الأمن المهزوز من بيروت الى لوبية وكفتون:من يحمي الناس من الرصاص المتفلت؟
كتب محمد هاني شقير
إنتهى جنون الرصاص منتصف ليل أمس في بلدة كفتون – شكا، بمقتل ثلاثة أشخاص برصاص كلاشنيكوف في أثناء قيامهم بمحاولة لمعرفة سبب وجود أربعة أشخاص في سيارةٍ هوندا ليسوا من أبناء المنطقة.
وكان شريط النهار سجل حصول حوالي عشرين حادث إطلاق نار لأسباب مختلفة بينها: تشييع جنازات، وخلافات فورية على أفضلية المرور، وخلافات مادية، وخلافات نسائية، ولهوّ بالسلاح إلخ.. وكان من بين المصابين في مدينة بيروت في بقعة جغرافية واحدة تقريبًا، كل من: لاعب كرة القدم محمد عطوي في محلة الكولا بالطريق الجديدة، والموظف في محلات عبد طحان في محلة بئر حسن أديب مشيك، وشخص آخر من التابعية البنغلادشية بقدمه في محلة الرملة البيضاء أخرج من المستشفى بعد تلقيه العلاج.
ففيما أصيب محمد عطوي بطلق ناري في رأسه فإن أديب مشيك أصيب بآخر في رقبته، وأدخل عطوي الى مستشفى المقاصد ومشيك الى مستشفى الزهراء للمعالجة. وبعد إجراء عمليتين جراحيتين لهما أخضعا للمراقبة المشددة وما زالا يخضعان لغاية اليوم للمراقبة في غرفتي العناية الفائقة، وبينما حالة مشيك شبه مستقرة فإن حالة عطوي ما زالت حرجة.
وتزامن ذلك مع وصول جثمان الشهيد جو بو صعب أحد عناصر فوج إطفاء بيروت الذي قضى في انفجار مرفأ بيروت الى محلة عين الرمانة، حيث أطلق بعض المشيعين النار في الهواء، وظهر في الفيديوهات التي تداولتها وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، أن وجهة اطلاق الرصاص كانت شبه منحنية ولم تكن فوهات البنادق مرفوعةً الى الأعلى بغية منع الأذى المتوقع منها.
وقد اختلف الخبراء في تحديد وتقدير مصدر إصابة محمد عطوي فيما أصدرت القوات اللبنانية بيانا نفت فيه علاقتها بالأمر.،وفي هذا السياق قال الخبير والمحلل العسكري العميد الياس حنا للحوار نيوز: بحسب معرفتي للخريطة الجغرافية لمحلتي عين الرمانة والكولا فإن المسافة المباشرة تتعدى الـ 1800 متر تقريبًا، وإذا ما نظرنا الى مدى رصاصة الكلاشنيكوف وأخذنا بعين الاعتبار ان اطلاق النار يحصل في زاوية معينة ،نكتشف حينها أن مدى الطلقة سيكون أقل وأقصر، على أن نقارن أيضًا مع زاوية سقوط المقذوف في رأس المصاب وطريقة وقوفه في المكان، لذلك أعتقد أن الإصابة مرجحة من عين الرمانة بنسبة 0.5 ،والأرجحية القصوى من مناطق قريبة لمكان تعرض محمد عطوي للإصابة.
وأضاف أن السؤال إذا كانت الطلقة آتية من عين الرمانة فإن زخمها وقوتها ستكون شبه مشلولة فكيف ستدخل الى عمق الرأس؟ وتابع حنا: بحسب الصورة الشعاعية التي رأيناها على وسائل الاعلام فإن الطلقة أقرب لأن تكون بشكل متوازٍ وليس عاموديًا.
وتمنى حنا الشفاء العاجل للاعب عطوي وأن نراه في ملاعب كرة القدم عمّا قريب.
من جهةٍ ثانية فإن أحد ضباط الحركة الوطنية سبق له ان شارك في معظم معارك الحرب الأهلية إضافة الى قيادته لعمليات في جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية، اعتبر أن مدى مقذوف الكلاشنيكوف يتعدى الـ 3000 متر، وفي تقديره أن الرصاصة التي أصيب بها عطوي ربما تكون من السلاح المختلف والمتنوع الذي استعمل في تشييع جنازة عين الرمانة.
وأضاف أن رأيه مبنيُ على المدى المحتمل لرصاصة الكلاشنيكوف، وبالتالي لربما يكون شخص آخر وفي مكان آخر اطلق رصاصًا عشوائيًا وأدى الى ما أدى من إصابات.
وكان سبق هذه الحوادث حادث أمني آخر على خلفية رفع لافتات في بلدة لوبية الجنوبية، حيث أدى الى وفاة أحد المواطنين. ويبدو أنه الحادث الوحيد الذي سلم فيه مطلقا النار نفسيهما لمخابرات الجيش.
في الخلاصة، هو مسلسل لبناني طويل، فلا يكاد يمر يومٌ واحدٌ بلا إطلاق النار على كامل الاراضي اللبنانية.فالحديث عن السلاح المتفلت يجب أن يتركز حول هذه الأنواع من التفلت ،بحيث يجري توقيف الفاعلين وسوقهم الى المحاكمة العادلة.
وفي عودة الى مرحلة سابقة فقد كانت قوى الأمن، ولفترة معينة، باشرت حملةً لتوقيف مطلقي النار والاعلان عنهم في وسائل الاعلام، لكن ما كان يفاجىء أن مدة توقيف هؤلاء لم تكن لتشكل رادعًا حقيقًا لهم، يجعل من تسول له نفسه اطلاق النار، تحت أي مسمى كان، يفكر مئة مرة قبل الإقدام على مثل هذا الفعل. فهل يُقدم القضاء على إصدار أحكام بحقهم تكون كافية لمنعهم من تكرار أفعالهم هذه، أو تكون دروسًا يعتبر منها الآخرون؟