الأمن بالتراضي والعودة إلى زمن الدويلات.
حكمت عبيد
لا امن يالتراضي.
أبعد من شعار، انه مبدا تقوم عليه الدول وقاعدة لكل استقرار داخلي.
وبموازاته تماما، يقوم مبدأ آخر هو استقلالية السلطة القضائية، فمن دون الوثوق بالقضاء، تسقط أعمدة الهيكل بفعل الغبن والفساد وتغطية المجرم الفعلي…
المؤسف أن لبنان، بعد نحو عشرين عاما على اتفاق الطائف الذي وضع الأسس الدستورية لبناء الدولة المركزية ومؤسساتها الدستورية وإداراتها، ها هو يسقط في الإمتحان الأكبر.
لقد تعاملت الأجهزة الأمنية ، بتوجيه من الزعماء السياسين بخجل وخفة مع حادثة بشامون.
حادثة خطيرة ببعديها السياسي والأمني، وبدلا من وضع اليد القضائية بالسرعة اللازمة وتسطير استنابات قضائية بكل من ظهر في مشهد الجريمة منفذا أو محرضا، والطلب الى القوى الأمنية إحضاره دون تردد، أخذت السياسة محل القضاء، وتحول القادة الأمنيون الى رسل يستجدون موقوفا من هنا وآخر من هناك، فتحولوا الى سعاة بريد ومشايخ صلح يتنقلون بين طرفي الجريمة…
هذا تماما ما زاد من انعدام الثقة بالقضاء، إذ حلت السياسة لاعبا ثقيلا في جريمة موصوفة. ولأن السياسة والقضاء لا يأتلفان، فإن مخاوف التسييس ارتفعت وصار القضاء بمستوياته الثلاثة موضع شك في نزاهته: القضاء العدلي، المجلس العدلي والمحكمة العسكرية.
لو بادر القضاء العدلي للقيام بواجبه وبحزم منذ اللحظة الأولى لكانت القضية الآن في مكانها الصحيح وكانت القوى المعنية باتت تحت أمر الدولة القوية والحريصة على هيبتها..
لكن لا هيبة لمن تنادي!