الأبعاد السياسية لصواريخ غزة(جواد الهنداوي)
د. جواد الهنداوي* -الحوارنيوز خاص
من ناحية جغرافية هي صواريخ غزّة، لكن، من ناحية سياسية وعقائدية هي صواريخ محور المقاومة.
هي صواريخ القسّام وحماس والجهاد الاسلامي والجبهة الشعبية وكل الفصائل الفلسطينية المقاومة، وهي، في ذات الوقت، صواريخ الشهيد سليماني والشهيد عماد مغنيّة، وصواريخ حزب الله وصواريخ فيلق القدس.
هي صواريخ حركات و فصائل مقاومة وليست صواريخ دول عربية. صواريخ بعض العرب واسلحتهم توجّه صوب اليمن وتُسّلمْ لداعش وللجولاني وللنصرة ولفرق الاغتيال.
صواريخ غزّة؛ قوتها التدميرية ليس ببارودها وبما تتركه من اضرار مادية، وانما برسائلها وبما تحققهُ من اضرار معنوية تمسُّ هيبة و مكانة وغطرسة وصلافة الكيان الصهيوني الغاصب، وعملائه و مؤيديه.
معركة رمضان جعلت من غزّة ألمحاصرة ندّاً لاسرائيل، بجرأتها وبمقاومتها و بأرادتها.
أرستْ هذه المعركة قواعد اشتباك جديدة مفادها: تقصفون غزة بالطائرات نرّدُ عليكم بالصواريخ ، تقصفون الابراج نقصف تل ابيب والمطارات ومحطات الوقود.
بعد هذه المعركة، امريكا واسرائيل وحلفاؤهما في المنطقة سيعيدون حساباتهم ومخططاتهم تجاه قدرات فصائل المقاومة، ليس فقط في غزة وفلسطين ، وانما في المنطقة ( في سوريا وفي العراق وفي لبنان وفي اليمن ).
اليوم ،ادرك هؤلاء ( امريكا ،اسرائيل، وحلفاؤهم ) ، واكثر من ايّ وقت مضى، بأن مصالحهم غير المشروعة ( الاحتلال، انتهاك سيادة الدول، توظيف الارهاب، سرقة موارد الشعوب في سوريا وفي اليمن، فرض الحصار والعقوبات غير المشروعة ) مُهددّة بسلاح وبإرادة فصائل المقاومة في المنطقة. لذلك همْ سعوا ويسعون الى استئصال المقاومة فكراً و سلاحاً ، و تشويه صورتها ومكانتها ووصفها بالارهاب، لأنَّ من وقفَ ويقفْ بوجههم ليس جيوش الدول او قادتها، وانما مقاومة الشعوب. وهذا ما يجيب على السؤال ،لماذا وصفوا حزب الله ، وحماس والجهاد الاسلامي، بالارهاب!
وهذا ما يفسّرُ ايضاً محاربتهم للحشد الشعبي وسعيهم لحلهِ والغائهِ!
الامبريالية والصهيونية والرجعية يحصدون الآن ما زرعوه في المنطقة من أحتلال وحروب و حصار و ارهاب وقتل في فلسطين وفي العراق وفي لبنان وفي سوريا وفي اليمن، وفي عموم المنطقة والعالم الاسلامي ، ونشروا العنف والسلاح و تمادوا في العنف، وأضعفوا الدول و دّمروا مقوماتها، وقلبوا الحقائق واسرفوا في استباحة القوانين الدولية وسيادة الدول وحقوق الشعوب.
تكلّموا ويتكلمون كثيراً عن حقوق الانسان ، ولكن لا يتكلمون عن حقوق الشعوب، بل يمارسون قمع الشعوب. الآن اصبح السلاح وتصنيعه مُتاحاً، وفي متناول الشعوب وحركات المقاومة ويُوظفْ بالاتجاه الصحيح ضّدَ الارهاب و ضّدَ الاحتلال و كقوة ردع.
الامبريالية والصهيونية والرجعية؛ هذا الثالوث، لا يخشى دولنا و انظمتها، لأنَّ بعضها لم تستطعْ التحرر من قبضته واملاءاته ، و مُكّبلة سياسياً واقتصادياً و نقدياً بقيوده. هذا الثالوث لا يخشى سلاح دولنا، يعلمُ جيداً وجهة السلاح ؛ إمّا للتخزين وإمّا لقمع الشعوب وإمّا للاقتتال فيما بينهم او لشّن حرب على مَنْ هو ضعيفهم.
اتفاقيات السلام واتفاقيات التطبيع مع اسرائيل و تفوقها العسكري لن يكفلوا لها السلام، ومعركة رمضان و صواريخ غزّة اليوم دلائل على ذلك.
تواجه اسرائيل اليوم تداعيات سياسية استراتيجية ، يُظِهرَها بانها فعلاً ” أوهنْ من بيت العنكبوت “، كما وصفها، سيد المقاومة حسن نصر الله؛ فهي ( اسرائيل ) لم تواجه فقط صواريخ غزّة، وانما تواجه انتفاضة الشعب الفلسطيني باجمعه، وفي كل المدن الفلسطينية. الجرائم التي تقترفها بحق الغزاويين ، و الاستخدام المفرط لقوتها ضّدْ المدنيين يُعريها ، مرّة اخرى ، امام الرأي العام ، عربياً واقليمياً و دولياً، ويُفسد عليها مزايا التطبيع الجديد. ستبقى اسرائيل في واقعنا ليس الاّ كيانا غاصبا ومُحتلْا و غريبا و مآله الزوال.
*سفير عراقي سابق ورئيس المركز العربي الأوروبي للسياسات وتعزيز القدرات-بروكسا