية والإسلامية الفاعلة محدودة القدرة في الضغط على إسرائيل ،ولا على الولايات المتحدة ،لتحقيق هذا الهدف ،ومهما هددت برفض التطبيع فإن إسرائيل لن تخسر بعد اليوم أي ذرة من “أمنها القومي” في سبيل نسج علاقات مع أنظمة عربية ثبت أن شعوبها ليست مهيأة لذلك.
خامسا : والسؤال المؤسف ،أي دولة فلسطينية ستقوم في ظل الواقع الفلسطيني المشتت والمفتت سياسيا ؟ وهل نجحت السلطة الفلسطينية وخصومها في توحيد الصف الفلسطيني ،للرهان على إدارة دولة منطقية عندما كانت الظروف مؤاتية لذلك؟..صحيح أن إسرائيل لم تدّخر جهدا في تفتيت الصف الفلسطيني وتأكيد رفضها لفكرة الدولة الفلسطينية ،لكن القوى الفلسطينية نفسها لم تدّخر جهدا في تأكيد الخلافات في ما بينها ،فحكمت الشارع الفلسطيني سلطتان متناحرتان : دولة في الضفة ودولة في قطاع غزة.
ويبقى السؤال:ما هو الأفق لمستقبل 14 مليون فلسطيني في الأراضي المحتلة والشتات؟
لا يمكن الإجابة على هذا السؤال بصراحة خشية الوقوع في الأوهام والزلل. لكن الأرجح أن على الفلسطينيين أن ينتظروا جيلا جديدا عايش أطفاله وفتيانه المجازر والمعاناة التي لحقت بهم وبأهلهم ومقاومتهم في غزة والضفة الغربية. جيل يبدأ من الصفر لإعادة إحياء القضية الفلسطينية بشتى أنواع الجهاد والمقاومة المستفيدة على أخطاء الماضي !
قبل ذلك قد تحدث معجزة مع أن زمن المعجزات قد ولّى..فلننتظر ونر !!


