كتبت لمى عطوي -الحوار نيوز
تعد الاسرة المؤسسة الأولى من مؤسسات التنشئة الإجتماعية وبل اهمها حيث انها تضع القيم التي ينشئ عليها الفرد طوال حياته. وطبعاً الاسرة في الإسلام تختلف في تربيتها عن باقي المجتمعات ،ولذا من اهمية هذا الموضوع، صدر كتاب جديد من مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي في بيروت بعنوان ” الأسرة في الإسلام” لكل من الدكتورة منصورة زارعان والدكتورة منيرة زارعان، وترجمه للعربية عباس جواد وامير حسين رضواني .
والمؤلفتان باحثتان ايرانيتان من من الجامعات والحوزات الدينية في ايران .
في الفصل الأول يتم عرض وتأكيد بدايةً اهمية الاسرة كأساس للمجتمعات وكيف تختلف الأسرة وتنشئة الفرد ما بين المجتمعات والثقافات المختلفة، ويركز الكتاب على ثقافتين مختلفتين هما الدينية و غير الدينية ( او الثقافة الغربية او المعاصرة).
فالأصل في الرؤية الدينية ان يكون الله ( عز وجل) محور الفكر واساس النظرة الكونية ومبدأ بيان القيم ومقابل هذا الفكر هنالك فكر قائم على ان الانسان هو محور الوجود….فإنطلاقاً من هذين المحورين كان لابد من البحث في اصل التدين. فالدين برنامج حياة وتعتمد الثقافة الدينية على ان العقل يكون الى الجانب الروحي،ومن هنا اذا تشكلت حياة الانسان والمجتمع على أساس النظام الديني سيصبح بمقدورنا الوصول الى السعادة والكمال…
في خاتمة الفصل يتم التعريف بالأسرة على انها نواة المجتمع وسلامتها مرهونة بسلامة المجتمع ولذا يجب بناؤها على اساس المفاهيم الدينية التي تهتم بسعادة البشرية في الدنيا والاخرة.
الفصل الثاني بعنوان ” الأسرة ومسار تحولها” في هذا الفصل يعطى تعريف عام للأسرة وعلى انها واحدة من المؤسسات الاجتماعية ويتم تحديد اركانها من الاب، الأم والاولاد وكيف ان لكل فرد منهم حقوق وواجبات. يتم التطرق الى نظام الاسرة حسب المنظار الإسلامي. بعدها يتم عرض الفرق بين الاسرة في النظام الإسلامي اي الديني والاسرة في النظام غير الديني من خلال النقاط التالية: الاهتمام بمبدأ الوجود، النظرة النظامية للأسرة، ثم يتم الإضاءة على اهمية الزواج والاسرة في الإسلام حيث ينظر الإسلام الى الاسرة كمكون مقدس ولطالما تم التأكيد على اهمية تأسيسها وحيث هنا يتم التطرق ايضاً كيف كانت الاسر قبل وجود الإسلام حتى يتم الحديث عن الاسرة في الغرب حيث ان اساس الاسرة في الغرب بدأ يضعف وكان لذلك العديد من النتائج السلبية. في الاخير يتم عرض ابعاد الاسرة حيث تنقسم بين اسرة كبيرة ونواة وكيف يتم اختيار الشريك في الاسر الكبيرة وبعدها يذكر انواع السلطة والصلاحية داخل الاسرة فهنالك الاسرة ذات السلطة الابوية، الامومية و المتساوية واخيراً تنقسم الاسرة من حيث الاصل والنسب الى الاسرة الابوية والاسرة الامومية وإما يكون مقر الاسرة في بيت ابي الزوج، بيت ابي الزوجة او بيت جديد.
في الفصل الثالث، تطرقت الكاتبتان الى اركان الاسرة ومكانتها حيث يتطرق هذا الفصل الى حقوق الرجل والمرأة ومسؤوليتهما. بعد ذلك يستعرض انماط العلاقة بين الوالدين والابناء من خلال الوظائف والمسؤوليات المتبادلة….لفهم هذا الموضوع بشكل افضل يتم اولاً التعريف بالحقوق وما اصل العدل….
يتميز هذا الفصل بمعلومات كثيرة مع براهين لها للتكلم عن الاسرة ودور كل فرد فيها وخاصةً هنا التكلم عن الاسرة في العالم الإسلامي وهذه المعلومات من المفيد معرفتها من قبل الاسر المسلمة وايضا الغير مسلمة لمعرفة كيفية تنظيم امور الاسرة في الإسلام.
في الفصل الرابع يتم الإنطلاق للكلام عن وظائف الاسرة في الإسلام، اي ما الهدف من تكوين الاسرة ولماذا التشجيع على الزواج وبناء العائلات. ولقد تم تحديد عدة وظائف للأسرة منها: ارضاء الغريزة الجنسية، التكاثر واستمرار النسل، الانسجام مع المجتمع وجعل الابناء اجتماعيين، إرضاء الحاجات العاطفية، الحماية والمراقبة، تعزيز مكانة الفرد الاجتماعية، تلبية الحاجات الاقتصادية، النظام الاجتماعي السليم. كما يتم الاشارة بأن القرآن جعل الهدف الاساسي للزواج هو المودة، الرحمة والسكينة.
الفصل الخامس عن الزواج واختيار الشريك وهو فصل مهم من ناحية معرفة الفرد كيف يختار الشخص المناسب ليبني اسرة معه.
وفي هذا الفصل يتم التكلم عن فلسفة الزواج وتشكيل الاسرة في الإسلام، فيتم توضيح نقاط مثل اصل النظرة الايمانية الى الحياة، أصل التراضي، اصل المودة والرحمة، أشكال المحبة والمودة، تأثير المودة والرحمة في الأسرة، سبل المحافظة على المودة…..الى ان يتم الوصول الى الكلام على معايير اختيار الشريك ودور الاخلاق والحقوق في الحياة.
النقطة الاهم في هذا الفصل هي السبل الاخلاقية لتفادي الخلافات في الأسرة ومنها الاحترام المتبادل، المشورة، الصدق، مبدأ التعاون والتآخي، الإيثار والتضحية، السيطرة على الغضب والانفعال….
ان هذا الفصل مهم جداً للإطلاع عليه بشكل خاص من قبل المقبلين على الزواج و يريدون تكوين أسرة فالإرشادات الموضوعة مهمة ودقيقة جداً وهي نابعة من المبادئ الاخلاقية التي أكد عليها الدين الاسلامي.
الفصل السادس يتكلم عن التحديات التي تواجه الأسرة، فالاسرة وخاصة في عصرنا هذا تواجه الكثير من المشاكل والتحديات والمعضلات ويعتبر الطلاق من اكثر ما قد يحطم الاسر وبل المجتمع بأسره.
فيعرض في هذا الفصل انواع فسخ النكاح، العوامل المسببة للطلاق، اضرار الطلاق واثاره السلبية، الاخلاق في الطلاق وما السبل التي بواسطتها يمكن تقليل حالات الطلاق. اضافة الى ذلك يتحدث هذا الفصل عن العنف داخل الاسرة وخطورته وعن مشكلة الاسر وحيدة الوالد.
في الخاتمة، تشدد الكاتبتان على اهمية الاسرة كمؤسسة لبناء الاجيال والفرق بين الاسرة في الاسلام وفي غير النظام الإسلامي، وكيف ان النظام الاسلامي وضع قواعد للأسرة من اجل تنشئة الابناء كما يجب ومن اجل استمرارية هذه الاسرة.
ان اهمية هذا الكتاب تكمن في أنه يقدم معلومات كثيرة، دقيقة وقيمة عن الاسرة وكل ما يتعلق بها في العالم الاسلامي وهذا الكتاب مهم جدا اليوم في ظل النقاش والحوار حول دور الاسرة والسعي لفرض قيم جديدة في العالم وللاجابة عن اي سؤال يخطر على ذهننا عن وضع الاسرة اليوم وكيف يمكننا الحفاظ عليها وهذا ما يمكن ان نجده في هذا الكتاب وهنالك شرح مفصل لكل نقطة مذكورة فيه وكما ان قراءته سهلة وممتعة وايضاً يساهم على التشجيع على التربية الاسلامية ويظهر اهمية هذه التربية لبناء المجتمعات وتطورها.
