الأسباب العملية والدستورية لإقرار الموازنة بمشروع حكومي لا باقتراح قانون (حكمت مصلح)
حكمت علي مصلح* – الحوار نيوز
لقد أثير في أثناء مناقشة الموازنة العامة مسألة تحويلها الى المجلس بمشروع قانون، وحجة القائلين بذلك أن المجلس في ظل فراغ رئاسة الجمهورية ليس له أن يشرع ،واقترحوا كبديل إقراره باقتراح قانون.
في مثل هذا الكلام نقول:
أولا : في الواقع العملي :
1 – ان الوزرات على اختلافها تكون على تواصل مع الناس وحاجاتهم وهي التي تعلم علم اليقين مدى الحاجات الحياتية لهم .
2 – الوزارات والمؤسسات العامة هي الأقدر على تقدير نفقاتها والآليات التي تسمح بها نظمها لجباية الواردات .
3 – الادارات والمؤسسات العامة على اطلاع واسع على مدى قدرة كل ادارة ومؤسسة لزيادة الجباية فيها.
4 – امتلاك المؤسسات والادارات العامة العنصر البشري الخبير في تقدير الواردات والنفقات وتحديدها بصورة تقريبية شبه دقيقة .
5 – امتلاك المؤسسات والادارات العامة البيانات الرسمية عن كل انفاق سابق أو حالي يتوجب الحصول عليه عند اقرار أي موازنة .
لذلك كله حصر عمل اعداد الموازنة العامة بالحكومات لا بالمجالس النيابية ،كذلك في لبنان وفي كل النظم الديمقراطية المعاصرة .
ثانيا : في القانون والدستور اللبنانيين :
أ – في قانون المحاسبة العمومية :عرف قانون المحاسبة العمومية الموازنة العامة في المادة الثالثة منه انها (صك تشريعي تقدر فيه نفقات الدولة ووارداتها عن سنة مقبلة وتجاز بموجبها الجباية والانفاق ) .وبموجب هذا التعريف توهم البعض أن الصك التشريعي يفرض اقتراح قانون للموازنة ، لكن الدستور اللبناني ذهب الى مكان آخر .
ب – في الدستور : نصت المادة 83 ( كل سنة في بدء عقد تشرين أول تقدم الحكومة لمجلس النواب موازنة شاملة، نفقات الدولة ودخلها عن السنة القادمة ويقترع على الموازنة بندا بندا ).
من هنا نصل الى الجهة التي أناط بها الدستور حق تقديم الموازنة الى المجلس النيابي حيث يبدو جليا حق الحكومة دون سواها أن تقوم باعداد مشروع الموازنة العامة ، وأن تحيله بموجب اقتراح قانون .
ونختم بالقول وفقا للقواعد العملية والأسباب الدستورية السابقة الذكر،لا يحق للنواب اقتراح قانون يتضمن الموازنة العامة للبلاد، بل الأخيرة تصدر عن الحكومة بموجب مشروع قانون يعد في وزارة المالية بناء على مراسلات الوزارات واحالاتهم حول حاجات وواردات المؤسسات والادارات العامة .
*استاذ جامعي وباحث في القانون الدستوري