الأقرب إلى قتلة المسيح!(أكرم بزي)
كتب أكرم بزي – الحوار نيوز
“الحق لا يؤخذ من باطل، ولا يُتقرب إلى الرحمن بشيطان، ولا حياد لصالح طاغية”(من رسالة المفتي الجعفري الممتاز سماحة الشيخ أحمد قبلان إلى الكاردينال بيترو بارولين أمين سر الفاتيكان، قبيل مقاطعة المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى للقاء دعا إليه البطريرك الراعي على شرف بارولين).
حسناً فعل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ علي الخطيب بمقاطعته هذا اللقاء، وهذا أقل ما يمكن القيام به، بعد إتهامات البطرك لأهل المقاومة ونعتهم “بالإرهاب”.
لنكن واقعيين، وغير مجانبين للحقيقة، والتي عبر عنها، بعض غلاة السياسة الإنعزالية في لبنان منذ “استقلال هذا البلد” ولغاية هذه اللحظة، يتصرفون على أن هذا البلد “بلدهم” وحدهم والباقي يجب أن يكونوا خدماً عندهم، أو “لزوم عدة العيش الكريم لهم”، ولا مانع لديهم من أن يتعاملوا مع الشيطان، (كما عبر رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميل في إحد لقاءاته الحوارية مع أكثر من محطة إعلامية، والذي أكد في إحدها أنهم تلقوا السلاح من الكيان الإسرائيلي للدفاع عن أنفسهم “وما المانع من أن يتلقى هدية رشاش عوزي صناعة صهيونية من السفاح شارون كما قال للزميل أحمد منصور في قناة الجزيرة) (فيديو مرفق).
لا تستطيع هذه الفئة أن ترى بعض اللبنانيين يدافعون عن أرضهم وكرامتهم أمام آلة القتل الصهيونية المدعومة غربياً من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا والغرب عموماً، فهم يرون أنهم الأقرب فكرياً وثقافياً واجتماعياً لدرجة التماهي معهم (مع الغرب)، بأي شكل من الأشكال، وباقي الطوائف في لبنان ما هي إلا “طوائف وجدت بحكم الضرورة”، حتى لو كان التاريخ يثبت العكس، (على قاعدة عنزة ولو طارت).
فالامتيازات، التي حصلوا عليها، من خلال مواد الدستور التي صاغته ووضعته فرنسا بالتعاون مع بعض المفكرين اللبنانيين، فقدوا جزءاً أساسياً منها، بعد “اتفاق الطائف” (وثيقة الوفاق الوطني اللبناني بين الفرقاء اللبنانيين عام 1989 التي وضعت نهاية للحرب الأهلية اللبنانية)، ومنذ ذلك الحين، لم تستطع هذه الفئة من غلاة الإنعزالية اللبنانية والتي اشتهرت على مر التاريخ اللبناني من ابتلاع أي صيغة إصلاحية تنتقص بعض “الإمتيازات”، ولا مانع لديها من إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء، حتى لو أدى ذلك إلى الحرب مرة ثانية وثالثة.
منهم من صرح علناً بأن لديه 15 ألف مقاتل تحت السلاح مستعدون للحرب، ومنهم من صرح علناً من “أن لديه 20 ألف مقاتل موجودون في بيوتهم وقسّم الجيش مرة ثانية”، وأن السنة والدروز والمسيحيين يشكلون أغلبية ضد الطائفة التي تتصدى للاعتداءات الصهيونية على لبنان كل لبنان. ومنهم من صرح علناً بأن هؤلاء الناس لا يشبهوننا، ومنهم من قال: “أنهم يختلفون عنا” وآخر: “لا نستطيع ان نعيش مع ناس بتصلي باليوم 5 مرات وبتصوم 30 يوم”… ومنهم من يريد الفيدرالية ومنهم من يريد تقسيم لبنان… الخ.
في الوقت الذي يتعرض فيه الجنوب اللبناني لاعتداءات العدو الصهيوني، ويتعرض الفلسطينيون في فلسطين المحتلة لعملية إبادة جماعية، لم نر مثيلاً لها في التاريخ، تنبري هذه الأصوات لتتماهى مع مواقف العدو الصهيوني ولتشكل له “أبواقا صاخبة” تعمل لمصلحة العدو شاءت ذلك أم أبت. والحديث عن مقال “التلغراف البريطانية” والتي تبنته وسائل إعلامية محلية وعربية مشبوهة و”طنطنت له” القوات اللبنانية، من “أن مطار بيروت الدولي يتلقى شحنات أسلحة من إيران ويحتوي مخازن لصواريخ حزب الله الباليستية”، واضعين مصلحة اللبنانيين جميعاً أمام خطر ضرب المطار، مثال صريح وواضح على مدى العمى الذي أصيبوا به.
إن ما عبر عنه سماحة المفتي الشيخ أحمد قبلان، هو تعبير عما يشعر به أكثر من نصف الشعب اللبناني بالحد الادنى من هذه الفئة الإنعزالية بأفكارها وطروحاتها البالية، والتي لا بد من الوقوف عندها لما تشكل من خطر على الوجود المسيحيي في لبنان أكثر من المسلمين. وبالتالي لا بد من المواقف الرادعة لهذه الفئة والتي لا تنفك تتكرر من فترة إلى أخرى.
عندما قالت الأخت مايا زيادة: “في الجنوب هناك تلامذة من عمركم يقولون إنهم لا يمتلكون أحلاماً غير تحرير أرضهم. اليوم سنصلي للجنوب، لأطفال الجنوب، لأهالي الجنوب، لأمهات الجنوب، ولرجال المقاومة، لأنهم رجال من لبنان، ويتعبون لحماية هذا الوطن”.
وتابعت: “نحن إذا لم نصلّي لهم، ولم نحبهم بغضّ النظر عما نفكر به، سنكون عندها خونة بحق أرضنا ووطننا وكل كتاب نقرأ فيه”. وتابعت: “نطلب من العذراء أن تحمي شبابنا ووطننا لأنه يمر بمحنة صعبة، ولا شيء سوى المحبة والتعاضد يقوينا”.
قامت الدنيا ولم تقعد عليها… فقط لأنها قالت الحقيقة ووصفت الواقع كما هو في الجنوب اللبناني، وهناك من عمل على عزلها وتأنيبها، على قاعدة أن ما تقوله لا يصب في مصلحة “المسيحيين”…
ويل لكم أيها الكتبة والفريسون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس: الحق والرحمة والايمان، كان ينبغي أن تملوا هذه ولا تتركو تلك. (مت 23:23).
سؤالي لكم هل أنتم أقرب إلى من يعيش معكم في هذه البقعة المباركة، ام أقرب الى قتلة المسيح عليه السلام …